hamda
hamda
أعمدة

أشعر بالوحدة

12 مارس 2018
12 مارس 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

الشعور بالوحدة سمة أبناء هذا الجيل على ما يبدو، وهو الذي يعيش في أفضل عصر مر على البشرية منذ نشأتها، فهو عصر التطور والرخاء والرفاهية حتى بالنسبة للشعوب الأكثر فقرا، إلا أن هذه الرفاهية جاءت معها بكثير من السلبيات من ضمنها هذا الشعور العارم بالوحدة الذي فرضته نوعية الحياة التي نعيش، وعلى رأسها الانتقال من أجل لقمة العيش، تاركين قرانا وأوطاننا وأسرنا وأصدقاء طفولتنا، البعض يتمكن من إنشاء علاقات جديدة، وإن ظلت محدودة فيما يفشل الكثيرون، وحتى هذه الوظائف التي شددنا الرحال من أجلها زادت أكثر من إحساسنا بالوحدة، فالزملاء تربطنا بهم علاقة عمل، ويسعى الكثيرون إلى إبقائها كذلك، فتختفي الحميمية والدفء منها، وتحل محلها روح المنافسة والتحدي والترقب. أضف إلى ذلك طبيعة الأعمال ذاتها، حيث يقضي الكثيرون منا ساعات طويلة في أعمال مكتبية مملة تفرض الجلوس لساعات طويلة أمام أجهزة الحاسب الآلي التي لا تدع لك مجالا حتى للحركة، فبرسالة نصية قصيرة لا تستغرق سوى ثوان، أو رسالة إلكترونية لا تكلف سوى بضع ضربات على لوحة المفاتيح تستطيع أن توصل رسالتك بشكل أسرع وأقصر دون أن تضطر إلى إضاعة وقتك في مقدمات من التحايا ومناشدة للعلوم، لقد زادت التقنية الحديثة من شدة العزلة التي يعشيها هذا الجيل الذي استعاض عن العلاقات الشخصية الحميمية الدافئة بعلاقات افتراضية فاقمت لديه الشعور بالعزلة. إن الوحدة ظاهرة خطيرة تكتسح المجتمعات اليوم، حيث تشير الدراسات إلى تفاقمها بشكل مخيف، وتؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والجسدية للأفراد، حيث تؤدي إلى انخفاض متوسط العمر لدى الأفراد أكثر من التدخين والسمنة، بما تسببه من أمراض القلب، والاكتئاب والقلق. ويمتد تأثيرها إلى بيئة العمل فوفقا لفيفيك مورثي في مقال حديث نشر في مجلة هارفارد للأعمال إذ إنها تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية في العمل، وتؤثر على التركيز، وتحد من الإبداع، وتؤثر على قدرة المسؤولين على اتخاذ القرار وحل المشكلات، الأمر الذي يستدعي -وفقا لفيفك- فعلا التدخل السريع من قبل الحكومات في تغيير أسلوب العمل، للحد من أضرارها.