إشراقات

فتاوى لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة

08 مارس 2018
08 مارس 2018

لم نقف على رواية صحيحة في أم الصبيان.. ولا يلزمنا الاعتقاد بشيء لم يدل عليه دليل قطعي دلالة ومتنا -

يرى كثير من الناس أن الوصية تكتب إذا تقدم بهم العمر، فمتى يمكن للإنسان أن يوصي؟ وهل يغير وصيته كلما تقدم به العمر؟

الإنسان مطالب بأن يحرص على الوصية دائماً منذ بلوغه الحلم، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يجد ما يوصي به أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة تحت رأسه»، وهذا يدل على عظم شأن الوصية، فمن واجب الإنسان أن يحرص على أن يوصي بما عليه من الحقوق ويوصي لأقربيه الذين لا يرثونه، فإن ذلك حق عليه، وأن لا يتمادى في ذلك، وبإمكانه أن يغيّر الوصية من حال إلى حال. والله أعلم.

رجل يريد أن يوصي فهل الأفضل أن يوصي للمسجد أم للمقبرة «لحفر القبور» أم لمدرسة «لمدرسيها وبنايتها»؟

أولاً يجب عليه أن يوصي لأقربيه الذين لا يرثونه، وهي وصية واجبة بنص القرآن، فالله تبارك وتعالى قال: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)، أما الوالدان فمن العلماء من قال بأن حقهما نسخ، ومنهم من خصه بالوالدين المشركين نظراً إلى أن المشركين لا يرثان، وقال الإمام أبو الحسن البسيوي بأن هذا القول هو الذي يعول عليه، فتجعل الآية الكريمة مخصصة بما دلّ من الروايات على أن المشرك لا يرث من المسلم فلهما حق في الوصية ولو كانا على الشرك، وهو قول وجيه. ثم إنه يجب عليه أن يوصي بما عليه من الحقوق التي لم يتمكن من أدائها في حياته، فما كان يخشى أن لا يؤديه في حياته من الحقوق فعليه أن يوصي به ليقضى عنه بعد مماته.

وبعد هذا فلينظر في حاجة الناس، هل هم بحاجة إلى مسجد، أو إلى وقف للمسجد، أو إلى أن يوصي للمسجد بشيء من أجل إصلاحه، أم أن الحاجة داعية إلى مدرسة للقرآن بحيث لم تكن المدرسة قائمة، أم أن الفقراء أحوج؟ فقد يرى أن الوصية لمدرسة القرآن أفضل، ولكن المدرسة قائمة ولها أوقاف كثيرة وليست بحاجة إلى مزيد، وقد يرى أن المسجد هو أفضل وأنه أولى بأن يوصي له، ولكن المسجد قائم وله أوقاف فاضلة عن حاجته فلا داعي لأن يوصي له، وإنما على الإنسان أن يتحرى، وأن ينظر حيث الحاجة، فحيثما تكون الحاجة فثم موضع الوصية. والله أعلم.

طلب أهالي بعض المناطق قطعة أرض من أراضي بيت المال لإقامة مجلس عام عليها ، فما مدى جواز ذلك؟

بما أن المجلس يشغل جانباً من أرض بيت المال فلابد من تعويضه بأرض أخرى لا تقل عن هذه الأرض ثمناً ولا سعة ولا دخلاً، أو أن يُبنى المجلس لبيت المال بحيث تكون ملكيته له. والله أعلم.

من الملاحظ استخدام كلمة صاع أو نصف صاع لمن يريد إطعام مساكين لأداء كفارة عليه.. فهل من الممكن أن توضحوا لنا كم يعادل الصاع حسب المقادير المستخدمة في زمننا هذا؟

الصاع وحدة كيل تقاس بها المكيلات وهو أربعة أمداد، والمد ملء كفي الرجل السوي الوسط، فهي إذن تعرفنا بالحجم لا بالوزن، لأن وزن المكيل يختلف بحسب كثافته وحجمه، ولذلك فإنه يقاس بوحدات قياس الحجم لا الكتلة، لكن بالتحري والقياس وجد أن متوسط وزن الصاع من الأرز يبلغ كيلوجرامين وخمسين جراما، لكن قد يكون المكيل ثقيلا كالطحين والتمر، وقد يكون خفيفا كالقطن وبعض البذور رغم أن حجمه واحد، والله أعلم.

ما رأي الشرع في ما يسمى بأم الصبيان ومدى صحة القول في أنها تجلب الضر للمرأة وخصوصا الحامل بإسقاط الحمل؟ جزاكم الله خيرا.

كثير من العلماء يعتبر أم الصبيان داءً يصيب الناس- عموما ومن ذكرت خصوصا- بعلل معروفة بأوصاف معينة، وكذا كثير من الروايات التي تذكر أم الصبيان تعتبرها داء، واعتبرها بعضٌ روحا شريرة أو جنية تضر البشر عموما ومن ذكرت خصوصا، ونحن لم نقف على رواية صحيحة في أم الصبيان مع كثرة الروايات فيها؛ لذا لا نقول ولا نعتقد في هذا إلا بقول الله سبحانه: (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) فالضر مهما كان نوعه فهو بمشيئة الله وتقديره الذي قد يبتلي بضر روحي أو نفسي أو عضوي، فإن أصابنا ضر صبرنا وطلبنا العلاج المشروع، ولا يلزمنا الاعتقاد بشيء لم يدل عليه دليل قطعي دلالة ومتنا، ولنتذكر أن علينا الاحتساب والتعلم من الضر واللجوء إلى الله والتضرع له بأسباب مشروعة ثابتة في الكتاب والسنة.. (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا)، والله أعلم.