1266927
1266927
مرايا

حين نتأرجح بالكلام - المجاملة أو الصراحة حسب الموقف والناس

07 مارس 2018
07 مارس 2018

كتبت- رحاب الهندي -

البعض غالبا ما يتحدث لمن يعرفه بقوله: تحدث بالحق أو أصمت. وما بين الحديث بالحق الذي يمتزج بالصراحة في بعض الأحيان، أو تخفيف عبء أو عيب في أحيان أخرى، وما بين التحدث مجاملة من أجل تلطيف الأجواء، هناك فرق يكمن في الموقف الذي يتعرض له كل منا.

فأيهما المطلوب في المجتمع؟ المجاملة أم الصراحة التي يتشدق البعض بقوله: أقول للأعور أعور بعينه، رغم أنها ليست من أخلاق المسلم في هذا الظرف، لأن الكلمة الطيبة صدقة. كثيرون تحدثوا معنا في هذا الموضوع كيف ممكن للصراحة أن تبني جسورا أو تهدمها، وهل المجاملة أقوى في علاقاتنا الاجتماعية.

تحدث إلينا حسن اللواتي ( أعمال حرة ) بقوله: المجاملة من ضمن السلوكيات التي تكسبك محبة الخلق، وحينما تستخدم بحكمة فإنها تفتح لك الأبواب المغلقة في حياتك العملية والاجتماعية وجميع نواحي الحياة، أو تعبر عن مدى التطور الثقافي للفرد والمجتمع.

نعم نحن هنا في السلطنة نجامل الوافدين المقيمين ونحسن معاملتهم، فلا يعقل أن أرفض أحدهم بالعمل معي بأسلوب الصراحة، لكني أجامله بكلمات لطيفه معتذرا عن قبوله كموظف أو عامل، لكني في نفس الوقت أكون صريحا مع الموظفين بأسلوب عملهم دون تجريح لشخصهم، لأن للعمل تقديره وأسلوبه.

أما في الحياة العامة ومع أناس لا نعرفهم، فالمجاملة مطلوبة، كأن تبتسم في وجوه الناس، أو ترد على تحيته بلطف لكن الصراحة غالبا مفروضة في البيت مع الزوجة والأولاد والأخوة، لكن أيضا بلطف وبلا تجريح.

وكان سؤالنا لحسن اللواتي: البعض يعتبر المجاملة نفاقا ماذا تعلق؟ ابتسم وأكمل: يكون النفاق فعلا موجود بأسلوب المجاملة حين تكون مصلحة لهذا الشخص، فيجامل من أجل المصلحة فقط، وغالبا ما يكتشفه الناس. فالمجاملة هي كلمات إطراء تخرج بصدق منك لمن أمامك بهدف كسب حبه، والنفاق هي كلمات تخرج منك وأنت غير مقتنع بها لمن أمامك من أجل تحقيق منفعة مادية، أي أن المجاملة صدق، أما النقاق فهو كذب محض.

بين النفاق والصراحة

منى الحارثية ( منسقه في إحدى الشركات ) أجابت بقولها: المجاملة مطلوبة في هذا العصر وسط كل هذا الزخم من التعامل مع جميع أنواع الناس، منهم المقربون في التعامل ومنهم الذين تتعامل معهم بشكل عفوي وسريع، لذا هناك فرق في المجاملة.

فيجب أن تكون مقتنعا أولاً بما تقول، فما يخرج من القلب يدخل إلى القلب، لذا إذا قررت أن تجامل شخصاً ما فعليك أن تبحث عن صفات حقيقة فيه، عليك أن تعمل جردا سريعا لتاريخه معك تستعرض فيه مواقفه وكلامه واهتماماته المختلفة، ومن خلال هذا الجرد ستكتشف فيه صفات حسنة كثيرة وموافق نبيلة صدرت منه في الماضي يمكن أن تبرزها له وتصيغها في مجاملة ترفع روحه المعنوية وتساعده على القيام بهذا السلوك الحسن مرات كثيرة، أما التعامل السريع الذي لم يسبق لك التعامل معه فما الضير من مجاملته بأسلوب حسن ولطف.

موقف وناس

تحدثت سميرة الوهيبية ( أخصائية نفسية) بقولها: يختلف الناس في تكوينهم من حضارة وثقافة وتربية تختلف عما نشأنا عليه، لذا في بعض الأحيان حينما تجامل مثل هذا النوع من الناس يكون في بعض الأحيان رد فعلهم من المجاملة محبطا بالنسبة لك، فقد تقول له مثلاً “انت مهندم الثياب جداً” فيرد عليك قائلاً ” هذا شيء طبيعي” أو ربما يقول لك مثلاً ” أعرف ذلك فأنت لم تأت بجديد”.

حينما تواجه رد فعل كهذا لا تتعصب وتجعل رد فعلك العكسي يدمر ما قلته من مجاملة، عليك أن تتفهم أن الذي أمامك شخص طبيعته خشنة، وأن مجاملتك أثرت فيه لكنه يقاومها ليوضح لك أنه واثق من نفسه، عليك أن تدرك أن مثل هذا النوع من البشر قد عانى كثيراً بالنسبة للموضوع الذي تجامله فيه وأنه تلقى تجريحا من قبل في طريقة ملبسه من أناس آخرين جعلته يتحسس تجاه هذا الموضوع، لذا أصبح خشناً جداً مع من يحدثه في هذا الموضوع حتى ولو كان من باب المجاملة، كن هادئا وابتسم، وقل “أنا فقط أحببت أن أؤكد ذلك لك»

واعترفت قائلة: أنا شخصيا أميل للمجاملة في تعاملي مع الناس لأن الصراحة هذه الأيام لا يتقبلها الغالبية، فأحيانا حين تكون صريحا مع شخص أخطأ بحق الأخر يرفض صراحتك وقد يعتبرك ضده، لذا من الأفضل المجاملة حتى يختفي النزاع بينهما.

المجاملة للغرباء

بدر الحوسني (موظف) أجاب بقوله: هل أجاملكم الآن وأقول أن جريدة عمان هي الأفضل أم أقول الصراحة! وضحك، ونحن نقول: نفضل الصراحة، فتابع قوله: شكرا على مجهودكم هذا ما أقوله.

لكن بالنسبة لرأيي في المجاملة والصراحة، فأنا دوما صريحا لدرجة الإزعاج كما يقول لي أهلي وأصدقائي، ولا أجاملهم أبدا، وذلك لأني أحبهم وأحب لهم الخير. فقد جاء صديق لي يسألني عن قراره بالزواج مرة ثانية، وكان معنا صديق ثالث وهو الذي شجعه وجامله، لكني كنت صريحا معه لدرجة أوجعته كما قال لي.

وأكون صريحا معكم، لو أن شخصا غريبا لأي سبب استشارني لجاملته، لأني لا أعرفه وليس من حقي أن أضايقه، فكل شخص حر بما يقرر، أما القريب والصديق فلا للمجاملة لهم. وأوضح: ولا أنكر أن صراحتي أبعدت بعضا من أصدقائي عني، لكنها في نفس الوقت قربت الكثيرين مني، وكل ما بيننا الحب والاحترام.