1267323
1267323
مرايا

د.عامر العيسري: وسائل الإعلام لها إيجابياتها ولكن يجب الحذر من سلبياتها على الطفل

07 مارس 2018
07 مارس 2018

تمكنت من احتلال مكانة خاصة في قلوب الناس -

تصوير- وكالة الأنباء العمانية -

الإعلام بكافة أنواعه يلعب دورا كبيرا في حياتنا، وبالطبع هذا قد ينعكس علينا بالسلب والإيجاب، ولا يتوقف تأثير الإعلام على الكبار فقط، ولكن له تأثير كبير وخطير على الصغار أيضا.

وأكد د.عامر بن محمد العيسري (خبير تربوي ومدير التعليم قبل المدرسي بوزارة التربية والتعليم) في ورقته «الإعلام الجديد للأطفال التحديات والمخاطر» التي ألقاها في ندوة «أطفالنا وإعلام المستقبل»، أن الإعلام تمكن من احتلال مكانة خاصة في قلوب الناس، حتى ليصعب عليهم تصور الحياة وقد خلت من وسائل الإعلام.

وأشار الى أن قضية الأطفال الإعلام الرقمي واستخدام الإنترنت لدى الأطفال تستقطب اهتماما متزايدا في العالم، حيث تتكثف الجهود لمحاولة معرفة حقيقة مخاطر الشبكة الرقمية على أجيال الغد من أكثر من زاوية في ظل ظهور دراسات تختلف في تقييم هذا الأثر، في حين تبدو بعض الدول أكثر حزما وحسما لتحصين ثروتها البشرية من خطر الإدمان الرقمي وما قد يسببه من آفات مدمرة للجيل الصاعد.

والمشكلة أن وسائل الإعلام قد تنوعت وتشعبت في السنوات الأخيرة مثل: الإنترنت وألعاب الحاسوب والهاتف الخلوي، الذي أصبح وسيلة إعلام خطيرة، وأصبحت الرسائل الإلكترونية المتبادلة خلاله من أسرع وسائل الإعلام شيوعا لأنها تتخطى كل الحواجز.

ولكن يوضح د. عامر العيسري أن للإعلام تأثير إيجابي وآخر سلبي، والتأثير الإيجابي هو:

* أن الإعلام المرئي يجمع بين الدور التثقيفي والتربوي والترفيهي.

* مخاطبة حاستي السمع والبصر عند المتلقي مما له أثر فاعل في جذب الانتباه، وهذا الأسلوب يعد من أهم الوسائل التعليمية المتميزة.

* قدرته على إشباع الاحتياجات الإنسانية لمرحلة الطفولة وبخاصة حاجات النمو العقلي مثل: الحاجة إلى البحث والحاجة إلى حب المعرفة وحب الاستطلاع، وغيرها.

* تنمية خيال الطفل وتغذية تطلعاته.

* لها دور بارز في ثقافة الطفل والتأثير في تنمية قدراته واتجاهاته.

* قضاء وقت الفراغ بما يفيده من برامج ومواقع الإعلام الرقمي والشبكة المعلوماتية التي تتناسب مع احتياجاته وعمره.

* تطوير لغة الطفل وأساليب تفكيره وطرق تعامله مع الآخرين.

كما أكدت بعض الدراسات أنه يمكن استخدام وسائل الإعلام الرقمية لدى الأطفال لتسهيل بناء ضبط النفس، ومهارات حل المشاكل، وتحسين قدرة الأطفال على متابعة الاتجاهات.

أما التأثير السلبي فهو:

* من أهم جوانب الخطورة في برامج الأطفال الإعلامية في العالم العربي اليوم اعتمادها على المضمون الأجنبي بقيمه ومفاهيمه وعاداته وسلوكياته.

ومن التأثيرات السلبية:

• أولاً: التأثير العقدي من خلال تقديم مفاهيم عقدية أو فكرية غير مقبولة.

• ثانياً: التأثير الأخلاقي تتمثل في تقديم القدوة السيئة وغياب القدوة الحسنة.

• ثالثاً: التأثير الأمني، ويتمثل في صورتين:

أ- ما تبنيه بعض البرامج من سلوك يدعو للعنف والجريمة والاستخفاف بالحقوق والدماء.

ب- زعزعة روح انتماء وولاء الطفل لأمته و وطنه بحيث يرتبط فكره وسلوكه وحبه وولاءه ونصرته لما تبنيه وترسخه هذه البرامج من قيم وثقافات مناقضة لثقافة أمته.

رابعا: التأثير المعرفي السلبي: من خلال تقديم معلومات مغلوطة أو أكاذيب وإشاعات واقناع الطفل بها، واستخدام لهجات محلية أو أجنبية أو أساليب خطاب تؤثر سلبا على تنمية لغة الاطفال (الديجلوسيا).

خامساً: التأثير الاقتصادي الاستهلاكي: وذلك بما تعرضه قنوات التلفزة ومواقع الإعلام الرقمي في أثناء تقديمها لبرامجها من الدعايات والإعلانات المبهرة لمختلف المنتجات، فيتأثر الأطفال بها بل يحفظوا ألفاظها، وتكون لديهم رغبة ملحّة في اقتناء تلك المنتجات بصرف النظر عن قيمتها المالية والغذائية، وقد يوافقهم الآباء على ذلك تحت الإلحاح والإصرار.

• سادساً: التأثير الجسمي (البدني): ويظهر ذلك في التأثير على بناء شخصية الطفل وعلى صحته، وجاء في التقرير الذي نشرته مجلة اليونسكو عن نتائج الاستطلاع الياباني المتعلق بتأثير وسائل الإعلام على الطفل: ((إن فيض المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام يعطّل تطور القدرات التأمليّة الخلاّقة لدى الأطفال)) كما يؤثر على مواعيد نمو الطفل ومواعيد تغذيته وطريقة جلوسه غير المناسبة عند التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة ، وتأثر صحة عين الطفل عند كثرة المشاهدة.

تأثير الرسوم المتحركة

بعدها تحدث د. عامر العيسري بالتفصيل عن تأثير الوسائل الإعلامية المختلفة التي يتعرض لها الطفل، حيث قال: الرسوم المتحركة، شأنها شأن ألعاب الحاسوب، تنوع الصورة والكلام لا حدود له، وهي تُعرَض على شاشات التلفزيون وفي محركات الشبكة المعلوماتية ؛ لذا فإن لها أوسع جمهور، وإضافة إلى ذلك فإن الكثير من الكبار يشاهدونها أيضًا، نظرًا لأنها تروِّح عنهم أعباء النهار بطرافتها، ويفرح الصغار جدًا عندما يشاركهم الأهل في مشاهدتها.

ولكن الرسوم المتحركة في أكثر الأحيان تروّج للعبثية وغياب الهدف من وراء الحركة والسلوك، والسعي للوصول للنصر والغلبة في خضم حمى السباق والمنافسة بكل طريق، فالغاية تبرر الوسيلة.

كما تعمل الرسوم المتحركة على تحريف القدوة؛ وذلك بإحلال الأبطال الأسطوريين والخرافيين بدل الأئمة المصلحين والقادة الفاتحين، وعلى سبيل المثال تجد الرجل الخارق Super man، والرجل الوطواط Bat man، والرجل العنكبوت Spider man، وغيرهم من الشخصيات الوهمية التي لا وجود لها بحيث تضيع القدوة في خضم القوة الخيالية المجردة من أي بعد إيماني.

وكل هذا ينطبق على ما تبثه بعض المحركات في الانترنت من برامج ومقاطع فيديو تكون لها تلك الآثار السلبية التي تطرقنا لها.

تأثير الإعلام والانترنت

واضاف الخبير التربوي ومدير التعليم قبل المدرسي قائلا: لا شك في ان التطور الذي طرأ على البشرية ألقى بظلاله على جميع مرافق الحياة فيه إذ شمل جميع مفاصلها وتركيباتها خصوصا الاجتماعية منها حتى كاد لا يستثني شيئا منها ولا أحدا فيها.

ولم تكن وسائل الإعلام بمنأى عن ما حدث إذ أنها أصبحت الوسيلة الفاعلة والمساهمة والمؤثرة في صياغة التطور الاجتماعي للشعوب حيث كان نصيب الأسرة بشكل عام والأطفال على وجه الخصوص كبيرا من ذلك التأثير. وتراجع دور القيم في تأثيرها على الأفراد لصالح الإعلام ووسائله فغابت أو كادت أن تغيب عادات وتقاليد الأسر وعراقتها وتقلص دور الأسرة والمدرسة وأصبح كلاهما في قبضة الإعلام ووسائله.

وتأسيسا على حقيقة ان الأطفال عماد المستقبل ومنجم الفكر كان يجب أن يكون لهم عناية خاصة ولعقولهم اهتمام بالغ، فالطفولة تعتبر من أهم مراحل البناء الفكري وأفضل المراحل العمرية لتعليم واكتساب المهارات، علمية كانت أو معرفية.

و لما كان الأطفال بطبيعتهم لا يحبون الالتزام ويشدهم دوما اللهو واللعب والتسلية ويغلب عليهم طابع الفضول لأجل معرفة المزيد، لذا يجدون ضالتهم في وسائل الإعلام كالتلفزيون والإنترنت كي يملأ عليهم فراغهم ويتناغم مع خصوصيتهم، الأمر الذي سهل مهمة الإعلام في تأدية رسالته في ظل وجود متلق مستعد لاستلام هذه الرسائل فتمت قيادة مجتمعات بأسرها ابتداء بشريحة الأطفال ومرورا بالكهول فانتهاء بالأجداد.

وبما أن جهازي التلفزيون والانترنيت بشكل رئيسي هما احد أهم مفاصل هذه الوسائل بصفتهما الوسيلتين اللتين تقدمان الصورة والصوت ومزايا تكنولوجية أخرى كثيرة معا، فقد كانا أكثر هذه الوسائل مساهمة وأشدها تأثيرا على الأفراد خصوصا شريحة الأطفال منهم.

تأثير الدعايات الإعلامية

كما شرح د. عامر العيسري تأثير الدعايات الإعلامية، فأوضح إن الدعاية هي أكثر وسائل الإعلان التي يتأثر بها الطفل، نظرًا لما تستخدمه من صور متنوعة، بالإضافة إلى الموسيقى المصاحبة التي تشد الأطفال بدءًا من سن السنتين أو الثلاث. من هنا يأتي التأكيد على الاهتمام بنوعية ما تقدمه هذه الدعايات للأطفال من مواد.

والأمر هنا كذلك نسبي؛ ويجب توعية القيِّمين على وسائل الإعلام لتوجيه هذه الدعايات لمصلحة الطفل. فمثلاً، عند الإعلان عن بضاعة ترويجية نشترط عليه أن يقوم بعمل صحي يخدم صحة جسمه.

و يمكن للدعاية، على بساطتها، تقديم قيم اجتماعية، إذ نجد أن بعض المعلنين يأخذون منحى لفت النظر إلى بعض العادات غير المحببة في مجتمعنا بطريقة سلسة جدًا، فيتقبَّلها الإنسان بدون تفكير، وفي هذه الحالة يقوم الإعلان فعلاً بدور إعلامي إيجابي التوجيه، كمثال سلسلة دعايات Pampers التي تنتقد الحوار بين الزوجين بطريقة ذكية وبنَّاءة.

دور أولياء الأمور

ثم تحدث المحاضر عن دور أولياء الأمور في حماية اطفالهم من تأثير الإعلام، فقال: يضع الدكتور «ديفيد إنجلاند» مؤلف كتاب «التلفزيون .. وتربية الأطفال» أن هناك بعض القواعد المحددة التي يسهل إتباعها في المنازل بشأن مشاهدة أطفالهم للتلفزيون، وهي تزيد من فائدة مشاهدتهم له، وتقلل من الجوانب السلبية التي تحدث الآن. هذه القواعد هي:

1ـ كونوا متأكدين دوماً أن أطفالكم لديهم سبب جيد ومحدد لمشاهدة ما يبغون مشاهدته، وإذا لم يكن لديهم هذا السبب، أو فكرة واضحة ومحددة عما يشاهدون، فبادروا فوراً إلى إغلاق الجهاز .

2ـ ينبغي أن تصروا على أن يشاهد أطفالكم برنامجاً واحداً في الجلسة الواحدة، إذ إنه من النادر جداً أن نجد برنامجين يستحقان المشاهدة يذاعان واحداً وراء الآخر مباشرة، و من هنا ينبغي أن تقللوا ـ قدر المستطاع من عملية استمرار المشاهدة.

3ـ تدخلوا للحد من «المشاهدة التلقائية Spontaneous Viewing» وخططوا لجلسات مشاهدة لكل أفراد العائلة مسبقاً، حيث إنه بدون التخطيط، بل بدون وضع جدول للمشاهدة، يصبح من الصعب ضبط عملية المشاهدة وطول مدتها.

4ـ ينبغي أن يكون هناك واحد من أولياء الأمور ليتقاسم المشاهدة مع طفله أو أطفاله، إن هذه القاعدة وحدها يمكن أن تكون ثورة في عالم مشاهدة التلفزيون للأطفال، بل ولاستخدام التلفزيون عامة.

5ـ فتشوا عن برنامج واحد- على الأقل- يكون ممتازاً، كل أسبوع، واجعلوا منه خبرة طيبة يستفيد منها الأطفال، بحيث يمكن أن يثار- بعد مشاهدته- عدد من الأسئلة، أو أن تنظم رحلة إلى الخلاء، أو زيارة المكتبة أو غيرها.

6ـ راقبوا جيداً ما يشاهده أبناؤكم، إن البعض منكم قد يصابون بالدهشة حين يفعلون ذلك، وكونوا إيجابيين بالتدخل إذا تطلب الأمر ذلك.

7ـ لا تستعملوا مشاهدة التلفزيون، عقاباً أو ثواباً، إن معظم الأطفال لديهم تقدير خاص له، فلا تعملوا على زيادة هذا التقدير، و لا تدفعوهم نحو الرغبة فيه أكثر.

8 ـ كونوا نماذج طيبة لأبنائكم، وراقبوا أنفسكم وحاسبوها فيما تشاهدون على الشاشة الصغيرة، واسألوا أنفسكم- بأمانة- عن البرامج التي تسمحون لأنفسكم بمشاهدتها، وفكروا.

9 ـ شجعوا غيركم على فكرة تدريس التلفزيون في مدارس مجتمعاتكم المحلية، حيث إنها لم تصبح فكرة شائعة بالقدر الكافي بعد.

10- يتطلب الأمر من الأبوين الاستخدام الانتقائي لوسائل الإعلام، والإشراف على ما تتم مشاهدته. من ناحية أخرى تنبغي مقاومة إغراء اعتبار التلفزيون وسيلة مريحة لتسلية الأطفال، والتأكيد على قيمة الأنشطة اليدوية والذهنية والألعاب التي لا تتطلب التعرض لأي نوع من الشاشات، يساعد على ذلك تنمية المهارات لدى الطفل منذ سن مبكر ليتعلق بالأنشطة والهوايات.

وأشار إلى أن هذه النصائح تنطبق أيضا على باقي وسائل الإعلام الرقمي.