1265823
1265823
المنوعات

فواز طرابلسي قارئا سايكس بيكو: لا علاقة للاتفاقية بالتقسيم العربي ولا بلفور بالوعـد المشـؤوم

03 مارس 2018
03 مارس 2018

كتب ـ عاصم الشيدي -

فاجأ الدكتور فواز طرابلسي حضور معرض مسقط الدولي للكتاب عندما قال إن اتفاقية «سايكس بيكو» الشهيرة لا علاقة لها بالوضع الحدودي القائم اليوم في العالم العربي، وإن صاحبي وعد بلفور «المشؤوم» هما سايكس وبيكو، وأن بلفور وضع توقيعه على الوعد فقط. مؤكدا أن الاتفاقية التي نعيش تداعياتها اليوم في العالم العربي هي اتفاقية «سان ريمو» الذي ألغى الدولة العربية التي أقرتها «سايكس بيكو» للشريف حسين.

وكان مؤتمر «سان ريمو» قد عقد في إيطاليا عام 1920 بعد إعلان سوريا استقلالها ومناداتها بالأمير فيصل ملكا عليها في المؤتمر السوري العام في الثامن من مارس من العام نفسه. وكان من نتائج هذا المؤتمر «سان ريمو» أن وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي والعراق تحت الانتداب الإنجليزي، وفلسطين وشرق الأردن تحت الانتداب الإنجليزي أيضا مع الالتزام بتنفيذ وعد بلفور.

وألقى طرابلسي محاضرة في معرض الكتاب الخميس بعنوان «إعادة قراءة لاتفاقية سايكس بيكو» قدمه فيها الدكتور البحريني حسن مدن.

وفواز طرابلسي كان نائبا للأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي في لبنان مطلع سبعينات القرن الماضي قبل أن يغادر المنظمة عام 1984، وله الكثير من المؤلفات والترجمات التي قدم فيها للعالم العربي المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي إضافة إلى المفكر العربي إدوارد سعيد.

وقال طرابلسي إن ما حدث في تلك المرحلة من التاريخ العربي هو إعادة تشكيل للدولة العثمانية وليس تجزئة لها لأن السلطنة العثمانية لم تكن وحدة واحدة. مشيرا أن «سايكس بيكو» و«بلفور» أورثونا هاجس الوحدة والتجزئة، وتم استغلال هذا الهاجس ليغطي على العملية الاستعمارية باسم الوحدة والتجزئة، وما زال هذا الهاجس موجودا اليوم وكل العالم العربي ينتظر بعد مرور 100 سنة على تلك الاتفاقية متى سيعاد رسم خارطة المنطقة.

وحسب طرابلسي فإنه يعكف حاليا على كتابة كتاب يعيد فيه قراءة اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور، مشيرا أنه منذ استيلاء تنظيم داعش على الموصل بدأ العالم كله الحديث عن «سايكس بيكو» جديدة في حين لا نملك في العالم العربي تاريخا مكتوبا عن هذه الاتفاقية.

وقال طرابلسي إن اتفاقية سايكس بيكو كانت تنص على وجود دولة عربية، وسيطر على البريطانيين في تلك المرحلة هاجس كسب المسلمين من الهند إلى البلاد العربية ولذلك فكروا في الإيتاء بحاكم عربي يحل محل السلطان العثماني، وكانوا ينظرون بشكل جدي في دولة الشريف حسين لتكون دولة مستقلة وفي أصعب الظروف تشكيل كونفدرالية عربية.

وقال طرابلسي إن المأساوي في وعد بلفور أنه قرر عدم حق فلسطين في تقرير مصيرها ولا أن تكون لها أي حقوق سياسية، لكنها أكدت على عدم المساس بالحقوق المدنية أو الدينية.

وعند هذه النقطة توقف المدخل النظري الذي تحدث به طرابلسي في المحاضرة ليبدأ النقاش بسؤال للدكتور حسن مدن: هل آن أوان نهاية الخارطة التي رسمتها سايكس بيكو؟ وكان جواب طرابلسي إن هذا سؤال من الماضي، وسايكس بيكو ليست خرائط فقط، ونحن في العالم العربي نسمي «سان ريمو» سايكس بيكو، في حين أن سان ريمو هي المسؤولة عما يحدث وحدث في العالم العربي. وطرح طرابلسي سؤالا بهدف توضيح الفكرة: ماذا فعل الحكام العرب بعد إعلان الاستقلال؟ لماذا بقيت الحدود نفسها؟ أما عن الأوان فهو قد آن منذ أن كانت الاتفاقية.

ثم قدمت بعض المداخلات خلا أغلبها من الأسئلة واكتفت على التأكيد على بعض الأفكار التي طرحها طرابلسي، قبل أن يعود الحديث مرة أخرى لصاحب المحاضرة الذي أكد أن ما يقال حول سرية اتفاقية سايكس بيكو غير صحيح ومضمون الاتفاقية تم عرضه بعد أيام على الشريف حسين، وأن العالم أجمع كان يعرف بالاتفاقية يوم 23 نوفمبر من عام 1917. وأُخبر الشريف حسين أن الاتفاقية تعطيه دولة عربية ولكن لا بد أن يسمح لبريطانيا بالعراق وكان جواب الرجل، حسب طرابلسي، لا بأس أسمح بتأجير العراق للإمبراطورية البريطانية لمدة 25 سنة. وأكدوا له «بريطانيا وفرنسا» أنهما لن يتصرفا في الساحل السوري دون الرجوع له.

ونفى طرابلسي نفيا قاطعا أن المنطقة لا تستطيع تقرير مصيرها إلا بما يقرره الآخرون، وقال ردا على سؤال الحضور: هذه المنطقة قاومت وما تزال تقاوم ونتذكر ما حدث في عام 1920 و1929 و1935.

وسخر طرابلسي من فكرة تقسيم العراق، قائلا إذا كان الغرب يريد التقسيم بهدف النفط، كيف نتقبل هذه الفكرة ونفط العراق مقسم بين الجنوب وبين الشمال، ولماذا لم يتم تقسيم العراق منذ 100 سنة هي عمر سايكس بيكو، مشيرا أن الأنظمة العربية هي أكثر من قسم العالم العربي، وأن التسليم بأن ما يجري لا علاقة لنا به وإنه مؤامرة خارجية ما هو إلا تمويه تمارسه سايكس بيكو علينا لا أكثر.

ونادرا ما تطرح مثل هذه الأفكار في العالم العربي حول اتفاقية سايكس بيكو أو وعد بلفور، لكن في المقابل لم تلق أفكار طرابلسي في المحاضرة نقاشا عميقا من قبل الحضور.