1261956
1261956
المنوعات

حفلات التوقيع في المعرض.. احتفاء بالكاتب أم تسويق تجاري للكتاب؟!

27 فبراير 2018
27 فبراير 2018

تختلف حولها الآراء ويكثر الحديث عنها -

تحقيق: بشاير السليمية -

يقول سالنجر على لسان هولدن كولفيلد في رواية الحارس في حقل الشوفان: «إن الكتب التي تثير اهتمامي بالفعل هي تلك التي عندما أنتهي من قراءتها أرغب في أن يكون المؤلف صديقا عزيزا لي، وأستطيع أن أخابره بالتليفون في أي وقت شئت. ولكن ذلك لا يحدث كثيرا.»

إن ما يحدث كثيرا هذه الأيام في معارض الكتب هو لقاءات الكتّاب والقراء والناشرين والكتب في حفلات التوقيع، وباعتبارها عادة يجمع عليها البعض أو يختلفون حولها، تجولنا في معرض مسقط الدولي الـ23 للكتاب لنستطلع آراء الكتاب والقراء والناشرين، عن أهمية حفلات التوقيع لكل منهم كما يرونها من مواقعهم.

ما قاله الناشرون

تقول رنا إدريس (ناشرة من لبنان) عن حفلات التوقيع: «حفلات التوقيع ليست بتقييم لجودة العمل من عدمه طبعا، والحضور المكثف لحفلة توقيع ما لا يعني أن العمل سيكون رائجا فيما بعد لأنه من الممكن أن هذا الحضور هو الحشد الذي جاء به المؤلف من معارفه وعندما تنتهي الحفلة، لا يلتفت القارئ العادي للكتاب، فإذن هي ليست دليلا لأي شيء.»

وأضافت إدريس: «لكنها تبقى ظاهرة جميلة للمؤلف نفسه هي مثل العرس للكاتب يتجمع فيها كل أحبابه وقرائه وهذا أيضا يدعم دار النشر خاصة تلك التي تنشر لمؤلف مبتدئ مثلا لابد أن تكون هناك طريقة لتغطية مصاريف الدار وهي أن نقيم حفل توقيع ليدعوَ كل معارفه والدار كذلك ستدعو قراءها ليحضروا هذا التوقيع، ولنعد ونقول: إنها ظاهرة ليست مضرة بالضرورة، وعلى كل حال هي فرصة للتعاطي المباشر بين الكاتب والقارئ، والكاتب دائما يحب أن يعرف من هو قارئه.»

وتحدث إيهاب محمد (ناشر من لبنان) عما تشكله الحفلات من اجتذاب للقارئ قائلا: «حفلات التوقيع هي لتعريف الناس بالمؤلفين، خصوصا أولئك الذين لم يعرفهم الناس بعد، فحفلات التوقيع تجذب القارئ، وتشكل نسبة مبيعات جيدة في المعرض فعندما يدعو الكاتب أصدقاءه ويحضر الصحفيون فكل هؤلاء سيبتاعون نسختهم الخاصة، وهي مهمة حتى يتواجد جمهور أكبر بالجناح، وهذا الجمهور من الممكن أن يلتفت لكتب أخرى معروضة في الجناح، وهذه أهمية اقتصادية ومادية للدار.»

وأضاف: «منذ سنتين عندما توفي الشاعر حمد الخروصي وعلي الزويدي، أحضرنا أطفالهما وأقمنا حفلة توقيع فبعنا كل الكمية التي كانت متواجدة في الركن.»

فيما تحدث جهاد أبو حشيش (ناشر من الأردن) عن الأهداف المشتركة لحفلات التوقيع: «بداية هناك عدة أهداف من أي حفل توقيع ،بالنسبة لنا في الدار نسعى لها ويسعى لها الكاتب أيضا، من أهمها الترويج للكتاب والتعريف به، وإيجاد تواصل مباشر مع القارئ وبالتالي إيجاد علاقة قريبة وودية بين القارئ والكتاب وكاتبه بشكل مباشر، إضافة إلى التركيز على الذاكرة البصرية ضمن وجود القارئ، حيث أنه يتعامل بصريا مع الكتاب، ويتعامل أيضا مع الكاتب، وبالتالي هو يتعامل أيضا مع دار النشر، أنا كناشر أهتم بحفلات التوقيع ليس هنا فقط ولكن في كافة المعارض العربية.»

وأضاف: «لو تحدثنا عن كاتب في البدايات فهذا الأمر مهم جدا له، وأجواء المعرض ستساعد بلا شك سواء الحضور القصدي أو التلقائي. أما إذا كان الكاتب معروفا فبالتأكيد هناك رؤية أو فكرة لدى القارئ عنه، وسيكون إيجابيا لدار النشر أيضا من حيث إنه لن يجذبهم للكتاب فقط وإنما للدار نفسها، وهذا ما نعمل عليه إعلاميا خاصة وسط هذا الكم الهائل من الكتب.»

ما قاله الكتّاب

يقول عبدالله حبيب (كاتب عماني) عن حفلات التوقيع خاصا بالذكر حفلة توقيعه: «حفلات التوقيع من تقاليد معارض الكتب، وهو تقليد حميد، لأنه يروج للكتاب، والكتاب سلعة ينبغي أن يروج لها، وهي فرصة لبعض القراء لأن يلتقوا بالكاتب شخصيا ممن عندهم هذا الهاجس، وهي مناسبة لالتقاء الكتاب ببعضهم أيضا إضافة إلى اللقاء بعامة الجمهور.»

وأضاف: «أما في حفل توقيع اليوم فحظي كان سيئا بصورة خاصة في هذا الحفل، فالطريق كان مزدحما، كما إني تهت في أروقة المعرض بعد ذلك، فلم أتمكن من الحضور هنا إلا بعد 45 دقيقة وأخبروني أن أناسا كثيرون قد جاؤوا وانصرفوا.»

تقول هبة مندني (كاتبة من الكويت) عن حفلات التوقيع بالنسبة لها بصفتها كاتبة: «حفلات التوقيع بالنسبة للكاتب شيء جميل، لأنها تمكّن الكاتب من مواجهة القارئ المتحمس لقراءة ما كتب بعيدا عن أي حواجز أخرى وهذه نقطة تواصل بين الكاتب ومعجبيه من القراء، ومنها يأخذ انتقاداتهم لإصداراته السابقة وما أعجبهم وما لم يعجبهم في كتاباته وفي طرحه للمواضيع في كتبه، وإذا نظرنا من زاوية دور النشر فهي مسألة تجارية وتسويقية صحيحة، ولا مانع فيها ولكن الكاتب الحقيقي هو الذي يستقطب قراءه لأن وجوده المباشر بينهم شيء مهم.»

أما رأي حمد الشريعان (كاتب من الكويت) فبدا مغايرا نوعا ما بقوله: «لا أجد أهمية شخصية لحفل التوقيع، فالأهم تقدير الكتاب وليس الكاتب. قد يعني الحفل أحياناً للقارئ، فمن الطبيعي أن تكون هناك رغبة لدى القارئ في التعرف على الشخص الذي صنع الحكاية التي عاش معها لفترة زمنية. قد يبحث البعض عن الأضواء من خلال الحفلات، وأعتقد أن الكتاب من يستحق الضوء أكثر من الكاتب، لأن القارئ يضع صورة ذهنية للكاتب من الممكن أن يقتلها اللقاء. من الجميع التقرب من القراء والتحدث معهم عن الكتاب لمعرفة التعليقات والملاحظات كي يتجنبها الكاتب في الأعمال القادمة.»

وأردف: «حفل التوقيع يكون غالباً للقارئ المحب أو الكاتب الباحث عن الضوء، لذلك لا أفضلها كثيرا لأنني أريد الضوء أن يسلط على أفكار الكتاب، فالرواية خلق عالم لوضع مفاهيم وقيم جديدة أو الدفاع عن وجهات نظر وحمل قضية، لذلك المهم هو المحتوى ليس وجود حفل من عدمه.» وتصف نور الجواد (كاتبة من الكويت) أهمية هذه الظاهرة للإصدارات الجديدة قائلة: «حفلات التوقيع بالنسبة لي خطوة ضرورية لابد أن أقوم بها، في حالة إصدار كتاب جديد لأن الجمهور بحاجة لأن يلتقي بالكاتب، يشرح لهم وجهة نظره، والفكرة من الكتاب، واللقاء هذا سيقرب بينهم ويعرفونه أكثر ويفهمونه أكثر عندما يقرؤون الكتاب، وأنا دائما ما ألتقي بالناس وأسمع آراءهم وهذا يسعدني جدا.»

ما قاله القراء

تكلمت سارة الفارسي (قارئة عمانية) عن الأهمية التحفيزية الناتجة عن توقيع كاتب معين لها قائلة: «بالنسبة إليّ وجود الكاتب ولقائي به -كوني أقرأ قليلا- وحصولي على توقيع كاتب معين هذا تحفيز لي، ويشجعني على قراءة الكتاب، وجربتها من قبل مع أكثر من كاتب.»

وتحدث زكي الحجري (بصفته قارئا) عن التوقيع الحقيقي قائلا: «يهمني الكتاب، ولا يهمني توقيع المؤلف على الكتاب، التوقيع الحقيقي للمؤلف، هو ما كتبه داخل الكتاب، عندما يقع على عقلي وينعكس على تفكيري وسلوكي هذا هو توقيع المؤلف. إلا إذا صادف أني تعرفت على الكتاب لأول مرة من خلال الإعلان عن حفلة توقيع عندها سيكون الموضوع ربما بالمصادفة.»

***

في المجمل يبدو أن المصالح المتشابكة بين الناشر والكاتب والقارئ ساهمت كثيرا في نشوء هذه الظاهرة في معارض الكتب وكرست لها، وهي وإن اختلفت الآراء حولها ورفضها البعض إلا أنها ستبقى قائمة ما بقيت تلك المصالح.. وفي الختام هي من أهم ما يميز معارض الكتب سواء في العالم العربي أو في الغرب.