1259877
1259877
المنوعات

الطالبات يبحثن عن الرواية وتطوير الذات .. والكاتب: لا نسوّق ولكن نحاول القراءة

25 فبراير 2018
25 فبراير 2018

مشاهـدات فـي معـرض مسـقط الدولـي للكتـاب -

متابعة - عاصم الشـيدي -

لم تطل نجلاء الفارسية البحث في قاعات معرض مسقط الدولي للكتاب، كانت تحمل ورقة في يدها كتبتْ عليها العناوين التي تريدها. أول مكان زارته نجلاء دار سما، وهي دار نشر كويتية تهتم بكتب تطوير الذات والروايات التي تخاطب فئة المراهقين بشكل خاص.

كانت نجلاء تحمل مجموعة كتب ظهر منها عنوان «كاريزما الأنوثة»، وعندما أخبرتها أنني صحفي وأرصد الكتب التي تشتريها الطالبات تحفظت في عرض بقية العناوين التي اقتنتها من المعرض ولم ترد التعريف باسم مدرستها أو كشف تفاصيل أخرى عنها، لكنها تحدثت بأريحية وقالت: إنها تحب الروايات كثيرا، بل إن عشرا من صديقاتها اللاتي ترافقهن في الحافلة سيشترين روايات ومن دور نشر بعينها بعض عناوينها تم الاتفاق عليها في الحافلة، لكن نجلاء طالبة الصف العاشر لم تستشر معلمتها قبل أن تشتري كتبها ولم تستشر والديها حول ما إذا كانت الكتب التي أخذتها تتناسب مع عمرها.

وكان واضحا إقبال الطالبات أمس على الروايات، والروايات الصادرة بشكل خاص عن دور نشر بعينها، وأغلبها دور نشر كويتية، مثل دار سما، ودار بلاتنيوم ودار كلمات، وذات السلاسل وهي دور نشر تستضيف المؤلفين ليتحدثوا مع الزوار، وهو ما اعتبره البعض نوعا جديدا من أنواع تسويق الكتب.

ثريا بنت أحمد الرواحية طالبة بالصف السادس في مدرسة زينب بنت النبي كانت تبحث في زوايا المعرض تستبق الوقت قبل موعد المغادرة. تقول ثريا: إنها تأتي للمعرض للمرة الثانية، وأنها تحب قراءة الروايات، والروايات الواقعية بشكل خاص، كما تقول، ولذلك اشترت رواية «دمعة على خد الزمن» للكاتبة نورة حمد الغانم وهي من إصدارات مؤسسة بحسون، لكن هذه الرواية الأولى لها وهي ما زالت في بداية رحلة بحثها عن بقية الروايات. أما زميلتها في الصف والمدرسة ريّا بنت محفوظ الراشدية فهي على عكسها، لا تحب الروايات أبدا، وهذه زيارتها الأولى للمعرض وتبحث فيها عن الكتب العلمية، وكتب الثقة بالنفس، وتطوير الذات وعندما سألتها لماذا تحتاج لمثل هذه الكتب في تطوير الذات قالت بثقة: أحب أن أطور نفسي أكثر، وأن تكون لدي معلومات خارج المنهج الدراسي.

أما حُور بنت صلاح الريامية طالبة بالصف العاشر في مدرسة زبيدة أم الأمين فكانت تحمل عددا من الروايات بينها رواية «هدباء» لحنان القطان، ورواية «يوم في حياة مريعة» لرندا الشيخ، ورواية «حلم البنفسج» للكاتب ودق طارق، وعمري الـ20 للكاتبة غيداء ناصر. سألت حور حول ما إذا كانت قد حصلت على رواية لكاتب عماني، فأعادت السؤال نحوي: كيف يعني عماني؟!. قلت لها كتاب كتبه كاتب عماني، فقالت: لم أعرف أن هناك كاتبا عمانيا كتب رواية!.

صديقتها في الصف والمدرسة أيضا ريّان بنت كامل آل موسى كانت تحمل أيضا مجموعة من الروايات بينها رواية «خاطري» لهنادي الهاشمي، و«هل أنتمي إليك» لسارة الحملي، ورواية «ملاذ.. الصندوق الأسود للبنات» وهي للكاتب الكويتي عبدالوهاب الرفاعي صاحب دار سما. ورواية «هيوحين.. نيؤة العرافة» للكاتب محمد جمال. قلت لهنّ لماذا لا تحملن كتابا شعريا على سبيل المثال: قالت حور: أنا أحب الروايات فقط لا أحب قراءة الشعر، وهذه الروايات التي اشتريتها روايات جميلة.

حمود الإبراهيم مدير العلاقات العامة في دار سما الكويتية يقول: إن دارهم أحضرت مئات العناوين لكن 70% منها كتب في التنمية البشرية، و10% منها روايات و10% سير.

وشهدت هذه الدار أمس إقبالا كبيرا من قبل طالبات المدارس حتى أنهنّ أحدثْن زحاما كبيرا أمامها. وعندما سألته عن أكثر العناوين التي بحثت عنها الطالبات قال: أغلب عناويننا تشهد إقبالا كبيرا ولكن هناك أربعة كتب شهدت إقبالا أكبر وهي: كاريزما الأنوثة، وكن بخير، وأسرار علم الشخصيات، ومسرح المشاعر.

وحول ما إذا كانت الدار تضع الطالبات أمام الروايات المناسبة لأعمارهن والروايات غير المناسبة قال بشكل قاطع: الروايات التي لا تتناسب مع أعمار الطالبات لا نبيعها لهن أبدا، مشيرا إلى أن إقبال الطالبات إضافة إلى أن الروايات تتجه ناحية كتب التنمية البشرية.

أما دار نوفا بلس وهي دار نشر كويتية أيضا فتحدث منها سعد البدر وهو كاتب وصحفي رياضي في جريدة القبس الكويتية يرافق دار نوفا لمسقط فيقول: إن 98% من الذين يقبلون على دار نوفا هن من الإناث. ويقول سعد الذي كان يسير وسط زحام الطالبات اللاتي تجمعن حول جناح الدار: نحن نهتم كثيرا بمعرض مسقط الدولي للكتاب، ونعتبره من أكثر المعارض في القوة الشرائية، وبالنسبة لدار نوفا فإن معرض مسقط يأتي مباشرة بعد معرض الكويت من حيث الأهمية التسويقية لنا. وزوار جناحنا يأتون وهم يحملون القوائم الجديدة من إصداراتنا وهذا الأمر من النادر أن نشاهده في معارض كتب أخرى.

وحول أكثر الكتب رواجا في الدار قال سعد: مؤلفات صاحب الدار عبدالوهاب سيد الرفاعي وعندما سألته عن السبب قال: لأن رواياته تعالج قضايا الغموض، وهذا النوع من الروايات مرغوب جدا عند الشباب والمراهقين منهم بشكل خاص. كما تشهد رواية ملاذ، ومحفوظات مدفونة وحالات نادرة «سلسلة» الكثير من الإقبال والرواج. ولما سألته عن الشباب والشابات الموجودين في الدار قال لي: هؤلاء هم بعض المؤلفين جاءوا من أجل الالتقاء بالقراء. قلت له ألا تعتقد أن هذا أسلوب من أساليب الترويج والتسويق التي قد لا يحبها بعض الكتاب ويرون فيها بعضا من التقليل من شأنهم رد بشكل سريع: لا أبد. الجمهور يتفاعل جدا مع هذه الطريقة، ويحب أن يقوم الكاتب بنفسه بشرح كتابه وفكرته وتفاصيله وإقامة حوار مع القراء. ودار النشر نفسها التي تقوم بدعوة الكتاب وتتحمل جميع نفقاتهم من أجل أن يتواجدوا في الدار للتوقيع على كتبهم بشكل شبه يومي.

وسعد البدر نفسه يقوم بشرح كتبه الموجودة في الدار والتي من بينها رواية «شيء يشبه النسيان» ورواية «ثم هوى».

دار كلمات هي الأخرى لقيت الكثير من الإقبال أمس من قبل الطالبات، وعندما تحدثت إلى مدير المبيعات فيها وليد حسن قال: إننا نلقى إقبالا كبيرا في معرض مسقط الدولي للكتاب ومن أكثر كتبنا الرائجة كتب: حديث المساء وحديث الصباح لأدهم الشرقاوي، والشرقاوي أكثر الكتّاب لدينا رواجا ولا تقتني كتبه الفتيات فقط بل كل الأعمار تبحث عن كتبه وتقتنيه. لكن هناك كتبا أخرى رائجة جدا في دار كلمات مثل «إذا الصحف نشرت» ورواية «على حيطان الجيران» لشهرزاد ورواية «شيء لم أخبرك به» وهي رواية مترجمة لسليسني إنغ وكتاب «وما صاحبكم بمجنون». وعندما قلت له إن البعض يعتبركم دار نشر للمراهقين قال محتجا: هذا غير صحيح أبدا، نحن نركز على جميع المراحل، ولدينا كتب لا يمكن أن يعيها المراهقون أبدا، أدهم الشرقاوي هو الأكثر مبيعا لدينا ويقرأ كتبه الجميع، ثم وضع على الطاولة خمسة كتب وقال: هل هذه تخص المراهقين؟!.

وفي دار بلاتينيوم بوك كانت تقف الكاتبة الكويتية هبة مندني وتوقع لمجموعة من الطالبات على أحد كتابها «وداعا معشر الإنس». وعندما طلبت الحديث معها حول ما إذا كان وجودها المستمر في الدار للتوقيع على كتابها يعتبر نوعا من التسويق قال: لا أعتقد ذلك، الكتاب بالنسبة لي مثل الابن الصغير، ووجودي هنا هو وجودي مع ابني، وهو دعم لدار النشر أيضا ومن أجل التواصل مع القارئ وفتح نوع من الحوار.

جولة سريعة في معرض مسقط للكتاب خلال فترته الصباحية تكشف كثيرا من توجهات الطلاب القرائية وكيف يمكن أن يكون مستقبلهم. صحيح أن هناك نسبة لا بأس بها تبحث عن الكتاب وتقتنيه ولكن السؤال ماذا يقرأ هؤلاء، هل يقرأون كتبا تستطيع حقا أن تنمي معارفهم وذائقتهم أم أن الكتب التجارية باتت تغزوا السوق حقا مدعومة بآلة تسويقية عجيبة؟! لكن تبقى علاقة الطلاب بالكتاب علاقة جيدة والأم كفيلة بأن تجعلهم يقارنون بين الكتب ويفرزونها في المستقبل القريب من حياتهم.