العرب والعالم

ترامب يخالف سياسة الولايات المتحدة

24 فبراير 2018
24 فبراير 2018

القدس - (رويترز) - تعتزم الولايات المتحدة فتح سفارة جديدة في القدس في مايو المقبل بالتزامن مع الذكرى السنوية السبعين لقيام إسرائيل.

تأتي الخطوة، التي وصفتها وزارة الخارجية الأمريكية بأنها «تاريخية»، في أعقاب قرار الرئيس دونالد ترامب في السادس من ديسمبر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ويخالف إعلان ترامب سياسة اتبعتها الولايات المتحدة لعشرات السنين ويسعد الحكومة الإسرائيلية لكنه يثير غضب الفلسطينيين الذين يريدون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية. وأثار الإعلان أيضا انتقادات بعض حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

والإطار الزمني المقترح الجديد أسرع مما توقع كثيرون. ففي يناير الماضي قال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أمام الكنيست الإسرائيلي إن ذلك سيحدث بحلول نهاية العام المقبل.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت أمس الأول إن السفير الأمريكي وعددا صغيرا من العاملين سيشرعون في تشغيل «سفارة مؤقتة» من داخل مبنى يضم في الوقت الراهن الشؤون القنصلية بحي أرونا في القدس. وقالت إن عملية البحث بدأت بالفعل عن موقع دائم للسفارة بدلا من الموقع الحالي في تل أبيب.

• ضغوط بنس وفريدمان : يمارس ساسة مؤيدون لإسرائيل في واشنطن ضغوطا منذ فترة طويلة لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وقد قطع ترامب وعدا على نفسه خلال حملة الدعاية لانتخابات 2016 بأن يحقق ذلك.

ومن المعتقد أن بنس وديفيد فريدمان السفير الأمريكي الذي عينه ترامب لدى إسرائيل مارسا ضغوطا شديدة من أجل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة. وكان لهذا القرار شعبية بين كثير من المحافظين والمسيحيين الإنجيليين الذين منحوا أصواتهم في الانتخابات لترامب وبنس. ويؤيد كثيرون منهم الاعتراف السياسي بأحقية إسرائيل في المدينة.

• القدس ، الدين والسياسة والتاريخ : القدس مدينة مقدسة في اليهودية والمسيحية والإسلام ولكل ديانة مواقع ذات أهمية كبرى فيها. وقد حارب سكانها من أجلها منذ آلاف السنين وحاربت في سبيلها قوى إقليمية وقوى غازية من بينها المصريون والبابليون والرومان والمسلمون الأوائل والصليبيون والعثمانيون والإمبراطورية البريطانية وفي العصر الحديث إسرائيل وجيرانها العرب.

وتعتبر الحكومة الإسرائيلية القدس عاصمتها الأبدية الموحدة رغم أن ذلك لا يلقى اعترافا على المستوى الدولي. ولا تقل مشاعر الفلسطينيين تجاه القدس عن مشاعر الإسرائيليين ويقول الفلسطينيون إن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة لدولتهم المستقبلية. بل إن للمدينة اسمين. فاليهود يسمونها جيروساليم أو أورشليم أما بالنسبة للعرب فهي القدس. لكن أهمية المدينة أبعد من ذلك.

ففي قلب القدس القديمة يوجد تل يسميه اليهود في كل أنحاء العالم جبل الهيكل أما بالنسبة للمسلمين على مستوى العالم فهو الحرم الشريف. ويقول اليهود إنه موقع معابد يهودية قديمة غير أن كل ما بقي منها على سطح الأرض جدار يعرف باسم الحائط الغربي وهو مكان مقدس يؤدي عنده اليهود الصلاة.

وعلى بعد أمتار يشرف على الحائط قبة الصخرة والمسجد الأقصى الذي بني في القرن الثامن. ويعتبر المسلمون هذا الموقع ثالث الحرمين الشريفين بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي. كذلك فإن المدينة موقع مهم إذ يؤمها الحجاج المسيحيون الذين يقدسونها باعتبارها المكان الذي يعتقدون أن المسيح عيسى دعا الناس فيها للإيمان بديانته.

•تاريخ المدينة الحديث: في عام 1947 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تقسيم فلسطين التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى لليهود. لكنها اعترفت بأن للقدس وضعا خاصا واقترحت وضعها تحت إدارة دولية مع بيت لحم القريبة منها باعتبارهما كيانا منفصلا تديره الأمم المتحدة.

ولم يتحقق ذلك قط. وعندما انتهى الانتداب البريطاني في العام 1948 سيطرت القوات الأردنية على المدينة القديمة والقدس الشرقية العربية. واستولت إسرائيل على القدس الشرقية من الأردن في حرب عام 1967 وضمتها إليها في خطوة لا تحظى بالاعتراف على المستوى الدولي.

وفي العام 1980 أقر الكنيست الإسرائيلي قانونا أعلن أن مدينة القدس «الكاملة والموحدة» عاصمة لإسرائيل. غير أن الأمم المتحدة تعتبر القدس الشرقية أرضا محتلة وأن وضع المدينة موضع نزاع لحين تسويته من خلال المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وللعاهل الأردني دور في إدارة شؤون الأماكن الإسلامية المقدسة.

• هل لأي دولة أخرى سفارة في القدس: كان لدول أخرى سفارات في القدس في الماضي لكنها نقلت من المدينة قبل سنوات. وفي ديسمبر الماضي قال رئيس جواتيمالا جيمي موراليس إن بلاده ستنقل سفارتها من تل أبيب. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن عدة دول تدرس الاقتداء بالخطوة الأمريكية لكنه امتنع عن ذكرها بالاسم.

وفي ديسمبر أيضا صوتت 128 دولة بالموافقة على قرار غير ملزم من الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب الولايات المتحدة بالتخلي عن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. واعترضت تسع دول على القرار بينما امتنعت 35 دولة عن التصويت ولم تشارك 21 دولة في التصويت.

ما المرجح أن يحدث بعد ذلك: منذ إعلان ترامب تصاعدت حدة التوتر وشهدت القدس وغزة والضفة الغربية احتجاجات فلسطينية.

ورغم أن الاشتباكات بين المحتجين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية لم تكن على مستوى الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى (1987-1993) والثانية (2000-2005) فقد سبق أن تطور الأمر إلى عنف بسبب مسائل تتعلق بالسيادة والدين.

ففي عام 2000 قاد السياسي الإسرائيلي أرييل شارون وكان حينذاك زعيما للمعارضة مجموعة من أعضاء الكنيست الإسرائيلي واقتحم مجمع الحرم الشريف. واحتج الفلسطينيون ووقعت اشتباكات عنيفة سرعان ما تطورت لتتحول إلى الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي عرفت أيضا باسم انتفاضة الأقصى.

كما وقعت مواجهات دامية في يوليو الماضي بعد أن نصبت إسرائيل بوابات إلكترونية للكشف عن المعادن عند مدخل الحرم في أعقاب مقتل جنديين إسرائيليين على أيدي مسلحين من عرب إسرائيل.