abdallah-75x75
abdallah-75x75
أعمدة

هوامش.. ومتون: «فانتازيا» الحياة في عرض «صالح للحياة»

24 فبراير 2018
24 فبراير 2018

عبد الرزاق الربيعي -

منذ المشهد الأوّل لمسرحيّة (صالح للحياة) التي قدّمها نادي سمائل ضمن «إبداعات شبابيّة»، أحسست أنّنا نشاهد عرضا يتجاوز التجارب الشابّة التي غالبا ما تحتاج إلى المران، والجهد، لكي تنضج أكثر، لكنّ (صالح للحياة) منذ (الهجمة) الجماليّة الأولى، شدّ الأنظار، ولفت الانتباه إليه، ولم يتوقّف عنده، بل استمرّ البناء الدرامي بشكل تصاعدي، في عرض يتألّف من مشاهد بصريّة، يمتزج بها الغناء الحيّ، منفصلة، لكنّ تراكمها يؤسّس لأفكار عبر توليد تلك المفردات، والأجزاء التي تؤلّف بمجموعها، معنى يقوم عليه العرض، بدءا من المشهد الذي يصوّر مجموعة من الأجنّة داخل المشيمة، وكل جنين يحاول أن يمزّق المشيمة التي تحد من حركته، لينطلق إلى الحياة، وهذا ماجرى، في العرض الذي جرى على قاعة (الشهباء) بجامعة نزوى، وهو من تأليف: عثمان الشطي، وإخراج: محمد سعيد، لينتقل الفريق إلى المشهد الثاني، حيث يصبح اثنان من الممثلين دعامتي سرير طفل، بعد ارتدائهما القماش الأبيض، فيما اضطجع أحد الممثلين ليكون طفلا، في مشهد به من الفنتازيا، والكوميديا الكثير، ويقف الأب والأم ليتأمّلا وليدهما، ويسميانه (صالح)، وفي الجانب الآخر نجد طفلة خرجت إلى العالم، وحملت اسم (حياة)، وتتعاقب المشاهد التي تجمع بين الكوميديا السوداء لتعكس تراجيديا الحياة، بأسلوب فانتازي، يعتمد على المفارقات الكوميدية، في عرض طرح أسئلة تتعلق بخطوط الحياة التي تتلاقى وتتقاطع، كخط علاقة صالح بحياة التي تواجه عقبات وتنتهي ليفترقا، فيرتبط بامرأة أخرى وترتبط هي بزوج آخر، وحين يلتقيان بعد سنوات طويلة يتوقّع الجمهور أن المشهد سيكون تراجيديّا، لكنّ المخرج يكسر التوقع، فيجعله كوميديا، باعتباره جزءا من فنتازيا الواقع، عبر انتقالات سريعة، يصبح بها أحيانا الممثلون أبوابا، أو جسم طائرة، أو سيارة، علما بأن المسرح يبدو خاليا إلا من مستطيلين، جرى توظيفهما بشكل جميل كغرفة في مشهد التواليت، وسبورة في مشهد المحاضرة، وحائط، وسرير المستشفى، واللوحة التي جرى عليها تعليق قناني الدم التي تنسكب على الأرض بشكل حبيبات جافّة في المشهد الأخير، الذي برأيي كان نهاية ثانية للعرض، فيما كانت النهاية الأولى مع المشهد الذي يصوّر كلّ شاب ينظر إلى الشابّة التي اختيرت لتكون زوجته، دون رغبة منه، فيصرخ (لا) ويخلي موقعه لاثنين يهربان من بعضهما مع صرخة(لا) إلى أن يصرخ الجميع بصوت واحد(لااااا) بصوت مرتفع وسقوطه على الأرض، مع إطفاء النور، ولكن العرض لم ينته عند هذا الحد، بل استأنف الممثلون عملهم، وعادت الإضاءة تفتح الفضاء على أحداث جديدة، لكنّها لم تضف شيئا إلى تلك النهاية، على مستوى البناء السردي، واللافت للنظر أنّ المخرج (محمد سعيد) حاول أن يجعل العرض لعبة مسلية للممثّلين، والجمهور، لذا اشتغل بشكل كبير على أداء الممثلين، فتحرّكوا برشاقة، وخفة، ولعبوا عدة أدوار، وتبادلوا الشخصيات، إذ أنّ أكثر من ممثل أدى شخصية (صالح) وكذلك الحال على شخصية (حياة) في طفولتها، ومراحل عمرها، فسالم الرواحي أدى دور (صالح) في مرحلة الطفولة، وأبي حياة (السكّير)، وصديق (صالح) بمرحلتي الشباب، والشيخوخة، وعجوزا في دار المسنّين، وهو الدور الذي قام به مالك السيابي بالإضافة إلى (صالح) في مرحلة الشباب، وأبي صالح في مرحلة الطفولة، وأدّى (أحمد الرواحي) دور (صالح) في مرحلة الشباب والشيخوخة، والأستاذ الجامعي وأبي (صالح) في مرحلة الشباب، ولعبت (زمزم البلوشية) دور (حياة) في مرحلتي الشباب، والشيخوخة، وأم (حياة) في مرحلتي الطفولة، والشباب، وصديقة (حياة) في مرحلة الشباب، وقامت (وفاء الراشدية) بأداء دور أم (صالح)، وصديقة (حياة)، وممرّضة، أما (نور الهدى)، فقد لعبت دور (حياة ) في مرحلة الطفولة، وصديقة (حياة) في مرحلتي الشباب، والكهولة وممرضة، شخصيّات مختلفة بأعمار مختلفة، شكّلت فريقا منسجما قدّم أداء مدروسا، ينتقل بسلاسة بين الكوميديا، والتراجيديا،وساعدت إضاءة (محمود المخرومي) في إظهار ذلك، وجرى توظيفها توظيفا فنّيّا،كمشهد (سيارة اسعاف)، والمؤثّرات الصوتيّة التي وضع عليها لمساته الفنّان (زياد الحربي)، فجاءت منسجمة، ومتماهية مع روح العرض، رغم أنّ القاعة غير مجهّزة، بالشكل المطلوب، كلّ تلك العناصر تفاعلت مع بعضها البعض، ليقدّم فريق العمل فرجة مسرحية، استحق عليها نيل جائزة أفضل عرض متكامل.