إشراقات

العمل الجاد ينهض بالمجتمع

22 فبراير 2018
22 فبراير 2018

إعداد - نادر أبو الفتوح -

يؤكد الدكتور نبيل السمالوطي الأستاذ بجامعة الأزهر في لقائه معنا، أن الإتقان في العمل من أهم متطلبات المواطنة، والشريعة الإسلامية حثت على إتقان العمل، فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (إِنّ اللَّهَ يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ)، ودعوة الإسلام إلى العمل الجاد، تتطلب الإتقان وليس الأداء العادي، لأن العمل في الإسلام عبادة، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (العمل عبادة)، والعبادة تتطلب بذل كل جهد لتكون خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى، وحث الإسلام على العمل الجاد، لأن المجتمعات تتقدم بالعمل الجاد، وتنهار وتتراجع بالكسل والتراخي، ولذلك جعلت الشريعة الإسلامية العمل الجاد من أسس المواطنة في الإسلام.

ويؤكد أن الإسلام دين البناء والتعمير، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، يقول في الحديث الشريف (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن يَغرِسَها، فليَغرِسْها) وهذا دليل على منهج الإسلام في عمارة الأرض، وأن الشريعة الإسلامية تحث على البذل والعطاء وخدمة المجتمع، ولذلك فإن من أسس المواطنة في الإسلام، أن يسعى المواطن لخدمة المجتمع، وأن يقدم ما لديه من جهد وعرق لرفعة الوطن، في الموقع الذي يعمل فيه، وفي الوظيفة التي يؤديها، وخصوصا إذا تعلق هذا العمل بخدمة عامة الناس، فلا يجوز التكاسل والتراخي، لأن هذا يعطل مصالح المواطنين، كذلك لا يجوز الإهمال في الوظائف، التي ترتبط بحياة الناس، لأن أي تقصير قد يؤدي لكوارث في المجتمع، وهذا يتنافى مع ما قامت عليه الشريعة الإسلامية من حفظ النفس والمال.

ويشير الدكتور السمالوطي، إلى أن الله عز وجل كرم الإنسان، ولذلك يجب أن يقوم الإنسان برسالته في عمارة الأرض، وهذا يتحقق بالعمل الجاد، والمسلم مطالب بأن يتعاون مع كل أبناء المجتمع، مسلمين وغير مسلمين، لأن النهوض بالوطن يتطلب جهد كل أبنائه، وأن يكون هناك تعاون بينهم، وأن تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، فالمسلم عليه أن يقوم برسالته في هذه الحياة، وأن يتسم بالايجابية، ويشارك في خدمة المجتمع في كل المجالات، التي من شأنها أن تؤدي لرفعة وخدمة المجتمع، لأن المواطنة الحقيقية تعني أن كل إنسان، مطالب بأن يسعى ليكون الوطن الذي يعيش فيه، وطن قوي البنيان متماسك، يعيش جميع الناس فيه في أمن وسلام، ويقدم كل إنسان ما لديه لتحقيق هذه العزة والكرامة للمجتمع. ويوضح أن الشريعة الإسلامية، تأمر بالسعي في الأرض، والبحث عن موارد الرزق في البر والبحر، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ)، وهذا دليل على أن العمل الجاد من أجل الوطن، يؤدي للبناء والتعمير والرفاهية، التي تصب في النهاية لسعادة جميع أبناء الوطن، وعندما يقوم كل مواطن بهذا الدور، فمن المؤكد أنه قد أدى جزء من أسس المواطنة، التي وضحتها الشريعة الإسلامية، ولذلك فإن إتقان العمل، من أهم القيم التي حملتها لنا الشريعة الإسلامية، ولابد أن يدرك كل إنسان أن إتقان العمل واجب ديني، لأن الإسلام حث على ذلك، كما أنه في نفس الوقت واجب وطني، لأن المواطنة تتطلب بذل كل جهد لخدمة المجتمع، في أي مجال من مجالات الحياة.

مشيرا إلى أن كل إنسان عليه أن يعلم أن الله عز وجل سوف يحاسبه، على تقصيره في العمل، لأن هذا التقصير قد يضر غالبية المواطنين في المجتمع، والله عز وجل يقول في القرآن الكريم «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ» [الآية 61 سورة يونس]، وهذا يعني ضرورة الإخلاص في العمل، لأن الله عز وجل يراقب الإنسان، كما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» [سورة التوبة الآية 105]، وهذه الآية الكريمة تؤكد أن كل من يجتهد في عمله، سوف يكتب له الله تعالى التوفيق والنجاح. وطالب بضرورة غرس قيمة إتقان العمل بين الناس، وضرورة تربية الشباب والأطفال على هذه القيمة الدينية والوطنية، وهذا يتطلب دور من المؤسسات الشبابية والثقافية والدينية والإعلامية، للتوعية بأن المواطنة تتطلب، بذل الجهد والعرق وخدمة الوطن في كل المواقع، والتأكيد على أن الشريعة الإسلامية، حاربت كل صور الكسل والتخاذل والتقصير والإهمال، لأن كل ذلك فيه ضرر للمجتمع، ويتنافى مع مبادئ المواطنة في الإسلام، لأن الكسل يهلك المجتمعات والشعوب، ولابد أن نأخذ العبرة والعظة، من الأمم التي تخلفت عن ركب الحضارة، نتيجة للتقصير في العمل والإهمال وعدم الجدية، ولقد استعاذ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، من الكسل فقال في الحديث الشريف (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ).