الاقتصادية

«الاقتصاد العماني .. العولمة ورياح التغيير » .. كتاب يؤكد قدرة السلطنة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة

21 فبراير 2018
21 فبراير 2018

كـــتب: ماجد الهطالي -

يؤكد كتاب (الاقتصاد العماني .. العولمة ورياح التغيير) أن السلطنة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة متى أخذت بمبدأ التخطيط السليم والتنفيذ الأمين، وأن الاقتصاد العماني بحاجة إلى فريق عمل ذي خبرة واسعة مزود بالمهارات المناسبة لعالم أعمال يشهد حراكًا سياسيًا واقتصاديًا متسارعًا.

وقال الدكتور يوسف بن حمد البلوشي مؤلف الكتاب: لـ «عمان الأقتصادي»: إنَّ الكتاب يهدف إلى دعم السعي للبحث عن حلول ناجعة تؤمن انتقال الاقتصاد العماني إلى أنموذج متكامل للتنمية المستدامة يتوافق مع المقومات والمزايا النسبية للسلطنة، وتقديم قراءة علمية تساعد صانع القرار والمهتمين على الاستفادة من الفرص والموارد المتاحة لتحقيق الهدف المنشود.

ومن خلال تجربة المؤلف الذي يعمل خبيرًا اقتصاديًا بمكتب الرؤية المستقبلية عمان 2040 خلص في كتابه بعد دراسة مسيرة تطور الاقتصاد العماني خلال العقود الأربعة المنصرمة، إلى عدد من الحقائق أبرزها الحاجة إلى فريق عمل ذي خبرة واسعة مزود بالمهارات المناسبة لعالم أعمال يشهد حراكًا سياسيًا واقتصاديًا ملحوظًا ... مشيرًا إلى أن الكتاب أكد على أن الاقتصاد العماني يمتلك العديد من مقومات التنوع والتكامل بحكم الموارد الطبيعية التي تزخر بها السلطنة، وترافقها مع عناصر العمق الحضاري والأمن والاستقرار والخبرات المتراكمة من خلال خطط التنمية الخمسية عبر أكثر من أربعة عقود، وفوق كل ذلك قيادة ملهمة حكيمة تضع في أولويات مهامها إحداث تحول جذري في سياق تنمية مستدامة للجيل الحالي والأجيال القادمة.

وقال الدكتور يوسف في كاتبه: إنَّ السلطنة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة متى أخذت بمبدأ التخطيط السليم والتنفيذ الأمين.. مؤكدًا على ثمة حاجة إلى إجراء عملية تحول جوهري في أسلوب العمل التقليدي الحالي، وذلك لتعظيم الاهتمام والاستفادة من الإنجازات المحققة على مختلف الأصعدة والتي تحتاج إلى الكثير من الابتكار والجسارة في استخدام أدوات وأساليب جديدة كانت غير معهودة أو كانت تستخدم على نطاق ضيق.. موضحًا أن البناء على المنجز الذي تحقق خلال العقود الماضية يتطلب آليات وأدوات جديدة لتحقيق الاستدامة التي ترفع من مستوى معيشة المواطن العماني، وأضاف: نأمل أن يكون هذا الكتاب خطوة في هذا الاتجاه.

وبيّن أن الكتاب يستعرض بعض الحقائق الاقتصادية بغرض حشد الهمم للانطلاق، حيث إن تحقيق مستقبل أفضل للجميع مرهون بتعاون كافة الفاعلين الاقتصاديين من حكومة وقطاع خاص ومجتمع مدني ...

مشيرًا إلى أن الكتاب يطرح العديد من التساؤلات ويقترب من الإجابة عن العديد من المحاور المهمة التي تشمل: مفهوم العولمة، وهل عمان جاهزة لاغتنام الفرص ومواجهة تحدياتها؟ وما هي الأدوار الجديدة التي يتعين أن تمارسها الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني للتكيف مع المرحلة الجديدة؟ وما هي محركات النمو في المستقبل، هل هي القطاعات التقليدية أم أدوات الاقتصاد الجديد؟ وكيفية مقاربة الاختلالات الهيكلية في قطاعات الإنتاج وسوق العمل والمالية العامة والجهاز الإداري وطريق المستقبل؟ وكيف يمكننا تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية والمالية والبنية الأساسية لبناء مستقبل أفضل؟ وما هو دور التعليم وكيف تستفيد عمان من الهبة الديموغرافية؟ وما هي التحديات والتوازنات الكبرى التي تواجه عمان حاليًا وفي المستقبل؟ وما هي ثقافات المستقبل وكيف للمجتمع العماني أن يجترح الحلول للتكيف معها؟

وأوضح الدكتور يوسف البلوشي أن الكتاب جاء من أجل تقديم وجهة نظر ورسالة مفادها أنه استشراف واستعداد للمستقبل يتعين ترتيب وتمهيد الأرضية المناسبة لمواجهة مختلف التحديات الاجتماعية والمالية والاقتصادية.

وينطوي ذلك بالضرورة على تحدٍ مؤداه كيفية تغيير طرق العمل والآليات التقليدية النمطية المتبعة في الأجهزة الحكومية والخاصة، وذلك من خلال تبني أساليب عمل جديدة تتميز بديناميكية تتماشى مع تسارع وتيرة الأحداث... موضحًا أنه من الضروري حاليا تعزيز قنوات الاتصال بين الحكومة ومؤسسات الأعمال والمجتمع، وأيضا فيما بين أجهزة الحكومة ذاتها، وتحويل العلاقة من التنافس إلى التكامل مع الإدراك بأن العمل كفريق يعد أمرًا حتميًا. فمهما كانت الفرص والبدائل متاحة فإن العمل بروح الفريق والتنسيق المستمر هو مفتاح تحقيق النجاح المنشود.

وينقسم الكتاب إلى ثمانية فصول، حيث سلّط الفصل الأول الضوء على العديد من المفاهيم والمصطلحات الاقتصادية، والتي قد يرى العديد من غير المتخصصين أنها واضحة في حين أنها غير ذلك، ثم تنشأ ضرورة النظر إلى مكونات الاقتصاد كافة، حيث تتشابك العلاقات والمتغيرات ويكون لها تأثير متبادل في أكثر من موضع وقطاع، أما الفصل الثاني فيعرض تطور الاقتصاد العماني بمكوناته الرئيسية (القطاع العام والقطاع الخاص) وإفرازات خطط التنمية الخمسية، المكونة لاستراتيجية التنمية طويلة الأجل، وتداعيات ذلك على الاتجاهات الإيجابية التي انعكست على المجتمع مع التركيز على دور مؤسسات أعمال القطاع الخاص والقطاع المالي والحاجة إلى خطط أكثر طموحًا.

وناقش الفصل الثالث واقع القطاع الخاص والقطاع المالي والدور الريادي المطلوب في ظل العولمة، حيث استعرض هذا الفصل أهمية وجود قطاع رائد وديناميكي وقادر على الإنتاج والتصدير وأهم السمات المميزة للقطاع الخاص وإسهامه في الاقتصاد الوطني من حيث عملية إيجاد الوظائف، وعملية التكوين الرأسمالي، كما يتناول الاختلالات الرئيسية التي تواجه القطاع.

ولقد خلص هذا الفصل إلى أن ثمة مشكلة خاصة بضعف أداء القطاع الخاص في السلطنة على صعيد النمو والتنمية، ويعزى ذلك إلى بعض المعوقات الأساسية، ثم فإن فهم هذه المعوقات والتصدي لها بالسياسات اللازمة يستلزم بالضرورة وجود تنسيق تام بين ثلاث جهات هي: الحكومة ورجال الأعمال (منشآت القطاع الخاص) والمجتمع. وحتى يتحقق ذلك فإنه يتعين إزالة تضارب المصالح بين رجال السياسة ورجال الأعمال. وتضمن الفصل الرابع تحليل واقع الاستثمار في الاقتصاد العماني في ظل اتجاهات العولمة، وذلك من حيث البيئة الاستثمارية والتنافسية والاتفاقيات والعلاقات الدولية.. موضحًا أن العولمة وانفتاح دول العالم على بعضها أفرزت تغيرات ملحوظة في مختلف نواحي الحياة، وتعزى هذه التغيرات إلى ما يسمى بمحركات العولمة: وهي التقدم التكنولوجي وثورة المعلومات والاتصالات، والحراك الناتج في إطار اقتصاد السوق، وقضية عولمة الإنتاج، وتغير ظروف الجغرافيا السياسية في العالم.

وتضمن الفصل الخامس عرضًا لتطور التجارة الخارجية وميزان المدفوعات كمرآة توضح علاقة الاقتصاد العماني بالاقتصاد العالمي، ويتناول اثنين من أهم مؤشرات مدى النجاح الذي يمكن أن يتحقق من متغيرات العولمة لرفد الاقتصاد الوطني بآليات النجاح وعناصر الإنتاج الضرورية لتعميق دورة الأنشطة التجارية المحلية والمتمثلة في مدخلات الإنتاج من المواد الخام ورؤوس الأموال والتكنولوجيا الحديثة وغيرها.

أما الفصل السابع فتم تخصيصه لاستشراف وصناعة مستقبل الاقتصاد العماني من خلال ثلاثية صناعة المستقبل (التحديات، التوازنات، وحتمية التحول) ومحركات النمو في المستقبل، حيث قدم رؤية استشرافية لما يجب أن يكون عليه الاقتصاد العماني -من وجهة نظر الدكتور- في المستقبل، وذلك في ضوء الفرص والتحديات التي تفرضها رياح العولمة من جانب، وما تتمتع به السلطنة من موارد طبيعية ومالية ومزايا نسبية، من جانب آخر.

وأما الفصل الثامن فقد تناول ثقافات المستقبل والأدوار الجديدة، والتي تعتبر مطلبًا لمواجهة رياح العولمة والتحول السلس إلى اقتصاد منتج قائم على الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، ويتسم بالديناميكية والقدرة على مواجهة التغيرات المتسارعة.

وفي خاتمة الكتاب أشار إلى أن مستجدات العولمة والمتغيرات المحلية والعالمية، تفرض على السلطنة ضرورة تبني استراتيجية تنموية جديدة، وما تتطلبه من ضرورة التحول من أنموذج التنمية الراهن الذي فرضته ظروف الوفرة النفطية، والذي كرّس مفاهيم الريعية والاستهلاك المفرط والاتكالية والتجارة المستترة، إلى أنموذج يؤمن بالعمل والإنتاج في جميع القطاعات.

ولقد أفرز نموذج التنمية الحالي العديد من الاختلالات: ففي الجانب الاقتصادي تتمثل تلك الاختلالات في هشاشة تركيبة الاقتصاد وضيق القاعدة الإنتاجية واعتماده المفرط على الاستيراد لتلبية الطلب المحلي من السلع والخدمات.

وفي الجانب المالي تعذر تحقيق الاستدامة المالية في الأجل الطويل في ظل التوسع الكبير في معدلات الإنفاق العام واعتماد الإيرادات بشكل ملحوظ على الإيرادات النفطية والتي تتعرض لضغوط مستمرة بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط ومزاحمة مصادر الطاقة المتجددة والأنواع المختلفة من النفط مثل النفط الصخري.