sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: الحُب لونه أبيض

21 فبراير 2018
21 فبراير 2018

شريفة بنت علي التوبية -

حينما تقرأون هذا المقال يكون عيد الحُب قد انتهى، لكن الحياة بالنسبة لي كلها حُب وكل أيامها أعياد، فليكن هذا اليوم يوم حُب وما بعده حُب، وبمناسبة عيد الحُب قررت أن يكون هذا الحُب مختلفاً عن المعتاد، واحتفالي بهذا اليوم لا يشبه ما قبله، لأتجاوز الوردة الحمراء والشمعة الحمراء والشريط الأحمر وأغاني عبد الحليم وانتظار الهدية المغلّفة بالورود، لأتجه للبياض، فالحُب بالنسبة لي إحساس أبيض ولا يمكن أن يكون له لون آخر غير هذا اللون، ومهما أصرّ الجميع أن يلونون الحُب لكنه سيبقى أبيضاً بالنسبة لي، حيث يحلو لي الغرق في لجة من بياض العشق الخالص والمحبة الأبدية التي لا تأخذني من نفسي بل تعيدني إليها، لأصل إلى روحي الرافضة للانكسار، المرتدية أجنحتها استعداداً للتحليق في فضاء من العزلة، المتجهة إليّ بحب كبير لا تهزمه ريح خاطفة ولا تغرقه موجة عابرة، ففي هذا اليوم ربما أختَار أجمل صورة لي وأزيّنها بإطار، وأضعها على طاولة مكتبي، لأتذكرني دائماً كما كنت أنساني دائماً أيضاً.

قد يبدو الأمر جنوناً للوهلة الأولى، ولكن الجنون أن ننسى أنفسنا بقدر انشغالنا بالآخر وبأشياء كثيرة أخرى تأخذنا الدنيا إليها ونحن سائرون في دروبها، نركض ونلهث ونعطي ونتحسس مواضع السعادة لدى من نحبهم، وننسى أن نمنح أنفسنا شيئاً من هذا الحُب الكبير قدر ما ننكرها في سبيل إسعادهم، والحقيقة لن يحبنا من نظن محبته ونحن عاجزون عن حُب أنفسنا، ومع الأيام سنكتشف أن أكثر المحيطين بنا لا يجذبهم إلينا سوى المصلحة، ولا يربطهم بنا سوى خيط واهن سرعان ما ينقطع مع الأيام، فتسقط الأقنعة الملونة الحمراء منها والخضراء ولا يبقى سوى البياض فقط، بياض أولئك الذين لا تغيرهم المواقف، ولا يربطهم بنا موقف أو ظرف بل حب عميق، أولئك الذين يحبوننا حباً عظيماً يبقينا أنقياء، يمنحوننا الأمان في زمن الزلزلة، وفي كل لحظة ومع كل موقف نتأكد أنهم يحبوننا دون اللجوء إلى زخرفة اللفظ ولعبة الكلمات.

إذن هناك حكاية جميلة في هذه الحياة علينا أن نعيشها بكل تفاصيلها الصغيرة، ولن نعيشها سوى بوجود أولئك الذين يجعلوننا نحب أنفسنا بمحبتهم لنا ونكتشف جمال أرواحنا بجمال أرواحهم، ولن نكتشف سحر البياض سوى ببياض قلوبهم، التي تجعلنا نعيش محبة خالصة نتصالح بها مع أنفسنا والدنيا بأسرها، فشكراً لمن ألقى البياض على روحي محبة خالصة.. لأكتب بكل هذا البياض لكم.