1254242
1254242
المنوعات

شميسة النعمانية: الشاعرة كالوردة.. كائن شفاف ورقيق

19 فبراير 2018
19 فبراير 2018

«العمانية»: تعدّ شميسة بنت عبدالله النعمانية، من أبرز الشاعرات الموهوبات في السلطنة، ولذلك من الطبيعي أن تحقق حضوراً بارزاً على الساحة الأدبية العربية.

فقد شاركت النعمانية مؤخراً في الأسبوع الثقافي الفرنسي، وفي مسابقة السنوسي الشعرية بجازان بالسعودية، وفي مؤتمر «الفكر ودوره في بناء الوعي بمنطقة الخليج العربي» بالسلطنة، وفي فعاليات البحرين عاصمة للثقافة الإسلامية.

وتستعد النعمانية لإصدار ديوان بعنوان «سأزرع في الريح قمحي»، سيُعرض بمعرض مسقط الدولي للكتاب، وذلك بعد أن صدر لها في الشعر «ما تبقى من اللون»، بالإضافة إلى كتاب يعنوان «الخطاب الصحفي في حرب ظفار» وكتيب «40 عاماً من مفكرة الشرقية شمال».وهي تعمل حالياً على تأليف كتاب عن رواد الصحافة والإعلام بالسلطنة، بالتعاون مع أحد الأساتذة في قسم الصحافة بجامعة السلطان قابوس.

في هذا الحوار الذي أجرته معها وكالة الأنباء العمانية، تجيب النعمانية عن أسئلة من قبيل: لماذا اختارت كتابةَ القصيدة الفصحى وتأثرت بأبي تمام وأبي فراس والبهلاني وسليمان النبهاني والسياب، ولم تسر على نهج والدها الشاعر الشعبي المعروف، أسوة بما فعله معظم الشعراء الشباب؟ وبما أنها حاصلة على شهادة الماجستير في الإعلام

(الصحافة)، لماذا اقتصر حضورها على الساحة الشعرية؟ وهل اتجهت نحو الشعر طمعاً في تكوين قاعدة جماهيرية مسنودة بالحضور الإعلامي، سيراً على خُطى شعراء إعلاميين من مثل ذياب بن صخر العامري وفاروق شوشة؟ ولأن المعروف أن اللغة الإنجليزية هي الأكثر انتشاراً في العالم، فلماذا اختارت النعمانية أن يُترجم ديوانها «ما تبقى من اللون» إلى اللغة الفرنسية؟.

تقول النعمانية إن موهبتها في كتابة الشعر بدأت بالوراثة، حيث تعلمت ذلك على يدي والدها الشاعر الشعبي عبدالله بن راشد النعماني. وتضيف أنها اكتسبت هذه الموهبة من خلال معرفة الأوزان بالسليقة، وكذلك معرفة ضبط القوافي في القصائد، وهذا ما اعتمدتْ عليه لاحقاً في كتابة القصيدة الفصيحة.

وعن الشعراء الذين قرأت وتأثرت بهم في بداية مشوارها مع القصيدة قبل أن تتخذ لها استقلالية ونهجاً خاصاً، تقول: «لا أستطيع أن أحدد اسماً معيناً لشاعر بعينه قرأته وتأثرت به وحده، وإنما قرأت لعدد كبير من الشعراء العرب الفطاحل، أبرزهم من الأقدمين: المتنبي وأبو تمام وأبو فراس الحمداني والبحتري.

ومن المحدثين: محمود درويش وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة وأمل دنقل، ومن العمانيين: أبو مسلم البهلاني وسليمان بن سليمان النبهاني والستالي. وبخصوص ترجمة ديوانها «ما تبقى من اللون» للفرنسية وطباعته خارج السلطنة، توضح النعمانية أن الكتاب صدر ضمن منشورات وزارة التراث والثقافة التي تكفلت بطباعته واختارت دار نشر عربية لإصداره.

أما ترجمته إلى اللغة الفرنسية فقد جاءت بعد مشاركة النعمانية في الأيام الثقافية العمانية الفرنسية التي أقامتها وزارة الإعلام في باريس، فارتأت الوزارة أن تترجمه إلى الفرنسية لما حظيت به قصائد النعمانية من قَبول لدى الجمهور الفرنسي الذي استمع إليها.

وحول ميلها لكتابة الشعر على حساب الاهتمام بالمجال الإعلامي الذي درسته، توضح النعمانية أن كلّاً من الشعر والإعلام يسند بعضهما بعضاً، مقرةً أن للشعر دوراً أكبر في تحقيق الشهرة وإيصال صاحب التجربة إلى أوسع قطاع من الجمهور، وأن وسائل الإعلام تساعد بدورها الشاعر للوصول بصورة أكبر للمتلقي. وعن تسيّد الرواية على الساحة في الوطن العربي في السنوات الأخيرة، ترى النعمانية أن الرواية فاقت الشعر من حيث عدد القراء، وقد أسهمت عوامل عدة في ذلك، أبرزها أن الرواية ذات أحداث قصصية مشوقة يميل إليها الإنسان بطبعه، كما إن تحويل الرواية لأعمال درامية وسّع من رقعة انتشارها، فالناس تميل إليها أكثر.

وتستدرك الشاعرة بقولها: «لكن رغم ذلك يبقى الشعر ملك الفنون الأدبية قاطبة، خاصة لدينا نحن العرب، الذين نمتلك لغة البيان بكل صورها البيانية والبديعية وبجرسها الموسيقي الأخاذ وسحر جمالها».وحول مدى صحة الرأي القائل بتفوق الشعراء على الشاعرات في كتابة القصيدة الوطنية والقصيدة ذات الأبعاد والهموم الإنسانية، واقتصار بروز الشاعرات في القصيدة العاطفية، تقول النعمانية: «عدد الشعراء الذكور في الوطن العربي عامة أكثر من الشاعرات الإناث، وبروز هؤلاء الشعراء على الساحة أسهل وأيسر من بروز الشاعرات الإناث، نظراً للعادات والتقاليد المجتمعية العربية.

كما أن الشاعر أكثر تفرغاً للكتابة والمشاركة من الشاعرة التي تثقل الحياةُ كاهلها بأعباء اجتماعية كثيرة وتولي مسؤولية الأسرة وتربية الاطفال.

كما أن بروز الشاعرة في الجانب العاطفي طبيعي ومفهوم، كونها كائناً شفافاً وعاطفياً ورقيقاً كالوردة تماماً، تتأثر بكل ما يحيط بها». وبشأن موقفها من قصيدة النثر تقول: «أنا أكتب القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، ولا أكتب قصيدة النثر رغم حبي لقراءتها والاستماع إليها ومتابعة الجديد فيها». أما الجدل حول هذين النوعين من الشعر فسيبقى كما ترى مستمراً «نظراً لاختلاف أذواق البشر في كل الأزمنة، ومن ذلك الاختلاف في تذوق القصيدة، فهناك مَن يفضّلها بالموسيقى الواضحة والجلية كما في القصيدة العمودية، وهناك مَن يفضّل الموسيقى ذات الإيقاع الداخلي كما في قصيدة النثر». وأخيراً، ما الذي تحلم شميسة النعمانية بتحقيقه بعد هذا الحضور على الساحة الثقافية ومشاركتها في المحافل الثقافية داخل السلطنة وخارجها وفوزها بمجموعة من الجوائز في المسابقات الأدبية؟ تقول: «كباحثة، أحلم أن أصبح متخصصة في مجال الدراسات الإعلامية، وأن أحصل على شهادات تعمق معارفي العلمية، وكشاعرة أحلم أن أصل إلى قاعدة جماهيرية عريضة وأن تلامس كلماتي شغاف قلوبهم، وأن أظل أكتب شعراً جميلاً يكون محل قبولهم واستمتاعهم».