أفكار وآراء

تعزيز أعمال رواد الأعمال العمانيين

17 فبراير 2018
17 فبراير 2018

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

يأمل الجميع بأن يتمكن رواد الأعمال العمانيين الجدد مستقبلا من إدارة مشاريعهم التجارية بكل كفاءة وإنتاجية. فهؤلاء الأشخاص يحتاجون إلى مزيد من الدعم المعنوي والحوافز بجانب التسهيلات الحكومية المتاحة لهم من الجهات المعنية، لكي يتمكنوا من الخوض في عالم التجارة والأعمال في ضوء المنافسة الشديدة من قبل الوافدين الآسيويين الذين يسيطرون على معظم الأعمال التجارية وفي مختلف القطاعات الاقتصادية. والكل يأمل بأن لا تمتد قرارات الضرائب والرسوم الجديدة على مشاريع هذه الفئة من الرواد الجدد والقدامى، وأن يكون لهم استثناءات، وتعطى لهم فرص الاحتكاك والمقابلة والاجتماعات والعقود مع الوفود التجارية العربية والأجنبية التي تزور السلطنة بين الحين والآخر على كافة المستويات، بحيث لا تقتصر هذه الاجتماعات على فئة من التجار الكبار التي تتكرر وجوههم كل مرة والذين شبعوا من ممارسة الأعمال التجارية. فالمقترح هو أن يكون تواجد هؤلاء الرواد من التجار الصغار في حدود 20 شابا تُوجه لهم الدعوة ليكونوا متواجدين مع الوفود لكي يتعرفوا على المزيد من نظرائهم الأجانب بهدف فتح علاقات تجارية معهم.

لقد رأينا خلال الفترة السابقة تجمع عدد من كبار التجار العمانيين بكل من فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء الهند مودي اللذين زارا السلطنة رسميا، وهي نفس الوجوه التي تدير الأعمال التجارية في البلاد خلال العقود الماضية من خلال عشرات الشركات التجارية التي يمتلكونها، بل أن بعض هؤلاء التجار غير مكترثين بممارسة التجارة المستترة ولكن على مستوى أكبر. ولقد رأينا خلال السنوات الماضية أن بعض هؤلاء التجار قد وجهت لهم المحاكم تهما بالغش والتحايل في الأساليب التجارية والاحتكار والسيطرة على الأعمال التجارية، الأمر الذي استدعى إلى تدخل الهيئة العامة لحماية المستهلك والادعاء العام في تلك القضايا.

وكما هو معروف بأن هؤلاء التجار الكبار هم ممن يمتلكون مختلف الوكالات التجارية ولمختلف الأجهزة والسلع والمنتجات والخدمات من السيارات والإلكترونيات إلى محلات البقالة والحلاقة وبيع الأسماك وغيرها، في الوقت الذي بقيت فيه فئة رواد الأعمال العمانيين الجدد بعيدين عن هذه المقابلات والاجتماعات الرسمية مع الوفود التجارية، الأمر الذي يجب أخذه في الاعتبار خلال الزيارات القادمة وعلى كل المستويات بأن يكون هناك تواجد لأصحاب رواد الأعمال العمانيين لكي يستفيدوا من تلك الفرص مستقبلا، وأن تقام هذه الاجتماعات في قاعات أكبر لاستيعاب هذه الفئة من التجار.

ومع وجود إدارة جديدة لغرفة تجارة وصناعة عمان وما لديها من لجان عدة لدعم توجهات رواد الأعمال العمانيين وخاصة من خلال لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بجانب ما يقوم به مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) من أنشطة وأعمال عديدة لتسهيل مهام هؤلاء الرواد، فان المستقبل سيكون للذين ينخرطون في العمل التجاري الحر من خلال المؤسسات التي يتم تأسيسها في العمل التجاري وفي مختلف أرجاء السلطنة. ونتيجة للرعاية التي تبديها الدولة لرواد الأعمال العمانيين فقد تجاوز عددهم اليوم 31 ألف رائد عمل منذ عام 2013 وحتى اليوم، الأمر الذي يؤكد بأن الدعم المستمر سواء من قبل الهيئة التي تحتضنهم، بالإضافة إلى دعم غرفة التجارة والصناعة لهم سوف يجذب المزيد منهم في مختلف الأعمال التجارية.

فالهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) تأخذ من جانبها كل جديد لتنشيط أعمال الرواد العمانيين، وتقوم بإعداد الدراسات التي تستفيد منها هذه الفئات وآخرها الدراسة التي تلقتها الهيئة من مركز الزبير للمؤسسات الصغيرة والمتعلقة (بقاعدة بيانات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة)، حيث تهدف هذه الدراسة إلى مساعدة (ريادة) للحصول على تقييم شامل لقطاعات العمل وتطويرها، بهدف إيجاد مراكز معرفية أو مراكز تعلم لهذه القطاعات، إضافة إلى تحقيق دعم متكامل ومستدام على المدى البعيد لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما ستساعد هذه الدراسة في إيجاد شراكات مع القطاع الخاص لتوفير الخبرات، وإضافة قيمة حقيقية في قطاع ريادة الأعمال والأنشطة التابعة له، بالإضافة إلى معرفة الإجراءات اللازمة لتسجيل المؤسسات وفق المعايير المتبعة من قبل القائمين على المشروع المعرفي، بجانب تحديد احتياجات السوق الفعلية لتوجيه المؤسسات الصغيرة التوجيه السليم، وهو الهدف الذي تسعى إليه الهيئة في غرس ثقافة ريادة الأعمال من خلال البرامج التي تتبناها لهذه الفئة من الرواد.

وهذا ما يلاحظه المرء عند زيارته لمبنى الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) حيث يتجمع هؤلاء الرواد كخلية مع المشرفين والعاملين في الهيئة للحصول على كل ما يحتاجون إليه من معلومات وبيانات ودراسات وعناوين وغيرها من الأمور التي يبحثون عنها كالتمويل ومصادر الاستيراد والتصدير، الأمر الذي يساعدهم في اتخاذ القرارات الصحيحة في ممارسة عمليات التجارة. وفي نفس الوقت نجد بأن (ريادة) تعمل على ربط استراتيجية قطاع الأعمال بأهدافها واختصاصاتها بجانب البحث عن بدائل مبتكرة فيما يتعلق بتأهيل وتدريب هؤلاء الكوادر الداخلين إلى السوق، وتقديم كل ما لديها لتسهيل مهام رائد العمل. إن نجاح هذه الفئة في عملهم التجاري وبعيدا عن أساليب ممارسة التجارة المستترة يعني نجاح الدولة في إيجاد طبقة جديدة من التجار الصغار لممارسة أعمالهم التجارية، الأمر الذي يحقق سياسة الدولة في محاربة التجارة المستترة ولو بجزء قليل، والتي استشرت في جميع مفاصل القطاعات التجارية خلال العقود الماضية. وهذا الأمر أعرب عنه مجلس إدارة الهيئة مؤخرا عن رضائه بما حققه رواد الأعمال من نجاحات ونمو في حجم مبيعاتهم وأيضا السعي الدؤوب لإيجاد فرص وظيفية لزملائهم من العمانيين في مختلف القطاعات. ومن هذا المنطلق تتوسع الهيئة في تقديم التسهيلات لهذه الفئة من التجار من خلال معرفة المشاكل التي يواجهونها في حياتهم العملية، حيث

وقعت الهيئة مع صندوق تنمية مشروعات الشباب (شراكة) مؤخرا اتفاقية من أجل تنفيذ برنامج التقييم الشامل (360 درجة) لـ 10 من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بهدف تحديد نقاط القوة لهذه المؤسسات، وكذلك الكشف على الأمور التي بحاجة إلى تطوير ومن ثم العمل على إيجاد خطة تطويرية لرفع مستوى أداء تلك المؤسسات. وعملية المتابعة والإشراف والتقييم هذه تحتاج إليها المؤسسات خاصة في المراحل الأولى للتأسيس، في الوقت الذي يؤمن القائمون على الهيئة بأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العمانية لديها إمكانيات كبيرة للتوسع خارج حدود السلطنة خاصة مع التطورات التي تشهدها المنطقة والفرص المتاحة لهم من المشروعات الضخمة التي ستشهدها المنطقة خلال السنوات المقلة، مثل مشروع إكسبو 2020 بإمارة دبي وأيضا كأس العالم 2022 بدولة قطر. فهذه الأحداث تحمل في طياتها فرص استثمارية ويمكن لأصحاب الأعمال الصغيرة اكتسابها من خلال معرفة احتياجات المؤسسات في تلك الدولتين الشقيقتين، مع العمل على الاستمرار في تطوير خدماتها ومنتجاتها والقضاء على مشاكل الضعف لديها من خلال الاستعانة بالمؤسسات التي تسبقها في هذه المجالات، ومعرفة كل ما يتعلق بمدى التقييد بالأنظمة والقوانين العامة، والأداء المالي والخطة التسويقية والاتصالات والموارد البشرية والجودة والسياسات العامة التي تهم الأطراف الأخرى المستوردة لهذه الخدمات والسلع والمنتجات.

ومما لا شك فيه فإن الهيئة من جانبها تتطلع للمساهمة في جميع تلك القضايا، مع العمل على إيجاد فرص مختلفة لرواد الأعمال العمانيين بهدف إضافة قيمة للاقتصاد عبر دعم وتطوير وتدريب وتوجيه وتسويق وتقديم الاستشارات لتنمية هذه المؤسسات بما يهيئها للنجاح في أعمالهم التجارية. كما يتم ذلك أيضا من خلال إقامة معارض لمنتجات رواد الأعمال بهدف الترويج والتسويق لخدمات هذه المؤسسات التي تعتبر أحد اهم القطاعات لتعزيز الاقتصاد الوطني والتنويع الاقتصادي والتي يمكن لها ان تساهم بفاعلية في تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل وإيجاد بيئة داعمة وحاضنة للإبداع والابتكار.

[email protected]