العرب والعالم

مبعوثو الأمم المتحدة والمهمات المستحيلة

11 فبراير 2018
11 فبراير 2018

الأمم المتحدة - (الولايات المتحدة) - (أ ف ب): يوصف مبعوثو الأمم المتحدة بأنهم ذوو خبرة دولية واسعة وأطباع مثابرة وقدرة على مقاومة الضغوط حتى يتمكنوا من الاضطلاع بمهمات إحلال السلام في دول تشهد نزاعات، لكن الواقع أن مهمتهم غالبا ما تكون مستحيلة.

ويبدو أن قدر الرجال والنساء الذين يضطلعون بمهمة مبعوثي الأمم المتحدة في النزاعات الدولية هو مواجهة التحديات المرعبة في أماكن كسوريا، ليبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

ولدى الأمم المتحدة نحو 20 مبعوثا خاصا، بعضهم يعمل في مهمات قصيرة الأجل فيما آخرون يشغلون مناصبهم منذ عقود.

وقال دبلوماسي عن عمل مبعوثي الأمم المتحدة: إنه «عمل شاق». وتابع «أنهم يتعرضون للنقد من طرف ثم الطرف الآخر، هم موضع لإفراغ أي إحباط».

وبعض المهمات ربما لا تكون خطرة، مثل العمل على توحيد جزيرة قبرص، أو إيجاد اسم لمقدونيا ترضى به اليونان أو حل الخلاف حول وضع الصحراء الغربية، لكن هذه الأزمات غير الخطرة تبدو في المقابل مستعصية منذ سنين.

وقال الدبلوماسي «عليهم أن يظهروا الكثير من التواضع والصبر واستغلال أي فرصة لإيجاد الظروف المناسبة لعقد حوار».

وتابع أن الأمر «يبدو مثل كونك لاعب شطرنج من الطراز الرفيع وتطلب من الآخرين تحريك القطع على الرقعة».

ولا يتوقف نجاح أي مبعوث أممي على الحنكة الدبلوماسية التي يتمتع بها، فالأمر يتعلق أيضا برغبة أطراف النزاع في التوصل لحل، وفي بعض الأوقات، يتوقف الأمر بشكل كبير على دعم القوى الكبرى في مجلس الأمن الدولي.

ففي كولومبيا على سبيل المثال، تلاقت كل هذه الشروط لإنجاح مهمة مبعوث الأمم المتحدة في التوصل لاتفاق سلام تاريخي بين الحكومة ومتمردي القوات المسلحة الثورية الكولومبية «فارك». ويشار لذلك على أنه مثال ناجح لمبعوث أممي في نزاع دولي.

ويحاول الدبلوماسي الإيطالي السويدي ستافان دي ميستورا، المبعوث الثالث للأمم المتحدة في الملف السوري، التوفيق بين روسيا والدول الغربية، وكلاهما في خلاف شديد بخصوص التوصل لتسوية سياسية في النزاع الذي دخل عامه الثامن. لكن نجاح مبعوث أممي لا يرتبط حصرا بإنهاء العنف. فاحتواء النزاع أو «الحفاظ على غطاء سياسي» يمكن أيضا اعتباره إنجازا دبلوماسيا.

ويتلقى مبعوثو الأمم المتحدة في سوريا، واليمن وليبيا نحو 12 ألف دولار شهريا، لكن في المقابل يوافقون على «تعطيل» حياتهم الشخصية، فهم يسافرون باستمرار ويقدمون تقارير عن إنجازاتهم وإخفاقاتهم لمقرات الأمم المتحدة المختلفة.

وينبغي أن يحصل المرشح لشغل منصب مبعوث الأمم المتحدة على موافقة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن أي بريطانيا، والصين، وفرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة، وأطراف النزاع نفسه.

ودخل الدبلوماسي الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي سيترك منصبه كمبعوث أممي في اليمن نهاية الشهر، في خلاف شديد مع (أنصار الله)، ما ساهم في فشل جهود الوساطة في النزاع الدامي في أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية.

ويبدو العديد من مبعوثي الأمم المتحدة مصابين بالإحباط.

وقال غسان سلامة المبعوث الخاص لليبيا في مقابلة مع وكالة فرانس برس نهاية العام الفائت «حلمي بأن أكون آخر مبعوث خاص لليبيا»، وتابع «لا أريد أن يستمر دوري» من بعدي.

وثمة آخرون دفعوا الثمن غاليا، على رأسهم الدبلوماسي البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميللو، الذي يعتبر أحد أكثر مبعوثي الأمم المتحدة موهبة وقتل في اعتداء في بغداد في أغسطس 2003.