أفكار وآراء

الغرفة ... والشراكة بين القطاعين والمجتمع

10 فبراير 2018
10 فبراير 2018

د. محمد رياض حمزة -

في إطار التداول الديمقراطي للمسؤولية في إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان أعلنت في 4 فبراير 2018 نتائج انتخابات مجلس إدارة الغرفة الجديد للفترة من 2018 ـ 2022م. وفي موقع الغرفة على شبكة الإنترنت تقول الغرفة في رؤيتها “ إنها تعمل على تنمية القطاع الخاص العماني وجعله شريكا أساسيا في التنمية الاقتصادية المستدامة”. وفي رسالتها تقول: “الغرفة هي الممثل الرسمي للقطاع الخاص العماني محليا ودوليا وأداته الفاعلة في المشاركة في اتخاذ كافة القرارات التي تهم القطاع، وتحــرص علــى دعم وتطوير وتنميـــة القطـــاع الخاص من خلال الأدوات والبرامج المتاحة لدفع مسيرة التنمية الاقتصادية في السلطنة”.

وأكد قيس بن محمد اليوسف الرئيس الجديد لمجلس إدارة الغرفة أن المبادئ الأساسية للاستراتيجية ستكون متوافقة مع النظام الجديد الذي أعطى الحوكمة الحديثة مساحة للقانون، معتبرا هذه المرحلة من المراحل المهمة في تاريخ الغرفة. وأكد اليوسف أن مجلس الإدارة سيجتمع قريبا لوضع استراتيجية الغرفة للفترة “ 2018 ـ 2022”، وقال “تبقى الغرفة هي الممثل الرسمي للقطاع الخاص وتعزيز هذا المفهوم حيث إنها المنصة التي من خلالها نتمنى أن نكون الشراكة الثلاثية ما بين الغرفة و منتسبيها والحكومة والمجتمع في تحقيق أهداف الغرفة. وأن الغرفة تهتم بتنمية الموارد البشرية من خلال التدريب والتأهيل والتطوير، مؤكدا أنه مع التعمين 100%.

التصريح الصحفي لرئيس الغرفة تضمن أهدافا ورؤى ذات مضامين طموحة بتنفيذها ستعزز الغرفة الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع . وسيكون إسهامها قويا في تنمية الاقتصاد الوطني. من بين المحاور التي كثر الحديث عنها وكُتب فيها الكثير، محور الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي إن أنجزت وتحققت أهدافها فإن القطاع الخاص سيكون قد شارك في إنجاز ما دأبت حكومة السلطنة عليه من المشاريع التنموية في القطاعات الإنتاجية والخدمية. يتكرر حديث المسؤولين والاقتصاديين عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ويطالبون في كتاباتهم بشراكة حقيقية بين القطاعين. وتكرار الحديث عن هذا الموضوع يؤكد أن تحقيق الشراكة يحتاج إلى المزيد من التنسيق والمبادرات من القطاع الخاص ومن مرجعيته غرفة تجارة وصناعة عمان. وتحديدا في تشغيل القوى العاملة الوطنية. في وقت يتصاعد وجود باحثين عن عمل من القوى العاملة الوطنية .

فحكومة السلطنة أغدقت بسخاء على القطاع الخاص وساندته بالتشريعات المُيَسِرة لتأسيس منشآته وشركاته وتوسيعها ولبت ما طلب من القوى العاملة الوافدة على مدى عمر النهضة المباركة. فالقطاع الخاص العماني يشغل الآن ما تجاوز المليون و900 ألف عامل وافد في مختلف المهن والوظائف. ذلك العدد من القوى العاملة الوافدة التي تعمل في مختلف المهن والوظائف في منشآت القطاع الخاص الإنشائية والإنتاجية والخدمية. من بينها وظائف ومهن ممكنة التعمين بِيُسْر من خلال مبادرات تضعها منشآت القطاع الخاص من بين أهدافها في تشغيل القوى العاملة الوطنية وتدريبها وتهيئة بيئة عمل حاضنة ميسرة لعملها واستقرارها وإنصافها أجرا وتعاملا.

يأخذ مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص منحيين، في الاقتصادات التي تنهج نظام السوق. الأول عرف بمساهمة القطاع الخاص بالدور الأكبر في القيام بممارسة الأنشطة الاقتصادية كافة. بما في ذلك مشروعات البنية الأساسية للدولة. وتشغيل القوى العاملة والإسهام الفاعل في السياسات الاجتماعية. وذلك متحقق في معظم الدول الرأسمالية المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والمانيا واليابان. أما المفهوم الثاني فعرف تطبيقه في العدد الأكبر من دول العالم حيث يتقاسم القطاعان العام والخاص نسبا متباينة من الشراكة، تتسع أو تتقلص حسب النظام الاقتصادي ـــ السياسي، وتحدد حجم الشراكة بالمبادرات التي يقوم بها القطاع الخاص بالمساهمة، تمويلا وإدارة، في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية والسياسات الاجتماعية.

ولتحقيق شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص في السلطنة فهناك عدد من التحديات التي تتطلب التعاون والتنسيق بين القطاعين على أن يأخذ الصيغة المؤسسية، حيث يمثل مجلس الوزراء الموقر القطاع الحكومي ، ويمثل القطاع الخاص غرفة تجارة وصناعة عمان. وبالتنسيق والتعاون بين القطاعين تتحقق الشراكة. لذا فمساهمة القطاع الخاص في مشاركة الحكومة لإيجاد حل لتحدي الباحثين عن عمل يجب أن يأخذ صيغة مؤسسية. فشركات ومنشآت القطاع الخاص الممتازة الاستشارية والعالمية والأولى تشغل عشرات الآلاف من القوى العاملة غير العمانية في وظائف ومهن قابلة للتعمين. فالشراكة بين القطاعين في مواجهة تحدي وجود إعداد متزايدة من الباحثين عن عمل وتوفير فرص عمل في منشآت القطاع الخاص يمكن تعزيزها:

• أنْ يكون القطاع الخاص المشغل الأساس وأن يتعامل بجدية في تطبيق برامج الإحلال والتعمين وإعطاء الأولوية في التشغيل للقوى العاملة الوطنية في منشآته.

• أنْ تتم إعادة النظر في أجور القوى العاملة الوطنية ، بما يتناسب والمستوى العام لتكاليف المعيشة في السلطنة.

• أنْ يلتزم القطاع الخاص بشمول القوى العاملة الوطنية بضمان تقاعدي مجزٍ مماثل للضمان الحكومي.

• أنْ يهتم القطاع الخاص بتدريب القوى العاملة الوطنية وتمكينها من تبوؤ الوظائف القيادية .

• أنْ تُماثل الامتيازات التي تحصل عليها القوى العاملة الوطنية بين القطاعين.

جدير بالذكر أن عمل غرف التجارة والصناعة ذات المكانة الفاعلة والتأثير الكبير في توجهات الاقتصادات الرأسمالية الصناعية يتضمن العديد من الأنشطة بما في ذلك جمع المعلومات والإحصاءات ذات العلاقة بالتجارة والصناعة في البلد وكل ما يرتبط بمصالح وشركات القطاع الخاص.( بنك معلومات). وإعداد الدراسات والبحوث المتعلقة بالتجارة والصناعة وتقديم التوجيهات والاستشارات للقطاع الخاص وتعريفه بالمستجدات في القوانين والتشريعات الحكومية. ومبادلة المعلومات والإحصاءات مع الجهات

الحكومية. وتقديم الاقتراحات بشأن حماية التجارة والصناعة الوطنية من المنافسة الأجنبية. وإرشاد شركات التجارة والصناعة إلى أهم البلدان والمناطق التي يستوردون منها أو يصدرون إليها بضاعتهم، وكذلك إرشادهم إلى طريق تطوير التجارة والصناعة. وحصر ومناقشة مشاكل التجاريين والصناعيين تمهيدا لعرضها على الجهات الحكومية المختصة.

‌و خفض المنازعات التجارية والصناعية عن طريق التحكيم إذا اتفق أطراف النزاع على إحالتها إليها. وتبصير التجار والصناع بفرص الاستثمار الجديدة في المجالات التجارية والصناعية عن طريق التنسيق مع الجهات المختصة. و تشجيع التجار والصناع وحثهم على الاستفادة من بيوت الخبرة المحلية والأجنبية، وتشجيع الاستثمارات في المشاريع المشتركة للمساهمة في تحقيق التنمية.

الغرف التجارية والصناعية في الدول الصناعية المتقدمة كانت وراء معظم الإنجازات الكبيرة التي عززت استدامة النمو الاقتصادي بلدانها من خلال دورها في تمثيل القطاع الخاص وتقديم الاستشارة والإدارة والتوسيع الاقتصادي لمنتسبيها من الشركات. والمبادرة بالمشاركة في المنتديات الاقتصادية الوطنية والدولية بالتنسيق مع الحكومة . وتزويد المستثمرين ( الشركات الوطنية والأجنبية ) بالمعلومات المطلوبة لتطوير وتنفيذ مشاريعهم. وتعمل على إصدار دورية محكمة بملخصات للدراسات والبحوث في إطار الاختصاص .وتعمل على توطيد العلاقات مع الهيئات الأجنبية المماثلة وتبرم معها اتفاقات التعاون والتبادل وذلك بالتنسيق مع الحكومة. ومن خلال توسيع عمل غرف التجارة والصناعة في عدد من البلدان عملت على إنشاء مراكز للبحث والتطوير والتدريب لمساعدة منتسبي الشركات المنتمية لها .

وبما أن الشركات التي تمثلها غرف التجارة والصناعة في دول العالم ذات الاقتصادات المتقدمة والناشئة والنامية المستقرة تُعد بعشرات ومئات الآلاف. فإن أنشطتها تدعمه قدرتها المالية ومصدرها الاشتراكات والرسوم. وذلك يمكنها من الإنفاق على الدراسات والاستشارات والمشاركة في المنتديات وأي نشاط آخر. فغرف التجارة والصناعة أحد أهم أعمدة الاقتصادات في المتقدمة.

[email protected]