saif-al-f
saif-al-f
أعمدة

لقاء الأسبوع: في زمن الفتن..

08 فبراير 2018
08 فبراير 2018

سيف بن سالم الفضيلي -

خلق الله تعالى الإنسان في هذه الحياة لمقصد عظيم وكلّفه أمانة أبت السماوات والأرض أن يحملنها وأشفقن منها وذلك لتميز هذا الإنسان بالعقل المدبر دون غيره من المخلوقات وتركيبته التي وضعها الله تعالى فيه للقيام بتوحيد الله تعالى في أرضه وأن يكون خليفته في أرضه بالقيام بعمارتها العمارة التي يريدها الله تعالى منه ليتسنى له منها المنفعة ولغيره من بني جنسه والمخلوقات التي عليها.. «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ، لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا» .. السعيد منا هو ذلكم الإنسان الذي يعلم حقيقة خلقه فيعمل بمقتضى هذه الحقيقة ولا يحيد عنها فيترسخ الإيمان والتوحيد في قلبه لله واحداً أحدًا لا شريك له فرداً صمداً لا ند له .. فيسري خوف الله الجبار في قلبه وتحيط محبة الله تعالى على قلبه .. فيتحول ذلك إلى يقين تام وصادق وحقيقي بأنه لا ضار ولا نافع إلا الله تعالى وأنه لا معطي ولا مانع إلا الله تعالى وأنه لا شافي ولا معافي إلا الله تعالى.. فيترسخ هذا اليقين ويتمكن من القلب تمكنا حقيقيا ليستسلم هذا القلب الاستسلام التام وبذلك لا يخشى في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة كذلك ظلما ولا هضما ولا فقرا ولا بؤسا.. «فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا»..

ان حياتنا التي نعيشها اليوم مليئة بما يعكر صفو الإيمان الصحيح، فالفتن تلاحقنا من كل حدب وصوب والمغريات تحيط بنا من كل جانب.. والكيّس الفطن هو ذلكم الإنسان الذي يعظّم الله تعالى ويخشى تعدّي حرماته فيجاهد نفسه حتى لا يقع في شر الأعمال من خلال التعفف عن كل الحرام مأكلا ومشربا وقولا وعملا.. فحقيقة الإيمان تظهر في مثل هذه الأحوال الصادمة والملذات الجاذبة والفتن الدانية.. فلنكن بحبل الله مستمسكين وبهديه قائمين وعلى صراطه مستقيمين.. رجاء رحمته وقربه.. فيكون لنا الجزاء الحسن والثواب العظيم منه جل وعلا في الآخرة على ما صبرنا عليه من مغريات وملهيات هذه الدنيا الفانية.. «وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا»..