humdah
humdah
أعمدة

عائدات من الموت

04 فبراير 2018
04 فبراير 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

كنت قد انتهيت للتو من قراءة كتاب (أموت كي أحيا أنا) لأنيتا مورجاني، الذي يحكي قصتها المذهلة مع الموت، وحياتها بعد أن قررت عدم الاستسلام له، وكنت ما زلت مسكونة بأحداث القصة عندما نقل لي زميل عمل تحية من امرأة فاضلة كنت قد عملت معها على مشروع منذ سنوات، ثم اختفت تماما، لأعرف بأنها عاشت قصة شبيهة بقصة (أنيتا مورجاني) فقد عادت من الموت بشكل إعجازي مازال الأطباء في مستشفياتنا يبحثون أسراره، وقد بعث ملفها للخارج لدراسته.

هاتفتها على الفور وطلبت لقاءها، مرت من أمامي ولم أتعرف عليها للوهلة الأولى فقد كانت امرأه مختلفة تماما، مازالت تعمل على محو آثار المرض من جسدها الذي كان رشيقا ذات يوم، قويا، كانت تثير إعجابنا في الفريق على قوة تحملها وقدرتها على العمل لساعات طويلة دون كلل أو ملل، على تلك الابتسامة التي كانت قادرة على الاحتفاظ بها في تلك الظروف الضاغطة.

احتضنتني بحب عهدته منها، لكن هذه المرة بحرارة أشد، كنت أستطيع أن أستشعره بقوة، ولفترة أطول وكأنها لم تصدق بأنها فعلا عاشت لتراني مرة أخرى، أو كأنها أرادت استشعار تلك المشاعر الإنسانية لفترة أطول، فالإنسانة مثلها تصبح المشاعر الإنسانية ذات قيمة عالية مختلفة.

كنت أسمعها بذهول وهي تحكي قصتها مع الموت الذي جعلني لقائي بها أتصالح مع فكرته، ولكن في الوقت ذاته أرى الحياة بمنظور مختلف، تغيرت كثيرا بعد ذلك اللقاء، تغيرت الطريقة التي أمارس فيها مهام وظيفتي، أصبحت أمارس كل شيء بمحبة أكبر، أستحضر النية في كل ما أقوم به، تغيرت الطريقة التي أعد بها طعامي وكيف أتناوله، بدأت أرى كل شيء وكأنني أراه للمرة الأولى، كل من حولي لاحظ بأنني لم أعد الإنسانة ذاتها، كل شيء بات مختلفا، تغيرت اهتماماتي، توقفت عن الشكوى والتذمر وكنت كلما أحسست ببوادر غيمة تشاؤم أتذكر ابتسامتها وهي تودعني في آخر اللقاء، أتذكر كلماتها: عيشي حياتك حمده، اضحكي كثيرا، حبي كثيرا، أمنحي نفسك فترات أطول من الراحة والصمت وابقي متصلة مع الله على الدوام، هنا يكمن سر السعادة الحقة، وهو بالضبط الدرس الذي خلصت إليه أنيتا مورجاني.