1239559
1239559
عمان اليوم

قرية كمزار البحرية بمحافظة مسندم.. مركز للصيد البحري وقبلة للسياحة الطبيعية

03 فبراير 2018
03 فبراير 2018

[gallery size="medium" ids="559914,559915,559912"]

تنفرد بتكوينها الجيولوجي ولهجتها -

بخاء - أحمد خليفة الشحي -

بين رؤوس الجبال وقممها .. تقبع قرية كمزار البحرية هادئة مطمئنة تحت السفوح .. تفوح منها رائحة تميزها عن غيرها من المناطق البحرية الجميلة التي تلفها من جميع الاتجاهات.. رائحة جاءت من تاريخ يضرب في الأعماق مئات السنوات، فقد شهدت أحقابا جيولوجية وطبيعية واجتماعية فريدة، كمْزار رأت البوكيرك البرتغالي وهو يقف على أسطوله البحري وقد أغرته الواحة الغناء كمزار، شهدت هذه القرية التصاقا بفارس قبل انقسام الصفائح التكوتونية الشهيرة ربما أكسبها الفرادة في الكثير من الأشياء التي لم تحظ كل المناطق الأخرى بها وفي هذه الإضاءة سوف نلقي الضوء على ملامح هذه القرية علنا ننقل لكم شيئا من سحرها:

وجه التسمية

قيل: كَم زار هذه البلدة من بشر ؟ هذا هو المعنى الأقرب لفهم الاسم المركب كَمزار وهو الاسم الذي سجله المسعودي في كتابه (مروج الذهب) وقدمها ياقوت الحموي في معجم البلدان معجمه الخاص بالبلدان هكذا قيل «كمزار (بالضم ثم السكون وزاي بعد ثم بعد الألف راء) بأنها بليدة صغيرة من نواحي عمان على ساحل بحرية في واد بين جبلين شربهم من أعين عذبة جارية - وهناك رواية أخرى عن اسم هذه القرية الوادعة به بعض الطرافة لكنها الأسماء التي تحتفظ دائما بأسرارها ومعانيها وتحدي قدراتنا على الكشف عن تلك الأسرار، حيث تشير هذه الرواية إلى الاسم المركب كمزار جاءت وصفا للناس الذين يسكنون بها يرتدون (قبة) للرأس و(إزارا) يغطي الجسم وهو ما نطلق عليه بالمحلية الدارجة « كمه ووزار».

ديموغرافية كمزار

تعتبر قرية كمزار جغرافياً من أبعد القرى في شمال عمان، وفي الوقت الراهن يسكنها ما يزيد قليلا على ثلاثة آلاف نسمة ، ويسكنون بيوتا متقابلة بنيت على جانبي واد ينحدر من الجبل باتجاه البحر في رأس مسندم ويؤكد السكان هناك انه لا مكان لأي توسع سكاني أفقي في هذه القرية إلا بالبناء فوق الجبال أو ردم أجزاء من البحر والبناء عليها - في الصيف يذهب « الكمزاريون » إلى خصب لموسم القيظ وفي بقية المواسم يلازمون الجبل والبحر في تحد صريح للطبيعة وانسجام كامل معها، ولا ترتبط « كمزار» بأي مكان عن طريق البر لأنها تكتفي بالبحر طريقا حضاريا وثقافيا مفتوحا على احتمالات المغامرة والبطولة والمجهول والحياة والموت - وعلى الرغم من توفر إمكانية التنقل منها واليها جوا بواسطة الطوافات إلا أن البحر يبقى الطريق الأكثر سهولة وتوفرا على الرغم من مخاطره ومغامرة الولوج إليه ولكن أهلها لا يعتقدون بوجود أي صعوبات ولا حتى مغامرات فهو طريق يومي يربطهم بخصب وغيرها من مناطق وقرى محافظة مسندم.

العادات والتقاليد

تزخر قرية كمزار بالعديد من العادات والتقاليد الجميلة بحكم ملامحها الحضارية والثقافية رغم فرادتها فهي لا تتغير كثيرا عن مثيلاتها في باقي أرجاء السلطنة والخليج العربي بشكل عام ومن أهم الطقوس الممارسة مثلا طقوس الزواج والفنون الشعبية.

كمزار في النهضة المباركة

حظيت قرية كمزار بالعديد من الخدمات الحكومية في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة فقد بنيت مدرسة أساسية(5-12) ومركز صحي، وآخر للشرطة، ومكاتب للبلدية وتم توصيل الكهرباء والمياه والأنترنت لهذه المنطقة لتكون شاهدة أن لا حدود لعطاء الحكومة ولا سقف لمنحها.

مهنة الصيد

هي المهنة الرئيسية لأبناء المنطقة حيث يهبون باكرا جدا للذهاب إلى البحر الذي تم تقسيم مناطقه حسب العرف المتعارف بينهم ويذهب أحدهم إلى أعلى نقطة في المنطقة على الجبل ليراقب سير السمك فيها حتى إذا لاحظ تجمعا للأسماك نبه زملاءه في الطاقم البحري بالقارب المسمى ( الطراد) أو (اللنج) الذي يشبه الغنجة والسنبوق في صور الحبيبة ويتم اصطياد السمك وبيعه في خصب وتصديره للخارج والى مناطق السلطنة القريبة ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، أما إن كان الصيد هو سمك ( العومة) الذي يشبه سمك السردين الصغير فهذا يجفف ويعبأ ويصدر أو تقوم عليه صناعات محلية كصناعة المالح والسحناة.

لهجة كمزار

لهجة كمزار لهجة منطوقة غير مكتوبة يسعى الكثير من الباحثين للتعرف على أصولها وتوثيقها، فهي خليط من العربية والفارسية والبرتغالية والانجليزية والهندية وغيرها من اللغات التي مرت على المنطقة فاللغة الكمزارية دليل حضاري على زخم تاريخ المنطقة يتحدثها أهلها في حياتهم اليومية وينقلونها معهم حيثما رحلوا ويعلمونها لأبنائهم لذا فهي لغة غير قابلة للاندثار كما قيل لأنها لغة اتصال وتواصل فيما بين الأهالي لكنها لغة محدودة لأهلها مقصورة عليهم.

السياحة

تعتبر كمزار محط أنظار السياح من مختلف أنحاء العالم، ومن أكثر الفترات ذات الزخم السياحي فترات الشتاء ( ديسمبر وحتى أبريل) فإضافة لجوها الجميل وهوائها العليل تزخر كغيرها من المناطق البحرية بالدلافين الراقصة في مياه الخليج والتي يتهافت عليها السياح من كل مكان مصرحين بأن الأخوار البحرية فيها شبيهه بأخوار سويسرا المسماة عالميا بالفيوردات.

هذه محطة كمزارية وددنا من خلالها إلقاء الضوء على هذه المنطقة الجميلة في شمال السلطنة الغنية بالجمال.