المنوعات

اليونان لم تكن دوما تعترف بملوك مقدونيا ورعاياهم

01 فبراير 2018
01 فبراير 2018

أثينا، (أ ف ب) - يشكل الملكان المقدونيان الاسكندر الكبير ووالده فيليبوس الثاني عنصرا أساسيا في تراث اليونان التاريخي اليوم إلا أن الإغريق القدامى لم يكونوا متحمسين لهما كثيرا.

وتحاول أثينا وسكوبيي الآن التوصل الى اتفاق مع ماثيو نيكيتس موفد الأمم المتحدة الذي زار أثينا وسكوبيه، حول اسم جديد لمقدونيا بسبب خلاف يعود إلى العام 1991 نتيجة اعتراض اليونانيين على ان تحمل هذه الجمهورية اليوغسلافية السابقة هذا الاسم.

وفي بادرة حسن نية أعلن رئيس الوزراء المقدوني زوران زاييف الأسبوع الماضي في دافوس عن تغيير تسمية مطار سكوبيي الدولي والطريق السريع الرئيسي في البلاد اللذين يحملان اسم «الاسكندر الكبير». في القرن الرابع قبل الميلاد، كان الملك فيليبوس الثاني يصنف بشكل واسع في خانة الأعداء من قبل مدن يونانية حاربته مدة عقد من الزمن.

فقد شن فيليبوس الثاني القائد العسكري والدبلوماسي المحنك الذي جعل من مقدونيا (وهي منطقة تقع في شمال اليونان) قوة عظمى إقليمية حول مدينة بيلا، حملة مكثفة على هذه المدن اليونانية توجها بانتصار على أثينا وثيفا خلال معركة خيرونيا (العام 338 قبل الميلاد).

وكانت تلك المرة الأولى التي يقع فيها بر اليونان الرئيسي تحت سلطة رجل واحد بعد عقود من الحروب بين الأشقاء.

ويوضح راينهارد سينف مدير مدرسة الآثار الألمانية في أثينا «كان فيليبوس حاكما قليل الذمة تمكن من فرض سلطة مقدونيا على بقية أرجاء اليونان ما أثار بطبيعة الحال الكثير من المعارضة له». في تلك المرحلة كان غالبية اليونانيين لا يعتبرون المقدونيين جزءا من الحضارة الهيلينية في حين كان هؤلاء يتكلمون اليونانية ويعبدون الآلهة نفسها.

وكان الخطيب البارز في أثينا ديموستيني الذي وضع خطبا نارية ضد فيليبوس الثاني يصفه بانه «همجي».

ويحاول ستيفن ميلر الأستاذ الفخري في جامعة كاليفورنيا في بيركلي التخفيف من وقع هذه الكلمة ويقول «كان ديموستيني يعتبر كل شخص يخالفه الرأي «همجيا» فحتى بعض أصدقائه في أثينا كانوا «همجيين» بنظره».

إلا ان المقدونيين القدامى كانوا يكنون احتراما كبيرا للثقافة اليونانية.

فالاسكندر كان معجبا كثيرا بإلياذة هوميروس وعين له والده كمدرس الفيلسوف أرسطو الشهير وهو من أثينا.

ويؤكد سينف «الثقافة الهيلينية كانت موضع احترام في الأوساط الملكية المقدونية منذ القرن الخامس قبل الميلاد».

وشارك فيليبوس على غرار أجداده المقدونيين في الألعاب الأولمبية القديمة مع أنها كانت مخصصة عادة لليونانيين فقط.

وفازت جياد يملكها فيليبوس ثلاث مرات متتالية في الألعاب الأولمبية وقد شيد الملك لاحقا في أولمبيا (جنوب اليونان) نصبا هائلا مكرسا لزوس.

ويشير ميلر إلى انه «يمكن القول إن الأصول اليونانية لملوك مقدونيا كانت موضع تقبل واسع في القرن الخامس قبل الميلاد، لأنه تم الاعتراف بهم على انهم ينحدرون من هرقل احد أبطال الميثولوجيا الإغريقية». إلا ان هذا الأمر لم يكن ينطبق على رعاياهم.

ويقول ميلر «اليونانيون لم يكونوا يعتبرون المقدونيين على انهم يونانيون، وبالعودة الى نهاية الحقبة الكلاسيكية (القرن الرابع) وحدها العائلة المالكة كان يحق لها دخول أولمبيا». ويدير سينف حفريات في هذا الموقع.

وبعد والده، شكلت انتصارات الاسكندر أوج النفوذ الثقافي والعسكري اليوناني في آسيا الوسطى والشرقية وفي شمال إفريقيا.

وعلى مدى ثلاثة قرون، وخلال المرحلة الهيلينية التي استمرت حتى بروز الامبراطورية الرومانية تقريبا، بقي الملوك الذين تعاقبوا بعد الاسكندر يسيطرون على المناطق التي تشكل الآن مصر وتركيا وسوريا وأفغانستان والهند.

وبعد ذلك شكل الرومان محافظة كبيرة أطلق عليها اسم مقدونيا شملت أجزاء من ألبانيا ومقدونيا وبلغاريا الحالية.