1238193
1238193
العرب والعالم

حملة تنكيل إسرائيلية بأهالي «العيسوية» بالقدس

31 يناير 2018
31 يناير 2018

القدس - (الأناضول): شنّت طواقم الشرطة، والبلدية الإسرائيلية بالقدس، في الأيام القليلة الماضية حملة مداهماتٍ وتنكيلٍ واسعة بأهالي قرية العيسوية شرقي القدس، شملت اعتقال أكثر من 30 شابا، والاعتداء على بعضهم، وتوزيع مخالفات، وهدم حاويات للتخزين ولاستخدامات تجارية، وفحص رخص المحلات التجارية، وإزالة الشعارات والصور الوطنية من شوارع البلدة. وقد بلغت هذه الحملة ذروتَها ليلة الاثنين/‏‏الثلاثاء الماضي، حيث داهمت قوات معزّزة من الشرطة أحياءً متعددةً من العيسوية بعد منتصف الليل، واعتقلت 34 شاباً تحت ادعاء مشاركتهم في مواجهات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة.

فيما اعتقل البعض على خلفية ديون مستحقة عليهم من قبل المؤسسات الإسرائيلية الرسمية، كمخالفات البناء والضرائب وغيرها.

كما شملت هذه الحملة مداهمة منازل بعض الشبان والأطفال المحبوسين منزليا، بهدف التأكد من التزامهم بشروط الحبس المنزلي المفروض عليهم من الشرطة.

وخلال حملة المداهمات الليلة (الاثنين/‏‏الثلاثاء) نسي أفراد الشرطة وراءهم ملفا يحوي قائمة بأسماء جميع من يستهدفونهم بالاعتقال أو التحقيق، عثر عليها أحد أبناء البلدة، ويظهر في القائمة أسماء 72 شابا وطفلا من العيسوية.

وقد شملت هذه المداهمة الليلية اعتداءً على ممتلكات بعض الأهالي، فأثناء بحث الشرطة عن منزل الشاب رشاد محمد أبو ريالة قامت بتكسير إحدى نوافذ منزل جيرانه، وتخريب قفل باب جار آخر، حتى وصلت إليه.

وانتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُرى فيه أحد أفراد الشرطة يعتلي سلما من أجل تكسير النافذة في محاولة للوصول إلى الشاب رشاد.

إغلاق مداخل القرية

ويعاني أهالي العيسوية منذ نهاية الأسبوع الماضي من تضييق على حركتهم خاصةً في ساعات المساء، إذ قامت الشرطة بإغلاق كافة مداخل البلدة، ومنعت السيارات من الدخول أو الخروج من القرية لفترات تتراوح بين الساعة والساعتين، بدون أي سبب واضح، مما سبب أزمات على مداخل القرية وتعطيل حياة الناس.

وفي حديث خاص لوكالة «الأناضول»، قال محمد أبو الحمص، عضو لجنة المتابعة في بلدة العيسوية: إن هذا الإغلاق يُعطل مصالح الناس وهدفه فقط التضييق عليهم وتشكيل ضغط عليهم لمنع أي مواجهات مع قوات الاحتلال مستقبلا.

ويتفق مع ذلك والد أحد المعتقلين قائلا: «الهدف هو (دفعنا للمغادرة) التطفيش، هم ببساطة يريدون أن نملّ من هذه البلد ونرحل عنها».

وقد تعرض أبو الحمص للاعتقال لبضعة ساعات خلال احتجاجه على إغلاق مداخل البلدة، وخلال اعتقاله، نقل له أحد الضباط تهديدا بأن «المزيد ينتظر أهالي العيسوية»، متوعدا إياهم بالقول «سيأتيكم ما هو أصعب». ويرى أهالي البلدة أن هذه الحملة تهدف إلى «ترهيبهم وثنيهم عن مواجهة الاحتلال، ومحاولة فرض السيادة الإسرائيلية الأمنية على المنطقة»، خاصةً أن بلدة العيسوية تشتهر في القدس بكونها الأكثر حضورا في المواجهات مع الشرطة، والتي كان آخرها عقب الإعلان الأمريكي عن القدس عاصمة لـ«إسرائيل».

هدم حاويات

وقد استمرت هذه الحملة الإسرائيلية حتى ظهر يوم الثلاثاء الماضي، وشملت هدم وتخريب حاويات حديدية كبيرة، بلغ عددها ما يقارب الـ8، يستخدمها الأهالي لتخزين أغراضهم أو أدوات محالهم التجارية.

كما تخللت الحملة قصّ حواجز حديدية على طول الشارع الرئيس في بلدة العيسوية، كانت منصوبة على الأرصفة، يستخدمها الأهالي لتنظيم أمور ركن السيارات.

وبعد أن انتهت طواقم الشرطة والبلدية الإسرائيلية، من وسط البلدة توجهت إلى الأراضي الشرقية للعيسوية يرافقها أحد موظفي «سلطة حماية الطبيعة الإسرائيلية، حيث توجد منطقة صناعية لأهالي البلدة، وهدمت هناك حاويات مُعدّة لتربية الأغنام والخيول، وأخرى تعود لمحلّ بيع مواد بناء».

وفي حديث مع محمد صالح مصطفى (55 عاما)، صاحب مزرعة الأغنام التي هدمت، قال: «إن هذه هي المرة الثانية التي تهدم له قوات الاحتلال المزرعة».

وأضاف: «لا يوجد مكان لتربية هذه الأغنام داخل البلدة، فالتجأ إلى هذه الأرض التابعة للعائلة على طرف البلدة»، وتابع مصطفى أن حجة الشرطة هي عدم «وجود ترخيص لهذه المزرعة»، مُعلقاً: «نذهب لطلب الترخيص ولا يعطوننا، إذا كانوا يريدون أن نبني برخصة، فليعطونا رخصة». وتتعمد الشرطة هدم الحاويات في الأراضي الشرقية للعيسوية بين الحين والآخر، إذ أنها تنوي مصادرة تلك الأراضي لغرض إقامة ما تُمسيه «حديقة قومية».

ولذلك ترافق هذه القوات الشرطية طواقم سلطة «حماية الطبيعة»، والتي تدعي أن تلك الأراضي يجب أن تُحول إلى حديقة عامة تابعة لها للحفاظ على الغطاء النباتي فيها، وهو الادعاء الذي يرفضه أهالي القرية، ويرون أنه لا يوجد غطاء نباتي مميز في المنطقة يستدعي الاهتمام، وأن الهدف من هذا المخطط منع توسعهم العمراني وامتدادهم الجغرافي.

الاعتداء على الطفل سيف عبيد

وفي إطار هذه الحملة، وأثناء وجود الشرطة في العيسوية مساء السبت، اعتدت على الطفل سيف الدين مهند عبيد (9 سنوات)، وخاله محمد صلاح محمود (25 عاما). وروى سيف الدين في حديث مع «الأناضول» أنه كان خارجا من بيت جدّه مساء يوم السبت الماضي لشراء الحليب لأخته الصغيرة، وفي طريق عودته إلى البيت فاجأه أفراد من شرطة الاحتلال بالضرب والدفع، بدون أي مقدمات، وقد أدى هذا الاعتداء إلى كسر إصبع يده اليسرى.

يقول سيف: «بعد أن خلصت منهم ركضت إلى بيت جدي وناديت خالي لأخبره بما حصل، وعندما خرج خالي ليجادلهم، اعتدوا عليه وضربوه في وجهه ورشّوا عليه غاز الفلفل، واعتقلوه لساعات».

ولم يكتفِ جنود الاحتلال الإسرائيلي بالاعتداء على سيف وخاله، فقد اعتدوا على جدته وخالته عندما هبّوا لتخليص محمد من بين أياديهم وقاموا بدفعهما وشدّ شعر الخالة. وعن هذه الحملة أصدرت الشرطة الإسرائيلية بيانا مساء الثلاثاء أسمت فيه هذه الحملة بـ«حملة 700». وقالت إنها الدورة الرابعة من هذه الحملة في بلدات القدس.

وقد سبق أن نفذت الشرطة حملة مشابهة على العيسوية في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر عام 2017، اعتقلت خلالها 51 شابا.

وتدعي الشرطة أن هذه الحملة تأتي من أجل «تحسين ظروف الحياة للسكان وإزالة التعديات والمخاطر عليهم»، وفق تعبير البيان.

ويقول نشطاء من العيسوية، لمراسلة وكالة الأناضول: إن الشرطة تحاول «الربط بين إيقاف المواجهات ضدّها، وبين تصليح البنية التحتية في البلدة، مستخدمة سياسة العصا والجزرة».