1235533
1235533
مرايا

متحدثا عن مسيرته التي تخطت الـ30 عاما - الإعلامي محمود المسلمي: عمان بلد لا تنسى وذكرياتي فيها لا تنتهي

31 يناير 2018
31 يناير 2018

حاورته: مروة حسن -

هو أكثر مذيعي الـ «بي بي سي» التي تستطيع أن تميز ضحكته وتعرف من صاحبها فورا، فهو صاحب «الهمزة» وصديق الآلاف من المستمعين، مسيرته الإعلامية تخطت الثلاثين عاما، وقد كان لإذاعة سلطنة عمان نصيب منها.

هو الإعلامي والإذاعي القدير محمود المسلمي ، شرفت بمحادثته طويلا وتعرفت على أهم المحطات التي مر بها في عمله ومسيرته المهنية وأجمل ذكرياته بالسلطنة والعديد من خلال هذا الحوار..

- لو سردنا حياتك الإعلامية كمحطات كيف تصف كل محطة فيها؟

المحطة الأولى بدأت من سنة ١٩٧٥، وهي محطة الإذاعة المصرية وهي تعتبر محطة التأسيس والتربية ومحطة الانطلاق لكل ما تلاها من محطات، وهذه المحطة تعلمت فيها الأصول الإذاعية، وتقابلت فيها مع مختلف الشخصيات من نجوم الفن والأدب والثقافة، فقد كان وقتها من العادي ان نرى بشكل مستمر نجيب محفوظ ويحيى حقي وتوفيق الحكيم ونور الشريف وغيرهم من عمالقة الفن والأدب، وكان ذلك يمثل بالنسبة إلينا نوعا من الزخم الثقافي الرائع.

أما المحطة التي تلت الإذاعة المصرية فكانت محطة إذاعة صوت العرب وهذه عززت بداخلي الجانب القومي والاهتمام بقضايا العرب،وتشبه صوت العرب الـ بي بي سي في أنها إذاعة للبانوراما العربية أي أنها لكل الدول العربية، وما تعلمته واستفدت منه في هذه الإذاعة أنني تقريبا لم أترك برنامج إلا وعملت به، أي أنني عملت بكافة انواع البرامج الإذاعية ولَم اقتصر على تقديم الأخبار، بل قدمت برامج للأطفال والأسرة وغيرها .

ثم جاءت المحطة التي تليها وهي العمل في إذاعة سلطنة عمان وكانت من ١٩٨٤ الى ١٩٩٠ وأطلق على هذه المرحلة مرحلة النضج، فإذاعة عمان وقتها كانت كالأرض البكر وقد رحبت كثيرا بكافة الأفكار التي قدمتها، وأستطيع القول أني انطلقت في عمان من ناحية تقديم البرامج وطرح الأفكار الغزيرة والمتنوعة ولي فيها العديد من الذكريات الجميلة التي لا تنسى، وعندما زرت السلطنة من ثلاث سنوات تقريبا وأجرى معي حوارا مطولا الزميل والصديق العزيز خالد صالح فوجئت أنه لا تزال هناك بعض التسجيلات الخاصة ببرامجي في مكتبة الإذاعة وهذا الأمر أسعدني كثيرا.

ثم أتت محطة العودة لصوت العرب مرة أخرى وكانت لعام واحد من ١٩٩٠ الى ١٩٩١ وقد عدت للعمل بها قبل غزو العراق بأسبوعين فكانت فترة عصيبة شهدها الوطن العربي وقتها وكانت لأول مرة الإذاعة تعمل لـ ٢٤ ساعة متواصلة وشملتها مواضيع غزيرة وأخبار ساخنة لذا كان عاما حافلا بكل ما تعنيه الكلمة.

ومن ١٩٩١ وإلى الآن اعمل في الـ«بي بي سي» وهذه المحطة عنوانها العمل في ملعب مغاير كثيرا لما اعتدته، فهي أتت بعد فترة التأسيس والنضج، وهي مدرسة مختلفة ومميزة من حيث سياستها التحريرية وأسلوب العمل فيها لكني حاولت فيها ان أمزج بين خلفيتي في مصر وعمان وبين طبيعة العمل فيها.

كما أن ممارستي للتدريب الإذاعي بكل أشكاله تمثل جانبا مهما في مسيرتي خاصة مع انتهاج أساليب علمية متقدمة، وأسعد كثيرا بمن دربتهم في إذاعة وتلفزيون السلطنة وهم الآن يتصدرون المشهد الإعلامي.

وفِي «بي بي سي» أقوم بتدريب زملائنا سواء علي تقنيات وأساليب الأداء الحديث وأيضاً كتابة وتقديم وإعداد البرامج السياسية والمنوعة مع الاهتمام بالجانب التحريري وسياسة بي بي سي.

وقد سافرت إلى دبي والكويت والشارقة كي أحاضر وأقوم بالتدريب أيضا وشمل ذلك كتابة الخبر واللغة العربية في الإعلام.

ذكريات عمان

- ما الذي تركته فيك سلطنة عمان من أثر في حياتك الإنسانية والعملية؟

عمان بلد لا تنسى ولقد أثرت في تأثيرا كبيرا سواء على المستوى المهني أو الشخصي، ولقد قدمت فيها برامج عديدة مثل برنامج (رحلة مع الأيام) و(شمس الأصيل) كما شرفت بالاشتراك في تقديم (البث المباشر) في انطلاقته، وقدمت برنامج (وتر وشجن) الذي كان عبارة عن مجموعة من الكتابات الشعرية، وكان أكبر تحدٍّ بالنسبة لي مهنيا أن أقدم برنامجا عمانيا بالطعم العُماني وهذا أمر ليس سهلا.

وفوق كل هذا كان الاستمتاع بالثقافة العمانية، والتعرف على الحياة الأصيلة للعمانيين، حتى أني قدمت حلقة كاملة عن الشعر النبطي لقصيدة كانت للسيد فاتك بن فهر آل سعيد وقدمتها باللهجة العمانية الصرفة وهو ما أشاد به بنفسه وحازت إعجاب المستمعين.

ومن التجارب التي لا أنساها في عمان أني قمت بالتمثيل مع الفنانة المتميزة فخرية خميس في برنامج المسرح العالمي.

فهذا البلد له أصالة وحضارة وتاريخ مميز وهذه المرحلة من أمتع المراحل التي عشتها في حياتي، كما أذكر أيضا ان زوجتي الإعلامية عزة الزفتاوي قدمت العديد من البرامج في السلطنة حتى أنها كانت أكثر مني تخصصا في تقديم ما يخص الشأن العُماني، ولنا العديد من الصداقات العائلية والأسرية في عمان والمستمرة حتى وقتنا الحالي.

- كل من يستمع الى برنامج «همزة وصل» يشعر أن هذا البرنامج يمثل حالة خاصة عند محمود المسلمي فهل هذا التصور صحيح؟

نعم هذا صحيح جدا فأنا دوما أردد عن هذا البرنامج انه يشبهني حيث ان سياسة العمل في «بي بي سي» تعتمد على المحايدة والجدية وعدم تبني رأي على حساب آخر ولكن أنا ممن يفضلون وضع بصمة إنسانية في أي عمل وهذا ما اعتمدت عليه في تقديمي لهمزة وصل وكانت هي الفرصة لتحقيق ذلك حيث سمح لي هذا البرنامج بأن أعطي شيئا من ذاتي في إطار سياسة الـ «بي بي سي».

وقد بدأ برنامج همزة وصل سنة ٢٠٠٠ وكان اسمه في البداية (على الهواء مع الأصدقاء) لكني قلت للمستمعين إنه قد طلب مني أن أبدأ الهواء وأنا لم أقرر بعد اسم البرنامج فما رأيكم ان تختاروا معي اسما لهذا البرنامج وبالفعل اختاروا معي اسم (همزة وصل)، ولقد فوجئت بأن البرنامج نجح نجاحا كبيرا اكثر مما توقعت، وربما حدث ذلك لأني أحاول باستمرار أن أعامل كل مستمع على أنه المستمع والصديق الوحيد.

وقد توقف البرنامج لفترة وعدنا مرة أخرى من حوالي ٦ سنوات وأصبح للبرنامج صفحة على الفيس بوك وأصبح التواصل مع الأصدقاء أسرع وأسهل لذا فهو من البرامج المحببة الى قلبي كثيرا.

الميكروفون حياتي

- كيف تصف علاقتك بالميكروفون في جملة؟

باختصار شديد أستطيع القول إن الميكروفون هو حياتي بمعنى الكلمة.

- وهل الكاميرا التلفزيونية لا تستهويك؟

أولا كل «ميديا» لها أسلوبها وجمالها، وأنا لي تجارب قليلة في التلفزيون ولكني لم احبه ولَم استهوه، وربما ذلك لأننا تربينا في الإذاعة على ان المذيع هو ملك الاستوديو وله كل الأدوات والصلاحيات التي يستطيع ان يستخدمها في تقديمه للبرنامج، أما مذيع التلفزيون فدوره محدود ومرسوم له بدقة ولا يستطيع أن يخالف ذلك فهناك قواعد للتعامل مع الكاميرا وهناك أدوار أخرى تلعب معه بعكس مذيع الراديو وهذا ما أحبه في الإذاعة، كما أني ارفض العمل داخل قالب محدد ولكن لو عرض علي برنامج تلفزيوني شعرت أنه سيضيف الى مسيرتي المهنية ربما أوافق.

مواقف صعبة

- هل هناك مواقف صعبة واجهتك أثناء الهواء؟ وكيف تعاملت معها؟

هناك بالفعل مواقف صعبة واجهتني أثناء تقديمي ولعل منها ما اذكره عندما كنت في إذاعة صوت العرب أثناء فترة اغتيال الرئيس السادات- رحمه الله- واختير مذيع من كل محطة وكنت أنا من تم اختياره من صوت العرب وكان موقف صعب على مواجهته خاصة وقت الجنازة حيث كنت أقوم بقراءة تقرير عن الحدث وكان تقريرا مكتوبا بشكل عاطفي للغاية وبعد جملة أو اثنتين أوشكت أن يختنق صوتي بالبكاء، وهذا ضد الحرفية كما تعلمت من أساتذتي، لذا حاولت أن أفصل مشاعري وأكمل التقرير دون ان يبدو تأثير ذلك علي، أيضا من المواقف المؤثرة التي واجهتني كان زلزال ١٩٩٢ الذي حدث في مصر وأودى بحياة المئات وكنت وقتها في الـ بي بي سي، وكان الموقف صعب أيضا حيث كان يأتي إلى كل دقائق تقرير جديد بعدد جديد من الضحايا وكان أمر محزن للغاية، ولكن هناك قاعدة ذهبية دائما أرددها لتلاميذي وهي ان المذيع يحس ولا ينفعل، لأنه في كل الأحوال إنسان وإحساسه سيجعل تقديمه فيه روح وحياة ولكن يجب أن لا يظهر انفعالاته للمتلقي، وهذه من أكبر التحديات التي تواجه المذيع عموما.

- هذا يجعلني أسألك ما أهم ما يجب أن يتميز به مذيع الهواء؟

هناك أشياء كثيرة أهمها أن يكون ابن عصره، وأن يملك الثقافة العامة والشخصية وهذا لا يقل عن جودة صوته وأدائه، أيضا يجب أن يتحلى بشخصية موسوعية قدر الإمكان وأن ينفتح على العالم وأن ينفتح حتى على الأفكار التي يختلف معها.

هوايات المسلمي

- ما هي هوايات المسلمي التي لا يعرفها جمهوره؟

الشعر والكتابة والقراءة أكثر الهويات المستمرة معي إلى الآن وأتمنى أن أنشر بعض أعمالي الشعرية.

- ما الذي تمثله لك الـ بي بي سي؟

الـ بي بي سي تعتبر جزء كبير من حياتي، ولأنها مدرسة من الحياد والموضوعية شعرت شخصيا أني أصبحت اكثر حيادا في حياتي للقضايا المختلفة التي تمر بِنَا وأصبحت اكثر موضوعية وأصبحت اكثر تعمقا في التعامل مع الأمور وهذه من اكبر بصماتها التي تركتها فيّ.