sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: رَكلــــــــة

31 يناير 2018
31 يناير 2018

شريفة بنت علي التوبية -

أعترف، وربما سيكون اعترافي صادماً للبعض، بأني لست من مشجعي كرة القدم، ولكن حينما تلعب عُمان يصبح للأمر شأن آخر، أصاب كما يصاب غيري بذلك الحماس الذي ما عهدته في نفسي ولا عهده الأصدقاء بي، ففي المباراة الأخيرة في خليجي 23 عشت الفرحة الغامرة بفوز منتخبنا العماني على شقيقه الإماراتي، وقادتني الصدفة لأن أكون ضمن المسيرة التي خرجت بعد فوز المنتخب وأن أعيش ذلك الشعور الغريب بالانتشاء والنصر مع كل تلك الجموع التي خرجت إلى الشارع، تهنئ وتبارك، رافعة علم السلطنة وتطلق أبواق سياراتها فرحاً، شعور يشبه العيد، فرحة غامرة لا يمكن كبتها أو مداراتها، فحتى أمي التي كنت أظنها لا تفقه من أمر الكرة شيئاً، اندهشت في ذلك اليوم وأنا أسمعها تحثّنا على الرجوع باكراً لأن (اليوم عُمان أتلعب ونبغى نشوف المباراة )!.

يا الله ما الذي فعلته كرة القدم بنا، ما الذي أضافته لهذا العالم، كيف يتم التعامل مع لاعب كرة كبطل من الأبطال، كيف يمجّد وكيف يصبح الأغلى في أنظمة الأندية؟ ترى هل هناك منكم من لا يحلم أن يكون ابنه لاعب كرة قدم، أم هل ما زال بينكم من يحلم أن يكون ابنه دكتورا أو مهندسا، هل هناك بيننا من ما زال تقليدي التفكير والنظرة إلى هذا الحد؟! لست أدري لكن المستقبل كما يبدو ليس للأطباء أو المهندسين أو الصحفيين أو غيرهم، وليست الشهرة والتقدير والثناء للعلماء أو الأدباء أو الفنانين، لأن العالم مسحور بالكرة، العالم يرى البطولة كلها في ( كورة مدورة ) والمجد كل المجد لقدم تركل تلك الكرة لتدخلها في شباك العدو.

اعذروني ربما أفكر بطريقة مختلفة بعض الشيء ولكنها الحقيقة، فنحن اليوم لا نعترف سوى بأبطال الكرة، ولا نجد أن هناك بطولة تستحق الذكر سوى بطولة كرة القدم، فالدول تُعرف بمنتدياتها وفرقها الرياضية، أبطال الكرة وحدهم من يستحقون أن يرفعون فوق الأكتاف وأن يتم استقبالهم استقبال الأبطال ويعاملون معاملة تليق بما أنجزوه من انتصار في بطولة كروية، الجميع يتلبّسه ذلك السحر الكروي ويصيبه ذلك الهوس والجنون وهو يتابع مباراة فريقه، ولست ضدكم ولا أختلف عنكم ولقد أصابني ما أصابكم من سحر وهوس، ولكن أتساءل فقط ترى كيف سيكون حال أمّتنا لو يحمل المعلمين والعلماء على الأكتاف كما يُحمل لاعبو الكرة، هل ستمتلئ شِباك هذه الدنيا بالأهداف، أحاول التخيّل فهل من متخيّل معي؟