1236994
1236994
المنوعات

«أن تحبك جيهان».. حين يرتبط الواقع بالإحباط

30 يناير 2018
30 يناير 2018

تقديم: خلود الفزارية -

آخر رواية للكاتب الراحل مكاوي سعيد كانت «أن تحبك جيهان».. حين تبحر في قراءة الرواية تدرك أن الكاتب وضع خلاصة تجاربه فيها، حيث كان جليا أن الرواية تحاكي الواقع.. ولم يبخل مكاوي في سرده، حيث تجاوزت صفحات روايته سبعمائة صفحة، تطرق خلالها إلى مختلف القضايا التي تعصف بطبقات المجتمع.

اعتمد مكاوي في سرده على ثلاثة متحدثين بالتناوب يحكون خط سير أحداث الرواية، وكان أحمد الضوي هو الراوي الأساسي فيها.

وحملت الرواية عنوان «أن تحبك جيهان» وهي التي تعلق فيها أحمد الضوي المهندس المعماري المتخصص بالإنشاءات هو بطل الرواية ولكنها كانت عنيدة وصلبة، وبدأ الضوي في فصل الرواية الأول أحداثه مع ريم وهي المرأة التي يلجأ إليها لتخلصه من حبه اليتيم لجيهان.

ريم مطر امرأة من طبقة غنية وشخصيتها قوية ومسيطرة، وكانت تستقبل ابنتها ريم من مطلقها المخرج المسرحي علي المنصوري، لتحاول إصدار شهادة لها من مصر بأنها مؤهلة نفسيا بعد سلوكها الذي أغضب أهالي زملائها في المدارس التي التحقت بها في الخليج.

علاقة الضوي بريم كانت ساخنة وكانت تقدم له صنوفا مجنونة من المتع التي كانت تساعد الضوي على الصمود في وجه عجرفتها وترفعها وطول لسانها، كما أنه كان على قدر من التحمل لمغامراتها الغريبة هي وابنتها.

في المقابل جيهان كانت متخبطة، استغرقت في ذكرياتها مع زوجها الراحل في معظم فصول الرواية، وهي التي حاربت أهلها للزواج من النحات الذي أسرت بمنحوتته في أحد المتاحف، إلا أنه انتهى به المطاف مريضا نفسيا محبطا قتله إحباطه.

أحمد الضوي أحب جيهان لأنه رآها مميزة، فهي لا تسمح لأي رجل أن يدخلها في علاقة، وكلما أراد أن يتناساها، تطرق بابه لتجعله يعيش أوهاما جديدة، وجيهان تحاول أن تكون صديقة للكل ودائما ما تكون بصحبة صديقتيها بسمة ورنا اللتين لهما مغامرات فاشلة في علاقتهما بالرجال، فرنا أديبة محترفة زوجة لكاتب فاشل تساعده على الظهور، وتصنع مسرحية من أجل الدراسة لتنطلق من زوجها لتعود إليه بعد إنهائها للدراسة وظهورها في برنامج إعلامي يعنى بالفضائح، أما بسمة فهي في علاقة مع رجل متزوج أعمى الحب عينيها لتسير وراءه لتلبية متطلبات سعادته.

بعد ارتباط أحمد الضوي بريم أصبحت تحتل مكانة المرأة الأولى في حياته، ولكنها وبسبب خلاف مع أختها في أوروبا تحاول أن تقتل زوجها وتتنكر وتختبئ حتى يتراءى لها أن محاولة القتل باءت بالفشل فتعود لحياتها الطبيعية ولزوجها الإماراتي مع ابنتها وتترك أحمد في حالة من المهانة بعد استهانتها به وأنه لا يصلح لأن يقترب منها.

الرواية بشكل عام ذات أسلوب جزل، فكاهي أحيانا استعان الراوي في بعض الأحيان باللهجة العامية في الحوارات الدائرة بين الشخصيات، وربما أراد أن يستعين بالألفاظ النابية ليظهر الحال الحقيقي الذي يعيش عليه الناس.

جمعت الرواية بين السياسة والشيوعية كما في خال الضوي حسام، وجاره شريف وعلاقتهما السيئة بالشرطة، وصديقه الضابط عماد الذي يعد عدوا اعتباريا للمثقفين، وكانت جيهان تنتمي إليهم كونها مصورة وزوجها نحات، إلا ان أحمد الضوي كان صديقا مقربا لهذا الضابط يشاطره مشاكله ومآسيه ويستمع إلى نصائحه واستهزائه.

نبش مكاوي سعيد في روايته قضايا متشعبة بينها نظرته للخليج حيث وضع طليق ريم إماراتيا، وكان يعبر في سرده بمصطلح الخليج.

ولم تخل الرواية من حقائق إلا أنها تطرق إلى الجانب السلبي في قضاياه متجاهلا الكثير من العادات الحميدة التي كان يمكن أن يتناولها في نفس الإطار.

كما أننا لو تمعنا في الرواية وجدنا أن معظم العلاقات بين الرجل والمرأة في الرواية علاقات غير شرعية ما عدا استيلا الأجنبية التي ذكر بأنها وزوجها مع عائلتها.

أما الشخصيات الرئيسة في روايته فيتراوحن بين مطلقة وأرملة وعشيقة وزوجة المصلحة.

تعمق الراوي في التعريف بالمصطلحات الفنية في النحت خاصة كما استشهد بشخصيات حقيقية معروفة عربيا ومثل بأحد هذه الشخصيات وهو النحات عبدالهادي الوشاحي الذي منحه دور تميم زوج جيهان الراحل.

جميع أحداث الرواية وقعت قبل ثورة 25 يناير، وخصص الفصل الأخير لوصف اندفاع الناس ورغبتهم في الثورة من أجل الحريات التي راح فيها أحمد الضوي شهيدا وشاهدا على تلك الفترة التي وصفها مكاوي بعناية من خلال مشاركة أبطاله فيها.