أعمدة

نوافذ : أن ترى الفرصة في كل مناسبة

30 يناير 2018
30 يناير 2018

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

الجميع هنا؛ أو هناك، يتحدثون عن الفرص، واغتنام الفرص، وأن مفهوم الفرص قائم، أكثره، حسب بعض الرؤى؛ على المصادفة البحتة، وأنه ليس في مقدروك أن تخطط لفرصة ما، ولم يأت مسمى الـ «فرصة» إلا لأنها هكذا تأتي من وحي المصادفة لا غير، وهناك من يربط الـ «فرصة» بالحظ، وأنه بدون الحظ، لن تتحقق الفرصة، ولأنه ليس كل الناس محظوظين، فبالتالي فليس كل الناس تتاح لهم الفرص المتتالية، وهناك من يصل الى قناعة، وهي لكي تتاح لك فرص متعددة، فلا بد أن تتنازل عن كثير من قناعاتك، وأن تعيش «حشريا» أكثر مما ينبغي، ولذلك جاء في المثل الشعبي: ما يأكل اللذات إلا اليسور» والـ «يسور» هنا الذي يقحم نفسه في أي جمع دون أن ينتظر أن تقدم له بطاقة دعوة، وهذا موقف، يقينا، لن يستسيغه كل واحد، حيث يحتاج إلى نفس أقرب إلى الطفولة منها إلى الرزانة والاتزان.

طبعا هناك منهج ما يأخذ به الناس غالبا فيما يتعلق بمفهوم الـ «فرصة» وهو منهج؛ إما قائم على العلم والمعرفة المعبرة عنها مجموعة الأنظمة، وإما قائم على عرف المجتمع، وعلى الرغم من هذا «الإقحام» في مفهوم الـ «فرصة» إلا أن هذه الفرصة، أو تلك ليس شرطا أن يكتب لها النجاح، وقد يكتب لبعضها عندما تتوافق الأسباب بالمسببات، ولعله من هذا المنطلق، أقنع كثير من الناس أنفسهم، عندما يرون فلانا من الناس، وقد تحقق له مطلبه بمصادفة ما، لأنها توافقت الأسباب بالمسببات، فعدوها قاعدة يمكن القياس على نجاحها في كل مرة، وهذا ليس صحيحا، ولذلك؛ تسمع؛ وانت تحضر مجلسا ما، ويحضر ذلك المجلس شخصية لها اعتبارية معينة، فيقول قائل لصاحبه هذه فرصتك لكي تكلم هذا الشخص لعله يجد لك مخرجا لموضوعك؛ خاصة؛ إذا كان هذا الشخص هو الأقرب إلى ذلك الموضوع، وقد يقال لك، وانت تهم بزيارة بلد ما، هناك فرصة لأن تلتقي بفلان - الذي يعمل هناك - أن يدلك على الأمكنة، ويسهل لك كثيرا من الأمور التي تحتاجها أثناء زيارتك، وكذلك تسمع من أحدهم الذين أتيحت له فرصة العمل خارج السلطنة، فيقول: الفرصة أمامي الآن أكبر لأن أكمل دراستي العليا في هذا البلد، حيث مصاريف الدراسة ستكون أقل، حيث يتحقق لمثل هؤلاء أكثر من فرصة، كما أننا عندما يلتحق أحد أبنائنا بالدارسة بالخارج نوصيه بأشياء كثيرة، ونقول له: هذه فرصتك لكي تكون شخصيتك، وتتعلم كثيرا من العادات والقيم الإيجابية، وتتعلم لغة البلد المضيف، وقس على ذلك أمثلة كثيرة.

وعلى الرغم من «هوس» الناس بمفهوم الـ «فرصة» واستيعابهم الكامل لحقيقتها، إلا انهم؛ في المقابل؛ كثيرا من يهدرون الفرص الكثيرة المتاحة أمامهم في مواقف ومناسبات مختلفة، ويعودون «بخفي حنين» ويعاتبون أنفسهم؛ بعد ذلك؛ عتابا قاسيا، ويحملون أنفسهم مشقة الهم والحزن، مع سهولة التخلص من خسارة الـ «فرصة» في آنيتها، وتعويضها من خلال الأخذ بالأسباب، مع اليقين التام، أن ما هو مكتوب لنا، لن يتجاوزنا، مهما كانت الأسباب، وما هو غير ذلك، فله نفس الحكم أيضا، وهذه قناعة أخرى ليس من اليسير استيعابها، حيث تحتاج إلى كثير من المتأمل، وهذا التأمل مرتبط بعوامل متعددة، يأتي في مقدمتها: العمر التراكمي، والخبرة في الحياة، والمعرفة، ومجموعة من العوامل النفسية المرتبطة بشخصية صاحبها.

واختم هنا بمقولة شائعة؛ نصها: «الحياة كلها فرص» ومن منطلق هذا الفهم يتفاوت الناس في توظيفه، وفي التوقيت المناسب في الأخذ بزمام المبادرة: متى، وكيف، ومع من، فليس كل موقف، أو مناسبة، هي قابلة بانتهاز فرصة ما.