hamda
hamda
أعمدة

بنت الشاعر

29 يناير 2018
29 يناير 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

صادف هذا الأسبوع أن احتفلنا بمناسبتي زواج في العائلة، التقيت فيها بعدد من الأهل والأقارب والمعارف والجيران الذين لم أعد أراهم إلا في المناسبات المتباعدة التي يقدر لي أن أحضرها، استقبلني الكثيرون بحفاوة استثنائية، كانت الأحضان تتلقفني بحرارة غريبة، استسلمت لها كطفلة، لكن فضول الكاتبة كان دائم البحث والتساؤل إن كانت تلك المشاعر موجهة لي شخصيا وهو أمر لم أشك فيه مطلقا، لكن مما لا شك أن كثيرا من تلك المشاعر كانت موجهة لوالدي بشكل او بآخر، شعرت به في نظرات العجائز ورعشة الأصوات وهن يعرفن رفيقاتهن على الطاولة بي: هذه (حمدة بنت سعيد).

والعيون تتفحص تقسيمات وجهي بدهشة وحب وشيئا من الأسى شعرت بأنها تبحث عنه في ملامح وجهي، فوالدي الذي مضى عقدان ونيف على وفاته ما زال حاضرا بقوة في حياة الكثيرين ممن عرفوه.

قضيت نصف وقت الحفل تتلقفني أحضان نساء، كل منهن تبحث فيّ عن شيء ما لا أعرف إن كان ما زال موجودا، تنوع الحضور بين صديقات طفولة ورفيقات صبا ونساء أحببن في الطفلة التي كنت، ونساء أحببن بنت الشاعر التي تحمل بصماته، وبقايا ابتسامة ونتيجة تربية، فأغلب هؤلاء النسوة لم ألتق بهن إلا فيما ندر.

يدرك المرء في مواقف كهذه أننا لا نحب في كثير من الأحيان الأشياء لذاتها، بقدر ما نحب فيها الذكريات التي ارتبطت بها، والأشخاص الذين أحببناهم يوما، والأماكن التي نحن إليها، فأنا بالنسبة للكثيرات من تلك النسوة رمز للسنينة وللشاعر سعيد بن مهيلة، ولذكريات رملة حماسا ليس إلا.

نكره أيضا بعض الأشياء لذات السبب بدءا من صنف طعام ارتبط معنا بذكرى ما، مرورا بالأشخاص وانتهاء بالأمكنة، ما إن نراها حتى استيقظت تلك الذكرى المشحونة بالمشاعر سلبا أو إيجابا، فتبدأ لدينا ردات أفعال تلقائية تشكل سلوكنا تجاه الآخرين حبا أو كرها، نعجز أحيانا عن تفسيرها، ويبذل البعض جهدا في محاولة استلطاف شخص ما شعر بالنفور تجاهه بدون سبب معروف، أو الانجذاب لشخص من النظرة الأولى دون سبب ظاهر.