1235985
1235985
المنوعات

إبراهيم الفقيه ينشر «ظلال العمر» على حبال الشمس

29 يناير 2018
29 يناير 2018

عمّان «العمانية»: ينساب السرد في آخر أعمال إبراهيم الفقيه بعفوية، محتشدًا بالتفاصيل التي تتزاحم وتنثال من ذاكرة الكاتب وكأنها تسرد نفسها بلغة مشبعة بالإحساس.

في هذه الرواية المسماة «ظلال العمر»، يتقاطع السرد الفني مع السيرة الذاتية، حيث يستذكر الكاتب لحظةَ التماعة الفكرة وهو في طريقه من عمّان إلى بيروت: «راح الماضي يشق طريقه في ذاكرتي، أفكاري بدت امتدادًا لما يجري في أعماقي، محطات تتوارد في رأسي وتتسلسل مثل حبات مسبحة.. لم أكن أتذكر، كنت أعيش سنوات عمري لحظة بلحظة، تراءت لي فردوسُ بصورة ملاك وسط إطار مذهب جميل.. وجدتُ نفسي أفكر فيها وأتمنى رؤيتها من جديد..

فردوس لم تكن لحظة عابرة في حياتي.. كانت لهبًا في مسيرة العمر، لكن (كل شيء بقضاء، ما بأيدينا خُلقنا ضعفاء)». يفرد الفقيه في روايته الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون بعمّان، مساحات واسعة للمرأة، ويقدم صورة واقعية جدًا عن علاقته بها منذ أن قرّر السارد أن يتخذ زوجة ثانية لرغبته بالولد: «تصفعني حكايات قديمة، تتجدد خلايا ذاكرتي، ينقلب عالمي رأسًا على عقب، أشعر أن (فردوس) قدري وأنا قدرها الذي لا فرار منه.. فما رحلة العمر غير محطة المسافر ليستريح من عناء الطريق، وينفض عن وجهه غبار الزمن.. لكن السفر يطول ويطول في رحلة مضنية، تشتد فيها حرارة الشمس حتى تُصبح لظى يحرق الجسد والروح».ويقدم الكاتب رؤيته للعالم والأحداث، من خلال حكمة الإنسان البسيط: «عند المساء عاد أبو سعيد من عمله، كنت أقف قرب الباب متسمرًا متوتِّر الأعصاب.. دار بيننا حديث قصير عن الأحوال الصحية، والسياسة والحرب الأهلية في لبنان.. قال وقد لاحظ قلقي:

الجميع خوَنة، والخاسر الوحيد مَن يُقتل هذه الأيام». كما يقدم صورة واقعية عن الأحداث، من دون انحيازات مسبقة: «أصوات القذائف لم تهدأ يومًا في بيروت، وطلقات القناصين تشل حركة الشوارع وتحيل الأحياء البشرية المتحركة إلى جثث يصعب الاقتراب منها.. زخات من الرصاص تُبحر وتستقر في عباب الجماجم.. العالم أصبح صغيرًا وجحيمًا، الجدران ترنحت وأصبحت أرصفة وممرات، الأحياء الهادئة والمغلقة أصبحت جبهات مفتوحة ومتداخلة لقتال ملعون، والفجر بدا بعيدًا بعيدًا». ويتابع السارد بقوله: «أحسستُ بشيءٍ ما يتمزق في أعماقي، وبدت الثورة التي انتميتُ إليها نقمة في حياتي..

ملعونة هذه الحرب التي أجبرتني على الإبحار في خضمها حتى أصبحتُ قرصانًا! الثورة علّمتني كيف أرفع سلاحي في وجه من أحب وأقتله إن كان خصمًا للثورة! أقهقه عاليًا، أمشي في جنازته، ثم أعود إلى البيت وأتقبل التعازي نيابة عن ذويه..