كلمة عمان

منتدى دافوس .. ومحاولة بناء رؤية مشتركة

27 يناير 2018
27 يناير 2018

على مدى أربعة أيام من الاجتماعات ، وحلقات العمل والمناقشات ، المستفيضة لقضايا عالمية وإقليمية عديدة ، ضج منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بالحيوية والنشاط ومحاولات النظر واستشراف المستقبل ، من جانب عشرات القادة والوزراء وكبار المسؤولين ، ومئات المهتمين من اقتصاديين وسياسيين وباحثين وخبراء في العديد من المجالات ، من البيئة والطاقة المتجددة ، حتى خبراء الدراسات المستقبلية ، العلمية والاجتماعية ، فالجميع دون استثناء ، يأتي وفي حسبانه الاستماع والمشاركة في المناقشات والاستفادة أيضا من هذا الجمع الواسع من خبراء العالم وسياسييه ، الذين تجمعهم الرغبة في التوصل ، بقدر الإمكان ، الى رؤى ، او على الأقل توجهات مشتركة ، لما يمكن ان يكون عليه عالمنا الذي نعيش فيه غدا وبعد الغد وليس سرا القول ان كثيرا من الأفكار والتوجهات ، ذات التأثير في الاقتصاد الدولي ، على مدى السنوات الأخيرة ، كان لمنتدى دافوس الفضل في إثارتها ، وتوجيه الاهتمام اليها ، هذا فضلا عن ان هذا المنتدى ، الذي اكتسب شهرة عالمية ، بفضل جديته ، وجدية القائمين عليه ، والإعداد العلمي للموضوعات المطروحة أمامه ، والتي ظلت مجرد ملامح وخطوط عامة ، اذ ان المنتدى مفتوح لكل ما يمكن طرحه أمام مجموعاته العديدة من قضايا وموضوعات ، بات يشكل واحدة من اهم المناسبات غير الرسمية لاجتماع والتقاء عدد كبير من السياسيين ورجال المال والاقتصاد والبيئة والعلوم وغيرها ، بما في ذلك قادة كبار ، بمن فيهم الرئيس الأمريكي والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية ، والملك الأردني عبدالله الثاني بن الحسين وغيرهم من القادة والمسؤولين والمهتمين بالمستقبل ، من مختلف مناطق العالم .

وفي الوقت الذي اكدت فيه المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ، وكذلك الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون ، على اهمية وضرورة التخلي عن التوجهات الحمائية من جانب بعض الأطراف الدولية ، كما اكد ماكرون على اهمية ان تكون القدس عاصمة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ، في إطار حل الدولتين ، فإن الرئيس الأمريكي ترامب ، أعاد التأكيد على ما يسميه تصحيح العلاقات التجارية بين بلاده والأطراف الدولية الأخرى ، وذلك من منطلق رؤيته التي تستند الى ان اتفاقيات ابرمتها بلاده من قبل ، ليست عادلة من وجهة نظره . ومع اهمية ما يتم إعلانه من مواقف ووجهات نظر سياسية واقتصادية ، تؤثر في النهاية على قضايا إقليمية ودولية مختلفة ، ومنها بالطبع قضايا المنطقة ، فإن اللقاءات الجانبية ، التي تتم على هامش منتدى دافوس ، وهي عديدة ، تشكل في الواقع فرصة أخرى لتبادل وجهات النظر بين العديد من الدول ، على مستويات ثنائية ، وهو ما يصب في النهاية في حلحلة بعض القضايا ، أو فتح نوافذ لتوجهات اخرى ، او إيضاح بعضها ، كما حدث بالنسبة لموقف ترامب من الدول الإفريقية على سبيل المثال .

على اية حال فإن منتدى دافوس قد تجاوز بكثير مجرد اللقاء السنوي له في دافوس ، بعد ان أنشأ فروعا اقليمية له من ناحية ، وبعد ان دأب على اصدار تقريره السنوي حول تطورات الاقتصاد العالمي وتوقعاته بشأنه ، وهو واحد من التقارير الدولية ذات الوزن ، بالنسبة لمختلف الدوائر الاقتصادية والمالية والسياسية ايضا في العالم .