عمان اليوم

التعليم عبر «البيئة التفاعلية» يُسهم في تأسيس قاعدة معرفية تنال ثقة القراء والمتابعين

26 يناير 2018
26 يناير 2018

د. محمد الفيروز لـ عمان:-

نحتاج لأدوات دقيقة لقياس تفاعل الطلبة وتقييم أدائهم العلمي وتحصيلهم المعرفي -

حوار – رقية بنت شامس الكندية -

العملية التعليمية في أبسط تعريف لها هي عملية لنقل المعلومات والمعارف والخبرات من جهة إلى أخرى. وعلى امتداد الزمن، اختلفت الطرق والأساليب وكذلك الوسائل المستخدمة لتحقيق هذا الهدف بناء على ما هو متوفر من أدوات وعناصر تساهم في رفد العملية التعليمية بشكل مناسب. وتعد شبكات التواصل الاجتماعي في هذا العصر أداة من الأدوات المهمة التي نستطيع استغلالها لهذا الغرض. فإلى أي مدى يمكن لهذه التطبيقات المتوفرة على الإنترنت أن تساهم في دعم التعليم؟ الحوار التالي مع الدكتور محمد بن علي الفيروز، أستاذ مساعد بقسم نظم المعلومات، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة السلطان قابوس يجيب على هذا السؤال وغيره من التساؤلات.

س- هل أثرت شبكات مواقع التواصل الاجتماعي في واقع التعليم، وإلى أيّ مدى يُمكن لهذه التطبيقات على الإنترنت أن تُساهم في دعم التعليم؟

ج - تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي في هذا العصر أداة من الأدوات المهمة التي نستطيع استغلالها لهذا الغرض، بل قد تشكل أهم الأدوات المتوفرة حالياً لتقليص التعليم التلقيني والاتجاه لدعم استراتيجية التعليم التفاعلي بين الطالب والمحاضر. وهي استراتيجية تشمل عدة عناصر أهمها عنصري التعليم التعاوني والإلكتروني. فقد أشارت بعض الدراسات إلى وجود تحسن ملحوظ في امتداد فترة بقاء المعلومة واسترجاعها من الذاكرة حينما يتلقى الطالب تلك المعلومة في بيئة تفاعلية. وقد أثبتت وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف تطبيقاتها المتداولة حجم التفاعل الكبير بين مستخدميها، الأمر الذي يجعل من مشاركة المعرفة والمعلومة أمر يسير وفي وقت قصير جدا لم يكن بالإمكان تحقيقه في أي زمن سابق.

س - ما مزايا وعيوب التعليم عن بعد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف بإمكان هذه المواقع تذليل عيوب ومعوقات التعليم عن بعد بالطرق التقليدية؟

ج - مزايا التعليم عن بعد من خلال تطبيقات أو مواقع التواصل الاجتماعي عديدة، منها سهولة تحقيق التعليم التعاوني بين مختلف المستخدمين. وهي استراتيجية تعليمية تساعد أطراف التواصل على تبادل المعرفة والخبرات فيما بينهم، الأمر الذي يخلق جواً من التعاون والعلاقات الإيجابية والثقة، مما ينعكس بشكل إيجابي على معدل التحصيل العلمي كنتيجة.

أما فيما يرتبط بالعيوب، فهي مرتبطة بشكل أساسي بطريقة استخدام الطالب لها، فكون هذه الأدوات مخلوقة لتأدية دور إيجابي لا يعني بالضرورة أن يتم استخدامها في الجانب الصحيح، والحال نفسه ينطبق على جميع الأدوات والوسائل التي نتفاعل معها في حياتنا اليومية. ولكن نستطيع حصر الصعوبات أو العيوب المرتبطة بالتعليم عن بعد في نقاط أهمها غياب بيئة التفاعل الواقعي، والذي قد يؤثر سلباً على شخصية الطالب الذي قد يميل مع الوقت للانطوائية والابتعاد عن المناسبات الاجتماعية على أرض الواقع. الصعوبة الأخرى تتمحور حول آلية تقييم أداء الطلبة عن بعد، إضافة إلى عدم وجود أدوات قياس دقيقة تضمن متابعة الطالب والتزامه بالفروض ومشاركته في تحصيل المعرفة عبر هذه الأدوات الحديثة بشكل مناسب.

س - كيف يمكن للأكاديميين في الأقسام المختلفة من كليات الجامعة الاستفادة من تطبيقات الشّبكات الاجتماعية في تحقيق الأهداف التّعليمية؟

ج - يستطيع أكاديميو جامعة السلطان قابوس وبقية الجامعات والكليات الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في دعم العملية التعليمية وتحقيق أهدافها، ولكن لا يجب أن تشكل هذه الوسائل في الوقت الحاضر بديلا جذريا عن الطريقة التقليدية المتعارف عليها. ولنا في قسم نظم المعلومات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة تجربة فريدة خلال الفصل الدراسي المنصرم، حيث تم إلغاء بعض الفروض الدراسية التقليدية لأحد المقررات والاستعاضة عنها بفروض يتم التحضير لها عبر محاضرات تُبث بشكل مباشر عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ثم يقوم الطلبة بتسليم هذه الفروض للمحاضرين من خلال نفس هذه الوسائل وعبر اشتراطات تمت مشاركتها مع الطلبة في وقت سابق. وقد لاقى هذا المزيج من التعليم التقليدي المتمثل في حضور المحاضرات ثم التواصل عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي لتأدية بعض الفروض استحسان الطلبة وتفاعلهم وبقية من تابع هذا النمط التعليمي التفاعلي الجديد عبر تطبيق تويتر من خلال الوسم #MINFSIA وتطبيقي انستجرام ويوتيوب عبر حساب وقناة INFS2412

س - ما مدى استفادة أطراف العملية التعليمية في قسم نظم المعلومات لتطبيقات الشّبكات الاجتماعية في تحقيق الأهداف التّعليمية؟

ج - مشاركة المعرفة بين أطراف العملية التعليمية كانت من أهم النتائج المحصلة لهذه التجربة. حيث أصبح الطلبة قادرين على الاطلاع على مشاركات زملائهم وفهم طريقة تفكيرهم في تأدية هذه الفروض حين تسليمها للمحاضرين. فلم يعد الفرض مقتصرا على الطالب والمحاضر، بل تجاوز ذلك ليكون مادة علمية ومشاركة معرفية يطلع عليها جميع المشاركين والمتابعين حتى من غير الطلبة. بل تتجاوز هذه العملية مرحلة مشاركة المعرفة إلى مرحلة التفاعل التعاوني من خلال التغذية الراجعة التي يطرحها الطلبة على مشاركات زملائهم الآخرين، الأمر الذي يُسهم في تنقيح الأفكار وتأسيس قاعدة معرفية تنال ثقة القراء والمتابعين لها.

س - ما هي الرّهانات التي تُواجه كُلّ من المُعلّم والمُتعلّم في استغلال الإمكانيات التّعليمية للشّبكات الاجتماعية في التعليم؟

ج - أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي متاحة بشكل كبير ومن خلال مختلف الأجهزة الإلكترونية الحديثة، كما أن التطور الملاحظ في خدمات الاتصال والإنترنت أدى بالنتيجة لاتساع رقعة استخدام هذه الوسائل بين مختلف شرائح المجتمع. وعليه، لا توجد هنالك صعوبات تقنية حقيقية حول تبنّي هذه الوسائل للدفع بعجلة العملية التعليمية. ولكن، ما قد يشكل صعوبة حقيقة نحو تحقيق الموائمة بين التعليم التقليدي والإلكتروني هي مقاومة التغيير بين أطراف العملية التعليمية. ولكن مع تسارع التطور التقني ووسائل التواصل الاجتماعي بين الأفراد، لا شك بأن الأمر سينعكس تلقائيا وبشكل إيجابي على مختلف مؤسسات التعليم، وسيكون هنالك تقبلاً أكثر لاستيعاب هذه الوسائل واستخدامها بشكل متوازن يخدم مسيرة التعليم وأهدافها.

س - ما هي الآليات الكفيلة التي تساهم في رفع كفاءة أطراف العملية التعليمية وتمكنهم من التفاعل العلمي المستمر باستخدام التقنيات والبرمجيات الحديثة وتسخيرها لصالح المنظومة التعليمية؟

ج - جيل الطلبة الحالي أصبح متمرساً على استخدام البرمجيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي لن تكون هنالك مشاكل أو معوقات حقيقية لتوسيع معرفتهم وتوجيهها نحو المسار الصحيح. كل ما نحتاج إليه إلى جانب التوعية الخاصة بالاستخدام الإيجابي لهذه الوسائل هو إيجاد أدوات قياس دقيقة نستطيع الاعتماد عليها في قياس تفاعل الطلبة وتقييم أدائهم العلمي وتحصيلهم المعرفي.

س - ما مدى جاهزية المجتمع الجامعي للجوء إلى التعليم الإلكتروني (ممثلًا بمواقع التواصل الاجتماعي) كبديل أو مدعم للتعليم التقليدي ؟

ج - الجامعة بها من الخدمات والمتخصصين ما يسمح بتعميم التجربة التي تم تبنيها في قسم نظم المعلومات في الفصل الدراسي المنصرم على جميع أقسام الكليات المختلفة. كما أن هنالك أقسام تقنية أخرى كقسم علوم الحاسب الآلي بكلية العلوم، وقسم تكنولوجيا التعليم والتعلم بكلية التربية تستطيع الاشتراك في دراسات بحثية حول فاعلية هذه الأدوات الإلكترونية الحديثة وكيفية تسخيرها لخدمة العملية التعليمية على افضل وجه.