1228829
1228829
المنوعات

العثور على مكتشفات أثرية جديدة بموقع المضمار بأدم تعود إلى العصر الحديدي الثاني

21 يناير 2018
21 يناير 2018

من بينها أكثر من 3000 رأس سهم من النحاس -

كتب- سيف بن زاهر العبري -

تعكف وزارة التراث والثقافة على عمليات تنقيب مستمرة في موقع المضمار بولاية أدم الذي يعتبر من المواقع الأثرية الهامة نظرًا لموقعه ضمن سلسلة جبلية ذات طبيعة مختلفة لها خصوصيتها، واستمرارًا لما تقوم به الوزارة في البحث والتنقيب بالعديد من المواقع المهمة بمحافظة الداخلية وحرصًا منها على الاستفادة من خبرات مراكز البحث العلمي المتعلقة بهذا الجانب.

وتواصلًا للتعاون القائم مع جامعة السوربون الفرنسية فقد تم الكشف عن لقى أثرية جديدة بالموقع تبين الأنماط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمعات القديمة التي عاشت في عمان في العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي والعصر الحديدي. وقد تم العثور على أكثر من 3000 رأس سهم من النحاس في فترة قصيرة من الزمن وفي مساحة ضيقة من الموقع إضافة إلى عدد من اللقى الأخرى مثل مجسمات الأفاعي ذات الأشكال المختلفة وكسر الفخار وقوس نحاسي. وتظهر أساليب النحت والتشكيل في مجسمات الأفاعي تطور الفنون في استخراج مثل هذه الأشكال وهذا يعكس حقبة زمنية تطورت فيها الأساليب الفنية حيث توضح تلك النماذج الجانب الفكري والديني والاقتصادي والتقني.

وحول أهمية التنقيب الذي يتم في موقع المضمار تابعت «عمان» الأعمال التي تمت بالموقع، حيث تحدث أحمد بن محمد التميمي مدير إدارة التراث والثقافة بمحافظة الداخلية حول الموقع بقوله إن وزارة التراث والثقافة باشرت موسم الحفريات لهذا العام في موقع المضمار الأثري بولاية أدم الذي يعود إلى العصر الحديدي الثاني (900-600 قبل الميلاد) حيث سبق قبل عامين الكشف عن مجموعة فريدة من الأسلحة النحاسية والبرونزية (بما في ذلك الأقواس والأسلحة) في مجمع مباني، وتم اكتشاف هذا الموقع المعزول بين جبل المضمار ووادي حلفين من قبل البعثة الأثرية الفرنسية في وسط عمان بقيادة الدكتور غيوم جيرنيز من جامعة السوربون وبدعم من وزارة التراث والثقافة. وبعد الحفريات للمبنيين الرئيسيين في الموقع، كان يعتقد أن تفسير غالبية الموقع تدور حول أنشطة النحاس والأسلحة وتماثيل الثعابين والمياه في معتقدات الشعوب القديمة. كما أن الملفت في موسم حفريات هذا العام ما تم الكشف عنه في المنحدر الصخري الصغير القريب من المباني السابقة، فبعد عشرة أيام فقط من العمل، كانت هناك بالفعل عدد من المفاجآت. فبين حوائط ضخمة بنيت على أخدود مجرى المياه، تم العثور على كمية كبيرة من المعثورات، يعتقد بأنها وضعت في جرة انجرفت إلى المنحدر قبل آلاف السنين. حيث تم اكتشاف 20 ثعبانا مصنوعا من البرونز بما في ذلك أشكال فريدة من نوعها مثل الثعابين المزدوجة، وقطع من الفخار عليها رسوم أفاع، وسهام نحاسية كاملة، وأكثر من 3000 من رؤوس السهام من مختلف الأحجام والأنواع، ويعد هذا الاكتشاف الكبير من رؤوس السهام في حيز صغير، هو الأول في عمان، ويؤكد أهمية الرماية في ثقافة الحروب القديمة. ومن أهم القطع الأخرى تمثال هجين لأفعى متموجة بينما رأسها رأس سهم، إشارة إلى وجود ارتباط رمزي قوي بين الاثنين معًا، لعلها عرضت أصلا على إله الحرب والمياه أو الجبل، حسب المعتقدات التي قد تكون سائدة خلال تلك الفترة، فمن الممكن أن تكون هذه المنحدرات في وقت ازدهار وخصب. ويواصل الفريق عمليات التنقيب والبحث لفهم أفضل للممارسات الثقافية والمعتقدات في العصر الحديدي، وكشف الماضي الغني لسلطنة عمان خطوة بخطوة. وأوضح التميمي أن الاكتشافات تدل على خصوصية وميزة المنطقة التي قد تكون عبارة عن منطقة تعبد أو منطقة تجارية، وسوف تكشف الحفريات في الأعوام القادمة عن اكتشاف أشياء كثيرة أخرى والعمل مستمر في هذه المنطقة.

4 مبان معزولة في الصحراء

من جهته، قال علي بن سعيد العدوي رئيس قسم التراث بإدارة التراث والثقافة بمحافظة الداخلية إن موقع المضمار الأثري عبارة عن مجمع من 4 مبان معزولة في الصحراء، حيث لا توجد مستوطنات بالقرب من هذا المجمع، والذي شيد على حافة جبل المضمار. وبدأ التنقيب في هذا المجمع منذ عام 2015م، وتركز في المبنى الأول الذي يعد أبرز مباني المجمع، ومن خلال المكتشفات الفخارية والمعدنية التي عثر عليها بالمبنى يعود تاريخه إلى العصر الحديدي الثاني (900 إلى 600 قبل الميلاد)، ويبدو أن استخدامه استمر إلى ما قبل الإسلام أو ما يسمى بفترة سمد (200 قبل الميلاد إلى 200 ميلادية). والمخطط العام لهذا المبنى مستطيل يتكون من 3 أجزاء، حيث شيدت أساسات الجدران من حجارة جيرية من نفس جبل المضمار، وشيدت قاعدة أرضية المبنى بحجارة رملية بنية أو حمراء، وبنيت الأجزاء العلوية من المبنى بالطوب اللبن. وتعد الأسلحة المكتشفة واحدة من أهم وأندر الاكتشافات الأثرية الحديثة، وهذا الاكتشاف عبارة عن أسلحة نحاسية تتكون من خمسة أقواس وجعبتي سهام مصاحبتين لخناجر وفؤوس جميعها سليمة على الرغم من مضي أكثر من 2600 عام عليها، وهناك احتمال أن هذه الأسلحة كانت عبارة عن هدايا كان يتم تبادلها بين الناس، وكان يتم تعليقها على جدران المبنى.

أهمية الاكتشافات في الموقع

وسوف تسهم الاكتشافات في موقع المضمار بولاية أدم في تأسيس المعرفة العلمية لأعمال المسوحات القائمة في محافظات الداخلية وشمال وجنوب الشرقية والظاهرة لفهم الأسس الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي كانت تجمع المستوطنات خلال الحقب التاريخية الغنية بتحولات مهمة وسوف تكشف التنقيبات الأثرية المستقبلية في المبنى والمباني المجاورة في الموقع المزيد من المعلومات عن طبيعة هذا الموقع واستخداماته ونمط الحياة لدى السكان. كما أن هذا الاكتشاف يأتي ثمرة للتعاون القائم بين وزارة التراث والثقافة وجامعة السوربون الفرنسية الذي بدأ منذ العام 2011م في ولاية أدم، وبدأ التنقيب في عام 2015م، وتركز في المبنى رقم 1 وهو أكبر مباني المجمع وتصل أبعاده إلى 8/‏‏15 متر وبمساحة إجمالية تصل إلى 120 مترًا مربعًا ويحوي 5 غرف. وتضم أجزاء المخطط العام المدخل والأروقة والغرف الملحقة والغرفة الرئيسية، حيث يطل المدخل مباشرة على ساحة وغرفة صغيرة بها مدخل صاعد يرتفع ثلاث درجات، وعلى جانبي هذا المدخل غرفتين صغيرتين إحداها مستطيل والثانية مربعة الشكل، والغرفة الرئيسية غائمة على عمودين في الوسط. كما عثر على جميع الأسلحة في أرضية إحدى الغرف، ونماذج الأقواس والأسهم هي لأسلحة غير حقيقية مصنوعة من النحاس يعتقد أنها عبارة عن هدايا يتم تبادلها بين الناس.

كما أن هناك تعاون بين مركز نزوى الثقافي والجمعية الجيولوجية العمانية حول تنمية المعرفة الجيولوجية في محافظة الداخلية. وذلك نظرًا لأهمية الارتباط الوثيق بين علم الجيولوجيا وعلم الآثار من خلال التحليل والتفسير للمواقع الأثرية ومدى ارتباطها مع الظواهر الجيولوجية ومدى تأثر استقرار واستيطان الإنسان القديم حول الأودية ومصادر المياه والمراعي إضافة إلى طبيعة الحجارة التي بنيت بها المستوطنة والتي ترجع إلى العصر الحديدي أي الألف الأول قبل الميلاد.