1225581
1225581
الاقتصادية

الأفكار المبتكرة والتخطيط الناجح يقودان المشاريع الصغيرة لآفاق أرحب

21 يناير 2018
21 يناير 2018

استطلاع - رحمة بنت علي الكلبانية -

تراود عبد العزيز بن حمدان الكلباني فكرة التحول في تغذية مصنعه الذي ينتج الفحم بولاية بركاء، بالاعتماد على تقنية الطاقة الشمسية، لخفض كلفة الإنتاج ومواكبة التغيرات بالاستفادة من الطاقة المتجددة التي تكرس الجهود لأجلها حاليا.

وبعد أن نجح الكلباني في تحويل فكرة كانت تراوده إلى مشروع منتج، من خلال إعادة تدوير مخلفات الأخشاب في عام 2014، بدأ يخطط للتوسع في خطوط الإنتاج، ليشمل منتجات أخرى.

يقول الكلباني صاحب شركة أسرار العارض للتجارة: «منذ البداية كان سعيي يتجه نحو بلورة فكرة لمشروع مميز ومتكامل وصديق للبيئة.. لقد قمت بتقييم السوق المحلية وتوصلت إلى ان أغلبية الفحم الموجود مستورد، وأن المصانع الموجودة - وهي قليلة - تنتج أنواعا محدودة وتستخدم آلات مستوردة في عمليات إنتاجها.. وبناء على ذلك وضعت خططي، وأجريت تجارب أولية لآلات صنعتها بنفسي والتي بإمكانها تحويل مخلفات الأخشاب من جوز الهند وأخشاب النخيل ومخلفات البناء ومحلات النجارة».

يضيف: اعتمادي في المصنع لتوفير الطاقة حاليا على الوقود الأحفوري وفي ظل التوجه الحالي والتوسع في الاستفادة من الطاقة المتجددة بدأت أخطط للتحول إلى الطاقة الشمسية وقطعت شوطا في هذا الجانب.

ولم يكن عبد العزيز بمنأى عن الصعوبات والتحديات التي عادة ما ترافق كل بداية في التجارة إذ واجه في بداية مشروعه صعوبة التمويل خصوصا أن المعدات ذات تكلفة عالية وكيف يمكنه إقناع الجهات المعنية بالمشروع والجدوى الاقتصادية من إقامته للحصول على الدعم أو حتى استخراج التراخيص اللازمة للبدء، كون الفكرة جديدة من نوعها وخوفا من ان يكون التطبيق مختلفا عما خطط له وأن تكون هناك أخطار على البيئة.. ولكنه بالعزيمة والتخطيط الجيد تجاوز الصعوبات وحقق مشروعه.

ويعد مشروع الكلباني من المشروعات المميزة والناجحة التي أوجدها شباب يحملون الطموح ذاته وبإصرارهم وعزيمتهم خرجت من حدود تنفيذها الضيقة إلى آفاق أوسع وأن تجد لها مكانتها في السوق المحلية والأسواق الإقليمية المجاورة.

ولاقت المشاريع الصغيرة والمتوسطة اهتماما من قبل الحكومة في سبيل سعيها إلى إيجاد مشروعات صغيرة ومتوسطة منتجة ومساهمة في الاقتصاد الوطني من خلال دعم الأفكار الجديدة والأخذ بطموحات الشباب ، حيث قامت بإنشاء هيئة خاصة لرعاية هذه الشريحة من المؤسسات «ريادة» إضافة إنشاء صندوق لضمان التمويل لرواد الأعمال.

وترجمة لتوجهات الحكومة بغرس ثقافة العمل الحر وبلورة الأفكار إلى مشاريع حقيقية يعتمد عليها فقد تمكن كثير من الشباب تطوير مشروعاتهم والاعتماد عليها في الحصول على دخل مجز، بأفكار فردية وإمكانيات مادية متواضعة، وقد تطورت بعزم وإدارة لتصبح مصدر دخل لهم ولغيرهم فيما بعد بل ان بعضهم ترك وظيفته وتفرغ لإدارة مشروعه.

دخل أكبر من الوظيفة

تقول منى بنت سيف الشكيرية صاحبة محل الجوري للبخور لصناعة وإنتاج البخور والعطور واللبان العماني بمشتقاته: إنها تجني دخلا أعلى مما كانت تحصل عليه من وظيفتها الحكومية، مما سمح لها بالتقاعد المبكر والتفرغ لإدارة مشروعها الذي بدأته في عام 2013 بمنزلها وتوسع فيما بعد حتى أصبحت تمتلك محلين تجاريين في السلطنة ووكلاء في الأسواق المجاورة.

توضح الشكيرية أنها قبل التفرغ كانت تعاني من ضيق الوقت في بداية مشروعها، حيث إن أعداد الطلبيات واستقبال الزبائن في منزلها كان يستغرق وقتها كله، خاصة أنها موظفة في قطاع الصحة، إلا أنها مع تطور المشروع وزيادة الطلبات قررت التقاعد لحاجتها لقضاء المزيد من الوقت في إدارة مشروعها ولأن مدخولها من المشروع بات يتعدى ما تحصل عليه من وظيفتها الأساسية.

ووصفت الشكيرية مشكلة تذبذب أسعار النفط التي تأثرت بها السلطنة أنها بمثابة جرس إنذار للتحرك والبدء في السعي وعدم الاعتماد الكلي على الوظائف التي تقدمها الحكومة، خاصة أن المشاريع الذاتية بات تدر دخلا أفضل من الوظيفة بل وتوفر فرص عمل للآخرين.

الخبرة والرغبة

ويرى رائد الأعمال خالد بن سليم الحبسي أن وجود الخبرة والرغبة في المجال المراد الاستثمار به يعد سببا رئيسيا في نجاح المشاريع وقدرتها على البقاء ومنافسة المشاريع الأخرى في السوق.

وأضاف الحبسي أن أكبر التحديات التي واجهها في بداية إطلاقه لشركته في مجال الاستثمار والتطوير العقاري تمثلت في فقدانه للمهارات الإدارية الأساسية وخبرته القليلة في إدارة الأعمال والمشاريع، وأن وجود مقدار بسيط من الخبرة في أي مجال يود رواد الأعمال الاستثمار فيه هو عامل أساسي في نجاح مشاريعهم.

وكان الحبسي قد بدأ مشروعه بالعمل في قطاع الاستثمار والتطوير العقاري في منطقة العامرات بمفرده قبل أربعة أعوام، وتوسعت أعماله اليوم حتى باتت تشمل قاعدة زبائن أوسع وغدت شركة متوسطة يعمل تحت سقفها أكثر من 50 موظفا من سبع جنسيات مختلفة.

تحقيق الذات وملء الفراغ

وتؤكد سامية بنت سليمان المبسلية أن البدء بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة لها القدرة على تحقيق الذات وملء أوقات الفراغ وتوسيع آفاق الفرد ونشاطاته.

وافتتحت سامية محلا تجاريا لمشروعها «لمستي» لخياطة وتطريز مفارش غرف النوم وأسرة المواليد، وبعد أن كانت تديره من غرفة نوم صغيرة فقد حولتها مشغلا لها رغبة في استغلال وقت فراغها وممارسة هوايتها في الخياطة بشيء من الحرفية.

وفازت المبسلية بعدة جوائز وشاركت في العديد من المعارض داخل وخارج السلطنة بتشجيع من أسرتها، وكالعديد من رواد الأعمال لم تكن بدايتها سهلة أو كما توقعت، فقد واجهت الكثير من التحديات المتعلقة برأس المال والدعم المادي ووجود منافسين ومقلدين في السوق يعرضون منتجات مشابهة لمنتجاتها وبأسعار أقل.

وقالت المبسلية انه لولا شغفها وإصرارها وحبها للمجال الذي تعمل فيه لكانت قد انسحبت أمام أولى الصعوبات التي واجهتها، ولكنها تؤمن بأن ما تقوم به عمل مميز. وتطمح بأن تمتلك مستقبلا مشغلا أكبر وأن تستطيع توظيف كادر من النساء العمانيات ربات المنازل لمساعدتهن في إيجاد دخل مادي وشغل أوقات فراغهن.