أفكار وآراء

قراءة في قانون الجزاء العماني الجديد (1-3)

20 يناير 2018
20 يناير 2018

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

القوانين والتشريعات والأنظمة ينبغي ان تكون حية ومتجددة لتواكب تطورات العصر ومجريات الأمور في كل وقت وحين، فكل مرحلة من مراحل التنمية لها خصوصيتها فما يصلح قبل عشرين سنة أو اكثر يصبح غير صالح الآن من هنا جاء تعديل قانون الجزاء العماني الصادر قبل اكثر من 40 سنة بالمرسوم السلطاني رقم 7/‏‏‏ 74 ليحل محله القانون الجديد والذي صدر مؤخرا بالمرسوم السلطاني رقم 7/‏‏‏2018

في هذا المقال لن نخوض في تفاصيل القانون الجديد والذي لقي ردود فعل واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد لبعض التعديلات وبين متحفظ وآخر ربما غير مستوعب وإنما سوف نسلط الضوء على بعض المواد التي ربما تهم الجميع في المرحلة القادمة ولمن أراد ان يطلع على تفاصيل القانون بكافة بنوده ومواده فإنه سوف يجدها بكل سهولة متاحة عبر شبكة المعلومات العالمية “ الإنترنت”.

أكد قانون الجزاء العماني الجديد “أنه لا جريمة إذا وقع الفعل بحسن نية استعمالا لحق أو قياما بواجب مقررين بمقتضى القانون، ويعــد استعمــالا للحــق: تأديـــب الآبـــاء ومن فـي حكمهـــم للأولاد القصـــر فـي حـــدود ما هو مقـــرر شرعـــا أو قانــونا، وممارســــة الأعمـــال الطبيـــة متى تمـــت وفقـــا للأصـــول العلميـــــة المتعـــارف عليهـــا فـي المهن الطبية المرخــص بهــا، وبرضـــا المريـــض أو من ينـــوب عنه، صراحـــة أو ضمنا”.

“أو إذا كان التدخل الطبي ضروريا فـي الحالات العاجلة التي تقتضي ذلك، أو كان المريض فـي ظروف تجعله لا يستطيـــع التعبيـــر عن إرادته وكـــان من المتعذر الحصول فـي الوقت المناسب على رضا من ينوب عنه، بالإضافة إلى أعمال العنف التي تقع أثناء ممارسة الألعاب الرياضية فـي الحدود المقررة للعب، مع مراعاة قواعد الحذر والحيطة، وأعمـــال العنــف التي تقع على من ارتكـــب جريمــة متلبســـا بهــا، بقصـــد ضبطــه، وذلك بالقدر اللازم لهذا الغرض”.

هذه المادة مهمة للغاية وهي تضع النقاط على الحروف فيما يخص تربية الأبناء ومسألة قيام ولي الأمر بمعاقبة ابنه بطريقة مهذبة وحسنة بحيث لا يؤذيه جسديا ولا نفسيا وإنما يغرس فيه القيم والمبادئ الإسلامية الحنيفة ورسولنا الكريم أمر بضرب الابن عند تركه الصلاة عندما قال “علموهم لسبع واضربوهم لعشر” والضرب هنا ليس الضرب المبرح وإنما الضرب الـتأديبي غير الضار بالولد.

نصّ قانون الجزاء على “أن كل موظف عام استعمل وظيفته أو أخل بواجباتها للإضرار بأحد الأفراد أو لجلب منفعة له أو للغير أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على (3) سنوات، وغرامة لا تقل عن (200) ريال عماني، ولا تزيد على (500) ريال عماني، كما يعاقـــب بالسجـــن مـــدة لا تقــل عن سنـــة، ولا تزيد على (3) سنوات، وبغرامة لا تقـل عن (200) ريال عماني، ولا تزيد على (1000) ريال عماني كل موظف عام امتنع عمدا عن مباشرة أي واجب من واجبات وظيفته فـي ملاحقة جريمة يدخل أمر ضبطها أو التحقيق فيها أو القبض على فاعلها فـي حدود اختصاصه”.

وهذه المادة مهمة للغاية وجاءت في وقتها لما فيها من ردع للموظف الحكومي الذي تسول له نفسه استغلال وظيفته سواء بالامتناع عن تأدية مهامه الوظيفية أو بقبول الرشاوى والهبات التي تؤثر على اتخاذ القرار، وطبعا المادة ذكرت الموظف العام ولم تستثنِ الوزير أو رئيس الوحدة أو أي موظف في السلم الوظيفي فجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة سواسية أمام القانون ويبقى التطبيق هو الفيصل.

ذكر القانون أنه “إذا ترك (3) من الموظفين العامين على الأقل عملهم على نحو يضر بمصلحة العمل أو امتنعوا عمدا عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم متفقين على ذلك أو مبتغين منه تحقيق غرض غير مشروع عوقب كل منهم بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على (6) أشهر، وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن (6) أشهر، ولا تزيد على سنة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم فـي خطر، أو إذا عطل مصلحة عامة أخرى، أو كان من شأنه أن يحدث اضطرابا أو فتنة بين الناس، أو كان الجاني محرضا، كما أن كل من يوقف العمل من المتعهدين أو من القائمين بإدارة مرفق عام وترتب عليه تعطيل أداء الخدمة العامة أو انتظامها يعاقـــب بالسجـــن مـــدة لا تقل عن (6) ستـــة أشهـــر، ولا تزيد على سنـــة، وبغرامـــة لا تقـل عن (500) خمسمائة ريال عماني، ولا تزيد على (1000) ألف ريال عماني، بالإضافة إلى أنه يعاقــب بالسجــن مدة لا تقــل عن سنــة، ولا تزيــد على (3) ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن (300) ثلاثمائة ريال عماني، ولا تزيد على (1000) ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف عام أخل عن قصد بالقيام بواجبات وظيفته، وسبب ذلك إضرارا بمصالح الدولة”.

هذه المادة فيها ردع للموظف الذي أحيانا يترك عمله دون مبرر مما ينتج عنه تعطل مصالح المواطن أو المراجع، فكثيرا ما نسمع أن المدير في إجازة أو غير موجود وعليك مراجعتنا بعد شهر أو أسبوع وهكذا وبالتالي تتأخر المعاملة أحيانا لفترة طويلة بسبب الإهمال والتقاعس من الموظف وعدم الاهتمام والاتكالية إلا إن إثبات الجرم ليس من السهولة وطبعا لا نعرف ماهي العبرة من تحديد العدد بـ 3 موظفين وربما المشرع له رأي ومبرر في ذلك ولنا وقفة أخرى لاستكمال عرض بعض البنود والتعليق عليها كلما أمكن.