1226384
1226384
المنوعات

سفينة تيتو الشهيرة في كرواتيا ستتحول إلى متحف عائم عن تاريخ يوغوسلافيا

18 يناير 2018
18 يناير 2018

رييكا، (كرواتيا)- «أ.ف.ب»: بعدما شهدت مفاوضات على اتفاقات دولية وصعد على متنها بعض من كبار المشاهير بينهم اليزابيث تايلور وصوفيا لورين، تبدأ سفينة «غالب» التي لطالما شكلت رمزا ليوغوسلافيا خلال عهد جوزف تيتو قبل أن يأكلها الصدأ في أحد مرافئ كرواتيا، حياة جديدة كمتحف فور الانتهاء من أعمال ترميمها.

فبعد وفاة تيتو عام 1980، دخلت السفينة مرحلة التراجع في ميناء رييكا (فيومه بالإيطالية) في وقت كان اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية الشعبية السابق يتشظى قبل أن ينفرط عقده تماما على اثر سلسلة نزاعات دامية.

وفي عام 2009، اشترت البلدية في مزاد علني هذه السفينة البالغ طولها 117 مترًا والتي صودرت بسبب الديون المترتبة على مالكها اليوناني.

وأوضح رئيس البلدية الاشتراكي الديمقراطي فويكو اوبرسنيل لوكالة فرانس برس أن الهدف بات يقضي حاليا بتحويل السفينة إلى متحف ومقصد رئيسي في عام 2020 الذي ستكون خلاله هذه المدينة الكرواتية الساحلية الواقعة على البحر الادرياتيكي عاصمة أوروبية للثقافة.

غير أن مشروعًا كهذا يحمل في طياته بذور إشكاليات في كرواتيا التي يتولى فيها المحافظون الحكم وحيث يثير تيتو المصنف على أنه من المعادين لكرواتيا، الجدل على نطاق أوسع بكثير مما هو الحال في مكونات أخرى في يوغوسلافيا السابقة.

ومع أن دوره في محاربة النازيين مثبت، غير أن معارضي تيتو ينتقدون حكمه الديكتاتوري والمنحى الذي أرساه والقائم على عبادة الشخصية.

وفي سبتمبر، اضطرت زغرب إلى تغيير تسمية إحدى الساحات الرئيسية في العاصمة بعدما كانت تحمل اسم هذا الزعيم السابق، نزولا عند ضغط جهات قومية.

ويؤكد فويكو اوبرسنيل أن «الفكرة من هذه السفينة لا تقوم على التمجيد الأعمى بتيتو» بل على سرد «تاريخ يوغوسلافيا وكرواتيا».

وقد شيدت السفينة «غالب» (أي طائر النورس بالكرواتية والصربية)، في عام 1938 في أحواض بناء السفن في مدينة جنوة الإيطالية. وكان الهدف الأول منها نقل الموز قبل تسميتها «رامب 3» وإشراكه من جانب إيطاليا ضمن قطعها المستخدمة في الجهود الحربية. وبعد استهدافها من قبل البريطانيين في 1941، أعيد تعويمها وصادرها النازيون قبل إغراقها مجددا خلال قصف الحلفاء لرييكا عام 1944.

وإثر إصلاحها مجددًا، استعادت «غالب» مركزها كسفينة رسمية لتيتو بعد الحرب. وقد صعد الزعيم اليوغوسلافي السابق على متنها في سنة 1953 للانتقال إلى لندن عبر نهر التايمز للقاء وينستون تشرشل في أول زيارة رسمية إلى بريطانيا لرئيس دولة شيوعية.

وقد استضافت السفينة أيضًا «أهم المحادثات» التي سبقت ولادة حركة دول عدم الانحياز، بحسب كريستينا بافيتش حافظة المتحف البلدي في رييكا، وهي المشرفة على المشروع.

هذا المنتدى السياسي الذي كان تيتو أحد مطلقيه مع الزعيم المصري جمال عبدالناصر ورئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو والرئيس الاندونيسي أحمد سوكارنو والزعيم الغاني كوامي نكروما، أطلق في عام 1961 من جانب بلدان راغبة في الخروج من المواجهة بين معسكري الشرق والغرب خلال الحرب الباردة.

ويتباين الماضي المجيد لسفينة «غالب» مع وضعها الراهن إذ لم يبق منها سوى هيكل صدئ لسفينة مليئة بمقاعد بالية مغطاة بالغبار موزعة في قاعة الشرف، فيما بقيت الحجرات التي كانت مخصصة لتيتو وزوجته يوفانكا في الوضع الأفضل داخل هذا المركب.

ورصدت المدينة ميزانية قدرها 40 مليون كونا (6.6 مليون دولار) بتمويل من صناديق ثقافية أوروبية لجعل «غالب» متحفا عائما عن التاريخ اليوغوسلافي إضافة الى فندق أو مطعم.

وبعدما كانت منطقة صناعية مزدهرة، تعاني رييكا ثالث كبرى مدن كرواتيا أزمة اقتصادية مردها خصوصًا إلى عمليات الخصخصة وسوء الإدارة بعد حرب الاستقلال في التسعينات.

ويأمل رئيس بلدية رييكا فويكو اوبرسنيل الذي يتولى منذ عام 2000 إدارة المدينة التي تضم 130 ألف نسمة وهي ذات منحى يساري تقليديا، في أن يجعل مشروع «غالب» عنصرًا مركزيًا مما يطلق عليه اسم «مرحلة انتقالية لما بعد الحقبة الصناعية» بما يشمل إحياء المدينة من خلال فعاليات ثقافية وسياحية. ومنذ القرن العشرين مع تتالي النزاعات والتبدلات الجيوسياسية، خضعت رييكا لوصاية ست دول مختلفة من الامبراطورية النمساوية المجرية إلى الحكم الإيطالي والاحتلال النازي وصولًا إلى جمهورية يوغوسلافيا وكرواتيا.