randa2
randa2
أعمدة

عطر: الإغراء فكرة

17 يناير 2018
17 يناير 2018

رندة صادق -

[email protected] -

قد يظن البعض أن استخدام كلمة إغراء في أي موضوع يُعد ضربا من ضروب الجذب والتفافا على المعنى في محاولة لدفع القُراء لمتابعة المقال، ولكن في الحقيقة المقال محاولة لرصد أحد وجوه الحقيقة التي تُوضح فكرة الإغراء وتُلقي الضوء على مساراتها.

الإنسان وعلاقته بجسده، علاقة خضعت لمتغيرات كثيرة، فمن الغريزة البدائية غير الواعية، إلى عصرنا هذا الذي بات يُدرس الطبيعة البشرية وحاجاتها في المدارس وفق المناهج الحديثة ووضعها بأطر قيم معينة، تعود إلى خصوصية كل مجتمع ونظرته. هذا التاريخ الطويل من انتقال الانطباع عن الرغبة وعلاقتها بالإغراء، حافظ على مرّ السنوات وفي معظم الحضارات على علاقة المرأة بالإغراء وتفوقها فيه على الرجل، الذي صور كمتلقي لهذه المغريات، بل أن البعض يراه ضحية ساذجة تقع في براثن الأنوثة المفخخة بالإغراء .

الرجل بريء من لعبة الإغراء، هو المُستدرج إلى التهلكة من خلال وقوعه تحت تأثير تلك الطبيعة الأنثوية التي تُجيد المرأة فنونها غريزيًا، وهذا الأمر صحيح إلى حد ما وليس اعتراضي على هذا، بل على تلك التهمة اللصيقة بالمرأة بأنها أصل الشر والتي تكرس صورتها كأنثى تمارس الإغراء لتضليل مشاعر الرجل الذي لا ناقة له ولا جمل.

الله سبحانه وتعالى منح المرأة والرجل تفاصيل فيزيولوجية مختلفة وجعل لكل منهما معاييره التي تميزه وتدل على نوعه، وهذا في جوهره له علاقة في عملية التزاوج التي لها قوانينها بين كل مخلوقات الأرض، إذا هناك كيمياء معينة تؤثر في عملية التجاذب المسؤول عنها ليس المرأة أو الرجل بل كليهما، وهي تحدث أحيانا بلا وعي وأحيانا يخطط لها من قبل الاثنين، فمن المعروف إن للرجل أساليبه في إغراء المرأة وإيقاعها في سحره، قد تكون أشد خبثا من أسلوب المرأة، فهو يطلق الوعود والعهود، ويدرك بفطرته أن المرأة تسحرها الكلمة، ومن السهل أن تجرها كلمات الغزل إلى أماكن لا ترغب بها ولكنها تستسلم لمغرياتها، وقد يعترض البعض ويقول لنا أين عقلها؟ نعم أين عقلها؟ وكيف استطاع الرجل أن يخترق دفاعاتها، وهي الكائن الحسي الذي من السهل أن يتكسر من لمسة أو كلمة؟

لست في معرض اتهام الرجل وتبرئة المرأة، بل أرغب في توضيح أن لصق الإغراء بالمرأة هو رؤية لنصف الحقيقة، فتعالوا لنرى الحقيقة كاملة عبر نماذج نعيشها أو تضعنا المصادفات بموازاتها، تبدأ بمجموعة ملاحظات أولها:

ليس كل امرأة جميلة هي امرأة بالضرورة مغرية أو تتقن فنون الإغراء.

الإغراء ثقافة تكونها المرأة عن نفسها لأنها تدرك قوتها إن استخدمتها.

المرأة تحتفظ بقدرتها على الإغراء لتستخدمها في بعض المعارك (سلاحها السري).

المرأة كائن غير مباشر لم تتمكن بعد من التعامل بندية في العلاقة، فهي ما زالت لا تبادر بل تلجأ إلى الإيحاء مستخدمة النظرة أو الابتسامة أو ما يعرف بلغة الجسد.

الرجل والمرأة يحبان هذا التجاذب ويغذيانه كل بأسلوبه، فالرجل ليس بمتلق بل هو بتركيبته صياد يعرف بفطرته أي النساء قابلة للعب هذا الدور.

الإغراء مرحلة أجمل من الفعل بين الشريكين لذا لجأ كلاهما إلى رفع آلياته.

ساهم الإعلام والإعلان في استخدام جسد المرأة وجسد الرجل في عمليات التسويق والدعاية.

خروج الإغراء من العلاقة الحميمة والخاصة، ليصبح مصدرًا من مصادر الفساد في مجتمعات عرفت بالتزامها وتمسكها بفكرة “العيب” للحفاظ على قيم المجتمع السليم.

إن اختصر الموضوع إلى هنا أمر قاس للفكرة، ولكن ما أردت قوله إن الإغراء فكرة نترجمها بسلوكيات لو أدركنا أنها فعل ثنائي ليست المرأة وحدها المتهمة في ارتكابه لأنصفنا الرجل والمرأة.