1222674
1222674
المنوعات

الأدوية الحـيـوية.. ابتكار علمي يحدث ثورة في عالم الطب

14 يناير 2018
14 يناير 2018

بون، (ألمانيا) «د.ب.أ»: أحدثت فئة جديدة من العلاجات، تعرف باسم الأدوية الحيوية، ثورة في مجال علاج بعض الأمراض مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والسكري والسرطان.

وتصنع هذه الأدوية، التي تحقق انتشارًا سريعًا، عبر تقنيات الهندسة الوراثية داخل الخلايا الحية، ومن أهم أنواعها الأجسام المضادة العلاجية التي يمكن استخدامها لمهاجمة أمراض معينة بدقة أعلى مقارنة بالأدوية الكيميائية التقليدية.

وعلى الجانب السلبي، تتسم هذه الأدوية بأنها أغلى سعرًا بشكل كبير مقارنة بمثيلاتها التقليدية، كما أن لها آثارها الجانبية.

وظهرت الأدوية الحيوية قبل نحو عشرين عاما، ويربو عددها الآن على 180 دواء، حسبما ذكر الطبيب جيرد بينداس من معهد دراسات الصيدلة الحيوية بجامعة بون في ألمانيا.

ويقول جيرد إنه قبل تطوير أنواع مصنعة من الانسولين لعلاج مرض السكري، كان هذا الهرمون المسؤول عن تنظيم مستوى السكر في الدم يستخلص من بنكرياس الخنازير قبل أن يتم تنقيته، وفي المقابل، فإن الانسولين الحيوي يمكن تصنيعه بواسطة خلايا من الخمائر يتم تطعيمها بسلاسل جينية بشرية مزودة بشفرات بحيث تقوم بتصنيع بروتين الانسولين.

وعلاوة على الأدوية الحيوية التي تحل بدلًا من البروتينات التي يفرزها جسم الإنسان بشكل طبيعي، فإن الابتكار الأكثر إبداعًا يتمثل في الأجسام المضادة العلاجية المهندسة وراثيا، حيث أنها تستطيع الالتحام بأجسام معينة داخل الجسم، ومن ثم تثبيط نشاطها.

وفي حالات الأمراض الناجمة عن الاضطرابات المناعية مثل مرض الروماتيزم، فإن هذه الأجسام المضادة العلاجية تستهدف مكونات معينة داخل الجهاز المناعي للجسم مثل الجزيئات الناقلة للإشارات والتي تتسبب في زيادة الالتهابات، بدلًا من تعطيل النظام المناعي على نطاق واسع.

وعلى حسب نوعية الدواء الحيوي المستخدم، فإن مرضى الروماتيزم يحقنون أنفسهم بالدواء على فترات تتراوح ما بين أسبوع واحد إلى أربعة أسابيع، حسبما يقول الطبيب ستيفان شيفي عضو المجلس التنفيذي بمنظمة علاج الروماتيزم في ألمانيا.

كما أن هناك أدويةً حيويةً أخرى تعطى للمريض كل ثمانية أسابيع.

وفي تلك الأثناء، يواصل المريض تلقي الأدوية السابقة التقليدية لعلاج الروماتيزم والتي تعرف باسم (دي.إم.إيه.أر.دي)، ويرجع السبب في ذلك إلى سببين.

ويقول شيفي إنه في حالات التهاب المفاصل الروماتويدي على سبيل المثال، تعزز الأدوية التقليدية من تأثير نظيراتها الحيوية، مضيفا إنها «تمنع تكون أجسام مضادة ضد الأدوية الحيوية»، حيث إن هذه العلاجات الجديدة هي في الحقيقة بروتينات يمكن أن يعتبرها النظام المناعي أجسام غريبة ويبادر بالتالي إلى مهاجمتها.

ويرى بينداس أن «أي دواء له تأثير، فمن الممكن أن تكون له أعراض جانبية». وأضاف شيفي أنه من بين الأعراض الجانبية غير المرغوب فيها زيادة احتمالات التعرض للعدوى، ومن الممكن أيضا ظهور بعض أشكال الحساسية على المريض.

وبالرغم من ذلك، فإن «الأدوية الحيوية جلبت بالقطع تحسنا ملموسا في علاج الالتهابات الناجمة عن الروماتويد.

وقبل تلقي الدواء الحيوي، لابد من تطعيم المريض ضد مرض الالتهاب الرئوي بالمكورات الرئوية، وهو نوع من الالتهاب الرئوي البكتيري، كما يتعين أيضا التأكد من خلو المريض من السل قبل بدء العلاج.

ويؤكد الطبيب جيرد جلاسكه الباحث في مجال علوم الصيدلة والصحة بجامعة بريمن الألمانية أهمية توثيق أي أعراض جانبية تظهر أثناء العلاج بالأدوية الحيوية، ويشير إلى ضرورة أن يكون المريض صريحًا مع الطبيب المعالج بشأن أي أعراض جانبية يشكو منها.

ويقول شيفي إن الأدوية الحيوية لا تستخدم في علاج الروماتيزم إلا عندما يتبين أن الأدوية التقليدية غير كافية بمفردها في علاج المريض، مشيرا إلى أن ارتفاع تكلفتها يرجع إلى عملية تصنيعها المعقدة. وتزيد أسعار الأدوية الحيوية مقارنة بنظيراتها التقليدية التي تعرف باسم «دي.أر.إيه.أر.دي» بنسبة تتراوح ما بين عشرة ومائة بالمائة، وهو ما يمثل أكبر عقبة في طريق استخدامها على نطاق أوسع.

وذكر جلاسكه أن تكلفة علاج المريض الواحد بهذه النوعية من الأدوية الحديثة تتراوح ما بين 50 إلى 100 ألف يورو سنويا (59 ألفا إلى 118 ألف دولار). وأضاف جلاسكه إن الأدوية الحيوية المكافئة التي تعرف باسم المثيلات الحيوية تتساوى مع الأدوية الأصلية من حيث الجودة، ولكنها تكون أرخص بنسبة تتراوح ما بين 20 و30 بالمائة.

وتعطي هذه الأدوية المكافئة نفس المفعول رغم أن تركيبتها قد تكون مختلفة، ويتعين أن تمر بتجارب سريرية خاصة بها قبل أن تنال الموافقات اللازمة على استخدامها.

وبالنسبة للمرضى الذين لا يتحملون تناول الأدوية الحيوية، فربما لا يجدون نفس الصعوبة في تناول الأدوية الحيوية المكافئة لها، والعكس صحيح.

ويقول بينداس: إن أول دواء حيوي مكافئ طرح في الأسواق عام 2006، ولكن هذه النوعية من الأدوية لم تصبح ذات جدوى اقتصادية حتى عام 2015، عندما تم تطوير أدوية حيوية مكافئة لعلاج أمراض الالتهابات التي يشكو منها الآلاف.

ويؤكد بينداس أن هناك زهاء 600 صنف من الأدوية الحيوية الجديدة ومثيلاتها الحيوية قيد الإنتاج في الوقت الحالي.