أفكار وآراء

مــوازنــــة 2018 وتحديات الفترة القادمة «2-2»

13 يناير 2018
13 يناير 2018

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

من أهم التحديات التي ستواجهها السلطنة خلال الفترة المقبلة هو توفير فرص عمل للأعداد المتزايدة من الشباب الذين يتخرجون سنويا من الجامعات والكليات والمعاهد ويظلون ينتظرون الوظيفة لفترة طويلة وفي ظل تشبّع القطاع العام وعدم استطاعته استيعاب الأعداد المتزايدة من هؤلاء الشباب فإن الأمل معقود على القطاع الخاص لتوفير هذه الفرص.

لذا فإن من أهم أهداف الموازنة لعام 2018م كما جاء في بيان وزارة المالية هو تعزيز مساهمة القطاع الخاص حيث إن من أهم مرتكزات خطة التنمية الخمسية التاسعة تنمية القطاع الخاص وتعزيز دوره في مجمل الأنشطة الاقتصادية عبر العمل على تحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، وقد قدرت مساهمته وفقاً لتقديرات الخطة الخمسية نحو (52%) من إجمالي الاستثمارات، وقد حقق فعلياً نسبة أفضل من المستهدفة في عام 2016م، حيث بلغت مساهمته (60%) من إجمالي الاستثمارات؛ وذلك نتيجة لتفعيل حزمة من السياسيات لتشمل الآتي:

أ) تحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال وذلك عن طريق إزالة المعوقات التي تؤثر في سهولة ممارسة الأعمال، وقد اتخذت الحكومة عددا من الخطوات الفعالة لتحسين بيئة الأعمال، ويأتي في مقدمتها تطوير الإطار التشريعي وذلك بالعمل على إصدار قانون الاستثمار الأجنبي وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون الإفلاس، كما تم إنشاء المكتب الوطني للتنافسية، لرصد المؤشرات الدولية للاستفادة منها في تحسين الممكنات المطلوبة لرفع القدرة التنافسية للسلطنة، وتوفير المخصصات المالية لمشاريع الحكومة الإلكترونية بهدف رفع مستوى الأداء للأجهزة الحكومية وتجويد وتبسيط الخدمات المقدمة مع إشراك القطاع الخاص في تمويلها وتنفيذها.

‌ب) تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، ومن أجل تمكينه من لعب دور محوري في تنفيذ الخطط التنموية، فقد تم إطلاق مجموعة من المبادرات على النحو التالي، أولاً: مبادرات بناء وتطوير الكفاءات الوطنية. ثانياً: مبادرة تعزيز بيئة الأعمال. ثالثاً: مبادرة تطوير الإطار المؤسسي والتشريعي لمشروعات الشراكة، وقد تم اختيار مجموعة من المشاريع في إطار البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي “تنفيذ” تأتي في إطار تحفيز القطاعات الخمسة الواعدة وهي (الصناعات التحويلية والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة والثروة السمكية والتعدين)، وسيتم تمويل تلك المشاريع من خلال أساليب تمويليه مبتكرة وبالمشاركة مع القطاع الخاص إلا أننا نقول إن جميع هذه المبادرات والبرامج تحتاج الى إرادة وعزيمة من أجل تطبيقها على اكمل وجه.

‌ج) تفعيل برنامج التخصيص، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والمالية التي فرضتها تطورات أسعار النفط العالمية في السنوات الأخيرة والتي كان لها انعكاسات سلبية على حركة الاستثمار وأسواق المال في المنطقة فسيتم الاستمرار في تنفيذ برنامج التخصيص باعتباره إحدى الأدوات الأساسية التي ترمي إلى توسيع مشاركة القطاع الخاص في امتلاك وتمويل وإدارة الأنشطة الاقتصادية، ووفقاً للبرنامج فإنه جار اتخاذ إجراءات تخصيص (6) شركات خلال عام 2018م إلا أننا نرى ان يتم دراسة برامج التخصيص بعمق بحيث لا يكون انعكاسه سلبيا على المواطن البسيط. كما يندرج ضمن أهداف الموازنة البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ)، حيث شملت المرحلة الأولى من البرنامج الوطني ثلاثة من قطاعات التنويع الاقتصادي المضمنة في خطة التنمية الخمسية التاسعة وهي (السياحة، الصناعات التحويلية، الخدمات اللوجستية)، إضافة إلى قطاعين ممكنين داعمين وهما قطاعا (سوق العمل والتشغيل، وقطاع المالية والتمويل المبتكر)، وقد خلصت نتائج المختبرات وحلقات العمل إلى (91) مشروعا ومبادرة، وتقوم حالياً وحدة دعم التنفيذ والمتابعة بتقديم الدعم اللازم للجهات لتمكينها من إنجاز المبادرات في الوقت المطلوب.

ويتم حاليا في قطاع الصناعات التحويلية تنفيذ مبادرات تمكينية مختلفة لضمان استدامة قطاع التصنيع كتعزيز البنية التحية للابتكار، وإنشاء جمعية الصناعيين وقد تم توقيع اتفاقية بين وزارة التجارة والصناعة وجامعة صحار لتمكين الجامعة من إنشاء مركز جديد للبحوث الصناعية وإنشاء مصنع لتصميم وتصنيع القوالب ويتم حاليا تنفيذ عدد من المشاريع في مجال الأغذية لتعزيز الأمن الغذائي ورفع نسب الاكتفاء الذاتي من بعض المنتجات والسلع الغذائية،أما في القطاع السياحي فقد تم منح تسهيلات التأشيرات السياحية للأسواق الجديدة المصدرة للسياح، وكذلك تفعيل النظام الإلكتروني للتأشيرات.

ونقول رغم أهمية هذه الإجراءات إلا أنها تظل غير كافية ما لم يتبعها إجراءات أخرى كإعادة النظر في بعض المصاريف والمكافآت والمزايا التي ما زال كبار المسؤولين يتمتعون بها، و فرض ضريبة محددة على تحويلات الأجانب والتي تتجاوز 3 مليارات ريال سنويا والابتعاد عن البيروقراطية المقيتة.

وأخيرا لابد من البحث عن أوعية استثمارية أخرى كالاستثمار خارج السلطنة في مشاريع مضمونة العائد وإعادة النظر في التخطيط للمستقبل وهذا لن يتم كما ذكرنا في مقالات سابقة إلا من خلال إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية من القمة الى القاعدة وضخ دماء جديدة شابه تستطيع ان تتكيف مع هذا الوضع وتستشرف المستقبل برؤية واضحة، كما أن الارتفاع المتوقع لأسعار النفط هذا العام ينبغي ان لا تثنينا عن المطالبة بالتعديل والإصلاح.

لا بد من تطبيق الرقابة المالية والإدارية على الجميع، بحيث يتم محاسبة كل من يحاول المساس بالمال العام واستخدامه للأغراض الشخصية،وكما ينبغي التدقيق ومراجعة بعض المناقصات التي يتم طرحها بين الفترة والأخرى والتي أحيانا تكون أرقامها فلكية وتثير تساؤلات الشارع، وفيما يخص الصرف على التعليم والصحة والذي ما زال يشكل نسبة كبيرة فلابد من دراسة تخصيص هذه القطاعات مع مراعاة ان لا يكون ذلك على حساب المواطن البسيط،والخطوة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم لدراسة تخصيص بعض المدارس خطوة جيدة إلا أنها ينبغي ان تدرس جميع النواحي قبل اتخاذ القرار وقد سبق وان كتبنا حول تخصيص التعليم من أجل تجويده.