أفكار وآراء

إسرائيل تحفر مقبــرة حــل الدولتيـن

12 يناير 2018
12 يناير 2018

افتتاحية نيويورك تايمز -

ترجمة: أحمد شافعي -

بتشجيع من إشارات إيجابية صادرة من واشنطن وفوضى تسود السياسة الإسرائيلية على المستوى الداخلي، يقوم ساسة اليمين الإسرائيلي الآن بإجراءات من شأنها أن تسدد ضربة قاتلة لإمكانية إقامة دولة مستقلة للفلسطينيين، ضمن ما يعرف بحل الدولتين الذي يوفر الفرصة الضئيلة التي لا تزال ممكنة لتحقيق السلام. ومهما يكن ذلك الأمل بعيدا، فينبغي ألا يسمح بموته.

طالما حالم القوميون اليهود بدولة يهودية واحدة من نهر الأردن إلى البحر المتوسط. وفي حين أظهر رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو دعمه لحل الدولتين، فقد عمل باستمرار على تقويضه، كما أن تصرفات الفلسطينيين أنفسهم لم تخدم هدفهم المتمثل في إقامة دولة مستقلة - من وجهة نظر البعض في واشنطن على الأقل.

لقد عارضت الولايات المتحدة وأوروبا وأغلبية الإسرائيليين التوسع في الضفة الغربية ودعموا مفاوضات السلام.

لكن اليمين الإسرائيلي رأى في اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، خارجا على السياسة الأمريكية المستقرة، وما تلاه من تهديد «نيكي هالي» سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة بقطع معونة اللاجئين الفلسطينيين بداية لإنهاء أي تظاهر أمريكي بدعم فكرة الدولتين.

هؤلاء المتشددون استفادوا من الضرر السياسي الذي تعرض له نتانياهو من جراء التحقيقات في الفساد فاتخذوا مواقف على يمينه. لدرجة أن رئيس الوزراء لم يكن حاضرا اجتماع قيادة الليكود الذي حث للمرة الأولى على ضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية رسميا. في الوقت نفسه صوت البرلمان الإسرائيلي مشترطا أغلبية الثلثين في أي تصويت على تشريع يتنازل للفلسطينيين عن أجزاء من القدس، واضعا بذلك عقبة أمام أي صفقة تتعلق بالقدس في المستقبل، وتقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام.

ينبغي أن تكون هذه اللحظة هي اللحظة التي تتدخل فيها الولايات المتحدة- وهي أقوى حليف لإسرائيل في العالم- فتقول لا، لأن هذا الطريق لن يفضي إلا إلى مزيد من الشقاق والعزلة لإسرائيل.

لكن الواضح أن الدبلوماسية مسألة أحادية الجانب مثلما يرى الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنر الذي يفترض أنه يقود جهود الرئيس في الشرق الأوسط.

فضلا عن أن التهديد بقطع إسهام الولايات المتحدة الضروري في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- الاونروا- التي تدعم خمسة ملايين لاجئ فلسطيني وأبنائهم في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا كفيل بإثارة أزمة إنسانية في معسكرات اللاجئين وتهديد التعاون الأمني المستمر بين الفلسطينيين وإسرائيل وإثارة المزيد من اللوم من شتى أرجاء العالم.

لا يزال الرئيس ترامب يزعم أنه يناصر محادثات السلام. وكل ما قام به حتى الآن هو أنه خلق المزيد من العقبات وألهب حماس المتطرفين في كل الجانبين. ولو أنه كان مهتما حقا بالتوصل إلى صفقة في الشرق الأوسط، مثلما زعم في حملته الانتخابية، لكان هذا هو الوقت الملائم للتأكيد على التزام الولايات المتحدة القديم بحل الدولتين والقول لإسرائيل إنها تمضي إلى أبعد مما ينبغي.