1218034
1218034
إشراقات

التواصل الاجتماعي في العالم الافتــــــراضي.. بين الواقع والخيال

11 يناير 2018
11 يناير 2018

تربية وتوجيه -

ميمونة بنت حميد الجامعية -

«الأم المثالية هي التي تتمتع بشخصية متزنة، ناضجة انفعاليا، لا تسقط متاعبها على أطفالها، بحيث تنسب متاعبها إليهم، وينبغي عليها أيضا أن تكون قادرة على إيجاد مُناخ مناسب تحقق فيه أهدافها وطموحاتها في أطفالهما، دون أن تطلب منهم ما هو فوق طاقتهم، وأنها لابد من حث نصفها الآخر على أن يكون مصدرا للتعاون معها، للحماية والتعضيد، وليس مصدرا للسلطة والترهيب، بحيث تتبادل الأدوار معه في ممارسة الدور الأبوي الذي يجمع بين الحزم والرفق في آن واحد، دون أن يلغي أحدهما دور الآخر، وإن كان الدور الأكبر يبقى على الأم في مراقبة وتوجيه سلوك الأبناء عند التعامل مع وسائل الانفتاح المعرفي، ومع ما ذكر من بيان لأهم الأسس التي تعين على الرقي الفكري للأبناء»

تعد التربية البيتية هي الأساس في توجيه سلوك الفرد الذي يعد فيما بعد أحد ركائز المجتمع بما يصدّره من فكر إما إيجابي أو سلبي، لذلك عُدَّ البيت هو البيئة التدريبية الأمثل لرقي سلوكيات الأبناء وتشكيل عواطفهم وتهذيب أخلاقهم، وفي رحابه تتشكل خصالهم وعاداتهم وميولهم، وتنمو استعداداتهم ليلجوا أبواب المستقبل مسلحين بكل المقومات والأسس التي تمدهم بالنجاح وشق طريق الحياة بيسر رغم الصعاب التي قد تعترضهم.

وحتى يتمكن الأبوان عموما من تربية أطفالهما، لابد أن يكون فهمهما لمبادئ التربية عميقا وواعيا وحقيقيا، بما يمنحهما من التعرف عن قرب على أنماط السلوك التي يمر بها أطفالهما في كل مرحلة، وهذا يجعلهما مستعدين لمواجهة عمليات بناء شخصيات أبنائهما بثقة واقتدار، من خلال معارف علمية وأهداف واضحة في أذهانهم منذ اقترانهما معا.

وبما أن التربية تعتمد على المعارف والخبرات التي يكونها الفرد أو يكتسبها من مصادر مختلفة، فإن قيمتها تكمن في مدى الإفادة من هذه الخبرات وتوظيفها فيما يعود على الفرد بالخير والصلاح والرقي، وهذا الذي يحدد قيمتها فإذا حظي الإنسان بقسط وافر منها وتمكن من ترجمته في تعاملاته اليومية، معنى ذلك أن قراءته الخاصة قد نمت ودربت وبلغت حد النضج، بحيث أصبح قادرا على توجيهها لصالحه ولصالح المجتمع والأسرة على السواء.

وإن أكثر الآباء نجاحا أولئك القادرون على وضع أنفسهم موضع أبنائهم، ليروا ما يرون، ويفكروا بما يفكرون، ويشعروا بما يشعرون، ويتعاملوا معهم بوضوح، وهذا يتطلب صبرا وعملا مضنيا من الآباء في المراقبة والشرح والتوجيه والتذكير والتشجيع والمعارضة والردع، وبالحزم توضع الأمور في نصابها، فلا يسمحون بتربية وتعامل متذبذبين.

إن الصعوبات في تربية الأطفال خلال أيامنا هذه، أكثر من أي وقت مضى، في ظل الانفتاح الكبير الذي يشهده المجتمع المسلم عموما، فأصبح متلقيا لثقافة من مجتمعات مختلفة ليس عليها رقيب ولا عتيد سوى نفسه التي نشأت على الفضائل فكانت الحارس الذي يوقظه حين يلزم الأمر.

وهذا الانفتاح على وسائل المعرفة المختلفة هو مما يدفع المربي إلى إعادة النظر في أساليبه السابقة مع ما احتوت عليه من خبرات لينطلق من عالم جيل اليوم فيعيد الصياغة بما يتناسب وسهولة التوجيه على المنهج نفسه بلا إفراط أو تفريط، ذلك أن رعاية الطفل فيما مضى كانت تستمد أسسها - إلى جانب القرآن والسنة - من تقاليد وعادات الأسرة والمجتمع الذي نشأ فيه، حيث أن الآباء قبل أن يكونوا مربين لأبنائهم، مروا بخبرة التربية مع آبائهم، ومن ثم فإن التربية السابقة للآباء تشكل تأسيا واقتداء ومصدرا من مصادر الخبرة والتجربة التي على أساسها تقوم فكرهم في المستقبل.

في الفترة الأخيرة أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي من المصادر التي يلجأ إليها الأبناء بل الأسرة عموما، بغية الوصول إلى المعلومة في أسرع وقت وبأقل جهد ممكن، وهنا علينا أن ننتبه إلى أن ليس كل الآباء في مستوى واحد للتعامل مع هذه المصادر في ضوء المستوى التعليمي الذي وصلوا إليه، ومدى الانفتاح وحسن التعامل مع تلك الخبرة أو ذاك المصدر، فمن الآباء من تخور قواهم وتضعف طاقاتهم وهممهم في متابعة أبنائهم، ومنهم من يلجأ إلى البيئة الخارجية لمواصلة تعليمهم المدرسي دون أن يكلفوا أنفسهم عناء المتابعة أو حتى السؤال عن سير يومهم، فلا يبذلون جهدا كبيرا مع الطفل، ويغلب على أسلوبهم طابع الاتكالية واللامبالاة حتى يصل إلى حد الإهمال أحيانا.

وفريق آخر من الآباء من يتمتع بصفة الاندفاعية، والذي يأتي سلوكه من وحي الموقف، متسامح حينا، ومتشدد وصارم حينا آخر، فكأن سلوكه يتسم بالعشوائية في تنشئة أبنائه، وأقل ما يمكن القول عنه هو أب غير منسق في سلوكه تتحكم المواقف في توجيه سلوكه اتجاه أبنائه وليس العكس.

إن الأبناء هم هبة الله على كل أبوين؛ لأن هناك من حرموا نعمة الولد، لذا كان حريا بمن رزقه الله هذه الهبة أن يحفظها ويرعاها، ويعطيها الفرص الكافية لتأخذ مكانها كعنصر فاعل واع في مجتمعاتهم، ولا يكون الآباء قيدا على أبنائهم، أو عامل إحباط وإقصاء للدور الآخر، أو عامل تسلط يعطل الطاقات، أو يجمد الفكر، ويجعل من الأبناء أدوات في أيديهم يستعملونها حسب توجههم هم فقط ، لأنهم إن فعلوا ذلك عطلوا فيهم مهارة تكوين خبرات عملية في حياتهم، أذ كيف ستنمو مهاراتهم، وكيف سيتمتعون بدور استقلالي، يبني شخصياتهم، وكيف سيواجهون مطالب الحياة وتحدياتها؟

في إطار المناخ الذي يسوده التواصل المشترك يمكن لولي الأمر أن ينقل خبراته وذوقه واهتماماته وعاداته الجميلة إلى الأبناء وأن من يقولون بأنهم لا يعرفون أبناءهم جيدا. فذلك يعود إلى عدم منحهم الوقت الكافي لأن يكونوا معهم يشاركونهم اهتماماتهم، وجل أولئك يعيدون السبب إلى أن وقت الفراغ المتوفر لديهم هو حق المطالعة والزيارات وحضور الدورات العلمية والاجتماعية، وإن ربط الطفل بهم فيتم ربطه بالخروج والنزهة مع ندرة الجلسات داخل المنزل والتي من خلالها يدور الحوار المتبادل بين الأبناء وآبائهم ومن خلالها يكتسب الطفل الخبرة المباشرة الناتجة من مراقبته لتصرف أبويه.

إن الطفل بغض النظر عن عمره، يحاكم الأمور بكل منطق، ويتصرف تصرفا يدهش الكبار الذين لا يتوقعون منه ذلك، فالعديد من الآباء والمربين عموما يستهينون بقدرات الطفل الأمر الذي يسيء إلى العلاقة القائمة بينهما، مما يوثر ذلك على صحته النفسية، وعلى وجوده العام في الجو البيتي أو المجتمعي.

فأطفال اليوم بالرغم من أنهم يعيشون في بيئة تكثر فيها المعرفة مع تيسير سبل الوصول إليها، إلا أن الواقع يقول أن هؤلاء الأطفال يعيشون في بيئة فقيرة من الإشباع العاطفي مما يجعلهم بعيدين عن دفء بيوتهم، الأمر الذي أدى إلى أن يسلبهم المتعة في حياتهم والرضى عنها في ظل أسرتهم وبين أحضان أبويهم، مما أوجد الانفعال والغضب الشديدين في غالب تصرفاتهم، كما ولد لديهم شعورا بالشك في صحة ممارساتهم، ومدى قبولها ممن حولهم، وهذا يؤدي إلى تبدد في اهتماماتهم وضعف حوافزهم، والأخطر من هذا كله يجعلهم يبحثون عن متنفس آخر يبثون إليه ما يعتمل في صدورهم، ويشاركهم اهتماماتهم، وينصت إلى أحاديثهم وشجونهم، ويشعرهم بأنهم أهل لأن تتم مشاركتهم في القرار وإبداء الرأي وهو ما حرموا منه في منازلهم.

فإذا ما أهملت عواطف الطفل، أو تم تجاهلها حين التعامل معه، سواء أكان الإهمال عن قصد أم عن غير قصد، فإن هذا يعده الطفل دليل جفاء وبرود عاطفة نحوه، فهو في قرارة نفسه لا يعترف أنه أقل شأنا من غيره، أو أن كيانه تابع لكيان أبويه ويدور في فلكهما.

ولقد أظهرت العديد من الدراسات أن الطفل يبدو عليه القلق والتوتر إذا أهمله والداه، أو إذا غاب عنه أحدهما، فعن طريقهما يدخل الأطفال عالم المجتمع من حولهم، وتزيد قدرتهم على الاتصال بأترابهم وزملائهم وبغيرهم من أفراد المجتمع.

والطفل حتى لا يبقى معزولا في عائلته أو أسرته على وجه الخصوص، يجب على الأبوين أن يعيروه اهتمامهما خاصة مع كل مرحلة انتقالية من العمر، والتعاون المشترك بين الأب والأم في رعاية الأبناء هي من الأهمية بمكان في ضوء المستجدات الحياتية التي يعيشها جيل اليوم، وما يطرأ عليها من تغيير في مختلف الميادين، فلكل منهما أسلوبه الخاص في التواصل مع الطفل، كما أن الطفل بطبيعة الحال بحاجة إلى رعاية كل منهما، واهتمامه الخاص ليفيد من الطرفين ومن ميزات كل منهما، فكل منهما يغذيه بعلاقته معه، ودور كل منهما دور تكاملي مع الآخر، فللأب دور حاسم في تعريف الطفل وتنشئته تنشئة الرجال، وهو أكثر ما يكون المنظم لعلاقته مع قرنائه من الفتيان، وفي تكوين المفاهيم الصحيحة عن الحياة، وفي تقبله لذاته، وشعوره بالأمن والطمأنينة، ولا شك ستكون الأم أكثر نجاحا إذا حظيت بمساعدة الأب في الاحتواء العاطفي للأبناء.

وفي هذا الجانب ومع ما يتم التأكيد عليه من ضرورة الاحتواء العاطفي إلا أنه من المهم أيضا التنويه إلى ضرورة أن يتمتع الأبوان بهيبة ومقام في نفوس أبنائهما، فإذا لم يحوزا على مثل هذا؛ عدهما الأبناء فاقدي الشخصية، وتصرفوا باستهتار بهما وبتعليماتهما، وسيكون مقدار الضرر الذي سيتركه مثل هذا الشعور على الأبناء كبيرا حتى على أسرهم في المستقبل، وبناء عليه فإن التعامل الصادق المبني على الاحترام بين الأبوين سوف يكسبهما احترام أولادهما، لذا ينصح الآباء بأن يحلوا مشكلاتهم بروية وتفاهم، فيديران شؤونهما بحكمة واتزان عاطفي دون تدخل الآخرين، لمَ لفعلهما هذا من أثر من مباشر ينعكس إيجابا على سلوك الأولاد مستقبلا، إضافة إلى ما يحدثه هذا أيضا من استقرار في الأسرة وشعور أفرادها بالطمأنينة.

وإن أراد الآباء أن يبقيا أولادهما إلى جانبهما، ولا يسمحا للأمور البسيطة أن تقطع الارتباط النفسي بينهما، فلا بد من الاحتفاظ بعلاقتهما العاطفية التي تشعر الأبناء بدفء علاقة الأبوين في المقام الأول، لتسري بعدها إلى الأبناء فإذا انعدم في الأصل فكيف يصل إلى الفروع، ففاقد الشيء لا يعطيه.

ولكي تتحقق هذه العاطفة الأبوية يجب أن يكون حب الأبوان لطفلهما، بعيدا عن موضع المساومة، أو رمزا للتهديد والعقاب لكي يقلع الطفل عن عمل يريد القيام به، ولا يروق لوالديه، أو ردعا عن عمل قام به، فهذا العطف والحنان حق للطفل على والديه يستوفيه بغض النظر عن تصرفاته، رضي الأبوان عنه أم سخطا، ذلك أن هذا العطف يدثر علاقة كل منهما بالآخر، ويجعل حياة الطفل في كنفهما حياة ذات متعة وذات مغزى، فهو يلاحظ تصرفات الأبوين مع من حوله فلا يفرق إن كان هؤلاء كبارا أم صغارا، ويرى في قرارة نفسه بأن له الحق أن يتساوى في المعاملة معهم. فلا يسمح لأي أحد أن يحرمه من هذا الحق، وعليه إن لبيت رغبة الطفل ومنح حقه من الود والتلطف فلا ينبغي أن يشعر بأن ذاك كان فضيلة لا فريضة، وشعوره بأن أبويه يمنان عليه بمشاعرهما يولد في نفسه غضاضة في نفسه، وأنه لا يزال غير أهل لذلك.

صحيح أن الطفل بحاجة إلى النصح والإرشاد، لكنه أيضا بحاجة لزمن كي يبلغ فيه مرحلة النضج والاكتمال، ليعتمد على نفسه في اتخاذ قراره، وهذا لا يتم على حساب المبالغة في تقدير نضجه ومواهبه، وإنما بناء على فهم الأبوان لقدراته، مع إعطائه حق قدره، وانتهاج سبل بناء القناعات في إفهامه والأخذ بيده وكأنه راشد، دون المساس بخصائص مرحلته العمرية.

فعلينا كأبوين أن نبدي إعجابنا وموافقتنا واستحساننا لتصرفات أبنائنا واستجاباتهم إن كانت تستحق ذلك، فلا نتركها بدون تعليق أو إبداء رأي، حتى لا يعد ذلك إهمالا له، وقد يبدي رأيه في صواب أو خطأ أمر شاهده أو سمعه، فيقول: هل هذا صحيح؟ وكأنه ينتظر تأييدنا له على صحة رأيه، مع الإنصات التام لما يقول.

وإن كان الحديث سابقا جاء بلفظ العموم، فحان دور التخصيص ليكون للأم الدور الأكبر في التوجيه والتربية، ومنطلق ذلك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سئل: «من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.

فتبقى الأم هي المتربعة على عرش القلوب دون أن تهزها الأحداث، محاولة أن تبرز رباطة الجأش اتجاه المواقف التي قد تتعرض لها في سبيل تربية آمنة لأطفالها؛ حتى تبقى كوثر الحنان الذي لا ينضب معينه، فتغرس القيم والفضيلة في أرض ينتظر عطاؤها لتعم المجتمع بأسره قياما بحق الله فيه.

فحضن الأم مدرسة تسامت .. بتربية البنين أو البنات

وأخلاق الوليد تقاس حسنا .. بأخلاق النساء الوالدات

وبيس النبت ينبت في جنان .. كمثل النبت ينبت في الفلاة.

فهي الدوحة الجميلة، ذات الظلال الوارفة، يتفيأ تحت خمائلها أبناء المجتمع، وهي تعد بين أبنائها بحنانها وعاطفتها الأموية الحكمة لطيشهم، والائتلاف لتنافرهم، والنظام لعبثهم، هي الهدية الكبيرة الذين يجدون فيه كل ما يستميل قلوبهم، ويوجههم التوجيه الأمثل بما يقوي علاقتهم مع الخالق سبحانه وتعالى.

يقول أبي - الشيخ أبي سرور رحمه الله - في مقدمة ديوانه الفقهي بغية الطلاب:

وأمي التقية الكريمة .. جزاهمُ رب السما نعيمه

ما دفعتني بالعصا للمدرسه .. أمي وكانت برة وكيسه

وقد قيل في الأم بأنها:«القوة النفسية الدافعة للأجيال إلى لأمام، بل هي التضحية الخالدة من جيل إلى الجيل الذي بعده»، وإن بناء أمة مهيبة الجانب، متينة الأركان مسموعة الكلمة، إنما يتوقف على مردود جهد الأم في تنشئة أبنائها، فالتربية القويمة هي أعظم ما تحتاجه الأمة، كي تنهض وتسمو وتتبوأ مكانتها التي تريدها بين الأمم الراقية.

وقد قيل عن الأم أيضا «عظماء الرجال يرثون عناصر عظمتهم من أمهاتهم».

وما اطلعت عليه في الأم أيضا ما ذكر عن نابليون قوله: «أنا مدين لأمي بكل ما حزته من المجد، وما فزت به من العظمة، لأن نجاحي هو ثمرة مبادئها القويمة الكريمة ...»

فالأم المثالية هي التي تتمتع بشخصية متزنة، ناضجة انفعاليا، لا تسقط متاعبها على أطفالها، بحيث تنسب متاعبها إليهم، وينبغي عليها أيضا أن تكون قادرة على إيجاد مُناخ مناسب تحقق فيه أهدافها وطموحاتها في أطفالهما، دون أن تطلب منهم ما هو فوق طاقتهم، وأنها لابد من حث نصفها الآخر على أن يكون مصدرا للتعاون معها، للحماية والتعضيد، وليس مصدرا للسلطة والترهيب، بحيث تتبادل الأدوار معه في ممارسة الدور الأبوي الذي يجمع بين الحزم والرفق في آن واحد، دون أن يلغي أحدهما دور الآخر، وإن كان الدور الأكبر يبقى على الأم في مراقبة وتوجيه سلوك الأبناء عند التعامل مع وسائل الانفتاح المعرفي، ومع ما ذكر من بيان لأم الأسس التي تعين على الرقي الفكري للأبناء، فإن آخر ما أختم به الحديث هو:

- تقوية الرقابة الإلهية.

- الترغيب في حب الله أولا وما أعده لعباده الصالحين، وأما الترهيب فاللجوء إليه عند الضرورة فقط.

- مساعدة الأبناء في اختيار البرامج الهادفة من وسائل التواصل.

- الجلوس معهم في بعضها ومتابعة ردود أفعالهم اتجاه ما يتابعون.

- تنشيط روح النقد لديهم بسؤالهم عن رأيهم فيما يتابعونه.

- بيان الحسنات والسيئات فيما يتابعون وتصوير الأثر الذي تتركه تلك المصادر فيهم على المدى البعيد.

- إرشادهم إلى الموازنة بين فروضهم الرئيسة وبين ما يتابعون بحيث لا تبعدهم عن أداء واجباتهم أو ممارسة هواياتهم فيعيشون عزلة معها ويكونون أسيرين لما يتابعون.

- تشجيعهم على التدوين مستثمرين قراءاتهم التي تكون بإشراف ابائهم.

- منحهم الثقة المقننة في المتابعة وإعطائهم الفرصة ليتأكد لدى الأم خاصة أن ابنها أو ابنتها قد عملت بتوجيهها، وأن الرقابة الربانية بدأت في مفعولها عند كل منهم.

- وللتخفيف من الإدمان على قنوات التواصل إيجاد البديل المناسب، كأن يطلب من الأبناء التعبير عما يشاهدونه من مواقف وكيف يترجمون تلك المشاهدة بالتعبير عنه بالكلمة أو الرسم، وتخصيص يوم لعرض أعمالهم فيه وبيان رأي أسرته فيما يقدمونه، وسيكون هناك متنفسا لإخراج طاقتهم غير قنوات التواصل فقط وذلك إن وجد من الأبوين ومن الأم على وجه الخصوص حسن المتابعة بحكم أنها الأكثر مع الأبناء وإن كانت تعمل حالها كحال الرجل.

أصلح الله لنا أبناءنا وجعلهم رجاء هذه الأمة.