أعمدة

نوافـذ: ما بين «عـمـوه» و«خـالتـوه»..

09 يناير 2018
09 يناير 2018

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

نتفق جميعا؛ على ما أجزم؛ أننا لسنا بحاجة الى وسائل كثيرة لاعوجاج الألسن، فهي معوجة، مع سبق الإصرار والترصد، ويكفي هذا التشويه الذي تعيشه خلال الـ (24) ساعة، سواء من قبل مجموعة الـ «عربلش» او من قبل مجموعة الـ «رفيج» فكلا المجموعتين مؤديتان الدور وزيادة.

فمجموعة الـ «عربلش» لا تستنكر صلفها الشديد وحرصها الأشد، وهي تتحف السامع مبتدئة؛ حديثها؛ بجملة عربية واحدة وبكلمات متداخلة من اللغة الإنجليزية بين ثنايا هذه الجملة، ومجموعة الـ «رفيج» التي غيرت نهائيا من سلامة اللغة العربية، وألبستها لهجة ما أنزل الله بها من سلطان، في حالة يؤسف لها بل تدمي القلب، ومن أمثالها: «أنا في روح» أنا «في جي» و«وانت في شيل» وعلى فكرة هذا التمييع في اللغة في التعامل مع هذا الصنف من الوافدين لا يحدث أغلبه إلا هنا في السلطنة، حيث نكون عونا لهم على هذه التشظي والانكسار لكلمات وجمل اللغة العربية، او حتى اللهجة المحلية؛ بين كل محافظة وأخرى؛ وقد زرت عددا من الدول العربية ووجدت هذه القوى العاملة تتحدث بلهجة تلك البلدان فضلا عن أن تشوه اللغة العربية بمساعدة السكان الأصليين، فهي التي امتثلت لهم، وليس العكس.

يحدث اليوم هنا ما هو أخطر من ذلك، حيث نغذي أطفالنا بمفردات سوف تكبر معهم شيئا فشيئا فتصبح مع مرور الزمن جزءا لا يتجزأ من الثقافة الاجتماعية، ومن ذلك انتشار مفردات «عموه» و«خالتوه»، وهي بدلا من «عمي وخالتي» وهي المفردات التي نص عليها القرآن الكريم في أكثر من سورة، ونأتي نحن اليوم لنغذي أطفالنا بخلافها، بغية أن ننشر الدلع «المصطنع» على هذه اللغة الرصينة والمهابة التي يحملها كتاب الله عز وجل بين دفتيه، وهذا مما امتحنت به اللغة في عقر دارها، وبأيدي أبنائها، وأبناء علمائها الأجلاء.

فهذا الأب ما يضيره لو قال لابنه الصغير؛ الذي، يقينا؛ لا يعي معنى هذه الكلمات، ليعرفه: بأن هذا عمك وهذا خالك، وهذه الأم ما مشكلتها عندما تخبر هذا الطفل او الطفلة بالقول: هذه خالتك؟ وهذه عمتك؟ بدلا من «عموه» أو «عموتك» و«خالوه» أو «خالوتك» أو «خالتوه» لماذا هذا التشويه، ولماذا هذا التغريب، ولماذا هذا التعمد في اعوجاج الألسن لدى هؤلاء الأطفال، منذ هذا السن المبكر، الذين للتو تتسلق إليهم المفردات شيئا فشيئا، ألا يكفيهم ما يتعرضون له من المحيط العام، ومما يتناثر من مجموعة الـ «عربلش» والـ «رفيج».

هذا بخلاف الذين لا يريدون لأولادهم أن يتعلموا اللغة العربية أصلا، حيث يلحقون أطفالهم بدورات مكثفة في اللغة الإنجليزية منذ بداية أعمارهم الطرية الأولى، قناعة منهم بأن هذه اللغة هي المتسيدة على المشهد الاجتماعي العام، وهناك من لا يتخاطبون مع أطفالهم باللغة العربية؛ حتى في المنزل؛ بل يتخاطبون معهم باللغة الإنجليزية، او باللغات الأخرى، بحسب بلد المنشأ لهذه الفئات المنظمّة الى مكونات المجتمع الاجتماعية المختلفة.

تحل هذه الإشكاليات على اللغة العربية الأصيلة؛ وهي ليست جديدة؛ كما نعرفها جميعا، ولكن مع ذلك يمكن التخفيف من حدة هذه الإشكاليات اللغوية، وذلك عبر الفئة الواعية من أبناء المجتمع، لأن اللغة الهوية أصيلة، ومن فقد هويته، يصبح، كما يقال: ليس له طعم ولا لون، أي يصبح مشوها، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ومن يكن حاله كذلك وجبت مواساته، خاصة وأن اللغة العربية مرتبطة بالعبادة بصورة مباشرة، وأتصور أن العاقل يهمه أيضا أن يتقرب الى ربه وهو على «بصيرة من أمره».