المنوعات

«أعلى من ضحك الأشجار» مجموعة ترصد حالات الشاعر المبعثرة

08 يناير 2018
08 يناير 2018

عمّان «العمانية»: وقّع الشاعر محمد أبو عرب مجموعته «أعلى من ضحك الأشجار» في أمسية ببيت الثقافة والفنون، قدم فيها الكاتب محمود منير ورقة نقدية حول المجموعة.وقال منير إن قصائد المجموعة الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر (2017) ترصد حالات الشاعر المبعثرة وهو يستدعي طفولته، وتعكس مرايا عشقه، وتجسد صورة المدينة، وتعاين فعل الكتابة، كما يرثي الشاعر من خلالها العالمَ بأسره عائدًا إلى أمه الطبيعة كما أراد أن يتخيلها ويشتهيها ويؤوب إليها.

وأضاف إن الشاعر في قصيدة «جثة ورد» يستذكر رحيله الذي مضى عليه عام، ثم خروجه من القبر:

«كلما اقتربتُ من باب طفولتي

أدركت أني لست سواي

فالأشجار على حالها».

وأشار إلى أن أبا عرب يتتبع تفاصيل عتبة البيت والنافذة والزهور وأمه التي تنهر الخوف وتجلس قرب دمعتها، لتأتي المفارقة في المقطع التالي:

«لكنها حين كشفتْ عن وجهي

عرفتُكِ

أنتِ التي كنتِ في القبر

وأنا ما زلت أدق نافذة بيتك وأدسّ الرسائل

وأمضي إلى النهر كعادتكِ الوحيدة».

ووضح أن الشاعر في قصيدة «حكيم بن حجر» يختلق اسم «حكيم» كقرين له، فينسج حوارًا معه، حيث يخاطبه بن حجر: «الأشجار ظلالي وأنتَ ابنُ فكرة تهجس في بال الغيب» لا تنظر إلى المارة» انظُر إلى ظلالهم». وأكد أن الشجرة في قصائد المجموعة تقترن باستدعاء ذاكرة بصرية للمكان الأول، أو تأمّلات لاحقة في أمكنة أخرى ينتقل إليها الشاعر لكنها تعيده إلى بداياته.

ورأى منير أن ثنائية البكاء»الضحك مؤسسة للقصيدة عند أبي عرب، حيث تتكرّر مفردة «البكاء» أكثر من أربعين مرة في المجموعة، و»الضحك» نحو عشرين مرة. وأضاف أن البكاء هنا يصاحبه الدفء، ويحضر جوابًا للأسئلة، وهو الذي يعلّمنا الحكمة أو المعرفة، كما تنمو الأشجار منه وتنبعث القصيدة، بينما يأتي الضحك خاطفًا يفرّ من أيدينا، أو ينتهي إلى بكاء ونحيب.

وأشار منير إلى أن المشهد لدى أبي عرب لا يكتمل إلا بحضور النهر؛ الرمز الذي يختزل فيه الحنين للطفولة وتكوينه الأول وذاكرة ممتدة تتشكّل في وعيه صورًا ومفردات ومرايا يتساءل عبرها عن معنى الوجود والعدم، وحلول العشق فيه، ومعرفته للبشر، وصولًا إلى سؤاله:

«أيها النهر: متى ستجفّ

أريد أن أقرأ ما كتبت

أريد ذلك

ولو مرة وحيدة».

وختم منير بقوله إن نص محمد أبو عرب ينبني من صور متلاحقة، يسرد تفاصيل ومعايشات صغيرة تقوده إلى مزيد من التأمل بعيدًا عن ألاعيب اللغة، لكنه يصل فيها إلى معانٍ أعمق يتكثّف فيها الإحساس بحجم المأساة التي نعيشها في هذا العالم المضطرب.

وكان أبو عرب ألقى عددًا من قصائده، من بينها «خجل الشجرات»:

«في بيتي شجراتٌ كثيرات

شجرةٌ للبكاء

كنتُ كلما عاقَبتني أمي أخدش جذعَها بالدمع

مرةً أخذتْ بيدي إلى النهر

حيث كانت تغسل ضفائرها

وحين عدنا شاهدتُ النهر يضحك في قلبي

والقرية تبتعد

فتركتُ الدمع وعدتُ لأمي مصحوبًا بالقبلات».