صحافة

فلسطين: القدس بين ترامب والليكود

05 يناير 2018
05 يناير 2018

في زاوية آراء كتب الدكتور أيمن أبو ناهية مقالاً بعنوان: القدس بين ترامب والليكود، جاء فيه:

منذ زمن بعيد وسلطات الاحتلال الإسرائيلية تحلم بضم المدينة المقدسة خاصة والضفة الغربية عامة، وجاء إعلان الرئيس الأمريكي ترامب ليكمل هذا الحلم وقد استغلته رغم اعتراض المجتمع الدولي عليه وأخذت تنفذ مشروعا تلو المشروع لتهويد ما تبقى من أراضٍ وممتلكات ومقدسات الفلسطينيين، ففور إعلان ترامب أعلنت سلطات الاحتلال من جانبها بناء ألف وحدة استيطانية، وقد استغل حزب الليكود الحاكم بزعامة نتانياهو هذه المناسبة وأقر مشروع بسط السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية وضم جميع المستوطنات المقامة على أراضٍ فلسطينية لـ(اسرائيل) وبعده سنّ الكنيست قانونا جديدا بما يسمى القدس الموحدة وحظر التفاوض على أي جزء منها ضاربا بعرض الحائط القرارات الدولية التي تعتبر المستوطنات غير شرعية وأن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية أراض فلسطينية محتلة وأن جميع الإجراءات والممارسات والانتهاكات الإسرائيلية في هذه الأراضي غير شرعية وتتعارض مع القوانين والأعراف والقرارات الدولية.

وليس مستبعدا أن تصويت الكنيست ذي الأغلبية اليمينية الساحقة والمتطرفة على هذا القرار الليكودي وبالتالي سيكون قد أطلقت الرصاصة الأخيرة على إيجاد حل للصراع في المنطقة، بل إن ذلك سيؤدي إلى زيادة التوتر في الأوضاع المتوترة أصلا والتي قد تنفجر في أية لحظة خاصة وأن قرار حزب الليكود مهد له ودعمه قرار ترامب، الأمر الذي يدعونا إلى الاعتقاد بل من شبه المؤكد أن يكون هناك اتفاق ثنائي حول ذلك.

مثل هذه القوانين والقرارات وبدعم أمريكي ما هي إلا تسويف وخداع من أجل إطالة أمد هذا الاحتلال وتأبيده إن أمكنها ذلك وصولا إلى بناء المزيد من المستوطنات ومصادرة الأراضي كخطوة جديدة على طريق إقامة (إسرائيل الكبرى) من النيل إلى الفرات وهو ما يؤمن به حزب الليكود اليميني الإسرائيلي، مما يؤكد أن احتمالات الحل السياسي بأبسط إمكاناتها، قد انتهت، وأن حلم أو أمل إقامة الدولة الفلسطينية قد انتهى، وأن كل الاتفاقات من أوسلو وما بعدها قد انتهت، وأن أية أحاديث إسرائيلية عن مفاوضات أو رغبة بالسلام قد تلاشت عمليا ورسميا.

هذه حقيقة يجب أن نعترف بها وإلا سنبقى مخدوعين مدى الحياة بأننا شربنا كأس الخداع لأكثر من عقدين من المفاوضات، ويجب أن نعترف بمرارة الاتفاقيات التي ما زادتنا إلا تراجعا لقضيتنا وثوابتنا، ويجب أن نعترف ونصارح أنفسنا أننا لم نحصل من المفاوضات إلا فتاتا وفي المقابل قدمنا تنازلات مجانية كثيرة للاحتلال مما زاده طمعا واستغلالها لمزيد من التنازلات، واليوم تحصد ما فطرنا به.

السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا وهو؛ كيف سنواجه هذا الواقع الأليم؟ فلم يعد الكلام مجديا أو مسموعا والمطلوب قرارات على قدر التحدي والمسؤولية، لأننا سمعنا إدانات واستنكارات متكررة وكثيرة، ورأينا اجتماعات عربية وإسلامية عامة، وزيارات للرئيس محمود عباس واتصالات كثيرة ومتعددة وعلى كل الجهات، وصدور تصريحات بلا عدد، كما رأينا مواقف دولية مؤيدة لنا ولقضيتنا ورافضة للمواقف الأمريكية والإسرائيلية، ولكن كل هذه التحركات والاجتماعات والبيانات، لم تغير من واقع الأمر شيئاً، وتتصرف (إسرائيل) وحكومتها اليمينية المتطرفة وكأن شيئاً لا يحدث، بل وتزداد غطرسة وتحدياً لكل هذه المواقف، مما يعني أن علينا ومن مسؤوليتنا التاريخية وواجبنا الوطني في هذه المرحلة المصيرية أن نقف عند مستوى التحديات وأن نتخذ القرارات ربما التاريخية لمواجهة ما يقومون به ويدمر أرضنا ومستقبليا وتطلعاتنا. كما أن الجانب الفلسطيني مطالب باتخاذ خيارات أخرى وعدم الجري وراء سراب الحلول، لأن دولة الاحتلال لا يمكنها أن تسعى أو توافق على السلام، وأول الخيارات هو إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة ووضع برنامج عمل لإفشال كل هذه المؤامرات والمخططات التصفوية.

إن لم يذهب الفلسطينيون إلى تحقيق الوحدة الوطنية للتصدي للتحديات الجسام التي تتهدد قضيتهم ووجودهم على أرضهم، فإن المرحلة التي تنتظرهم ستكون أشد حلكة من ذي قبل.