المنوعات

أدباء متمردون وفضيحة غريبة ساهموا في ربيع براغ العام 1968

04 يناير 2018
04 يناير 2018

براغ «أ.ف.ب» ـ ساهم كتّاب مثل ميلان كونديرا وفضيحة غريبة في فسحة قصيرة من الحرية العام 1968 في تشيكوسلوفاكيا الشيوعية قبل أن تقمعها دبابات حلف وارسو على ما روى شهود من تلك المرحلة لوكالة فرانس برس.

وانطلق مفهوم «الاشتراكية بوجه إنساني» هذا الذي روج له ألكسندر دوبتشيك وعرف لاحقا بـ«ربيع براغ»، في مؤتمر للكتّاب التشيكوسلوفاكيين في العام 1967 على ما ترى عالمة الاجتماع يرينا سيكلوفا.

ودعا رجال الأدب هؤلاء ومن بينهم كونديرا وفاتستلاف هافيل الذي أصبح لاحقا رئيسا لتشيكيا، الحزب الشيوعي إلى ضمان حرية التعبير محدثين كوة بغية الحصول على الحرية كاملة.

وتوضح سيكلوفا التي كانت يومها عضوا في الحزب الشيوعي أن «الحزب كان بدأ ينقسم وكان من الواضح أن الأمور ستتحرك. وكانت الآمال كبيرة جدا».

ويذكر بيتر بيتهارت الذي كان شيوعيا في تلك المرحلة أيضا وأصبح لاحقا رئيسا لمجلس الشيوخ التشيكي (1996-1998 و2000-2004)، التوتر القائم بين التشيك والسلوفاك كعامل آخر أدى بنظره إلى إضعاف النظام القائم.

ويشرح «السلوفاك كانوا يريدون أن يعاملوا على قدم المساواة مع التشيك وقد أدركوا أن المواجهة الصريحة هي خيارهم الوحيد».

وفي الخامس من يناير 1968 تزعم ألكسندر دوبتشيك وهو سلوفاكي البلاد بتعيينه أمينا عاما للحزب الشيوعي. وقد اضطر أنطونين نوفوتني الذي كان يرأس البلاد منذ العام 1957 ويتزعم الحزب الشيوعي منذ 1953 إلى التنحي إذ إن اللجنة المركزية منعت الجمع بين المنصبين. وكان كذلك يتعرض لانتقادات كثيرة.

وبعد تنحي نوفوتني عن زعامة الحزب الشيوعي باشرت الشرطة التحقيق في قضية اتجار ببذور النفل مأخوذة من مخزونات الجيش. وكان أحد المشتبه فيهم مقربا من الرئيس وهو الجنرال يان سيينا الذي عمد إلى هذه التجارة غير القانونية لتمويل حياة البذخ التي كان يعيشها مع عشيقاته الكثيرات. ومن أجل تجنب دخول السجن انتقل سيينا إلى إيطاليا ومنها إلى الولايات المتحدة، حيث حصل على اللجوء السياسي مقدما معلومات عسكرية ثمينة. ويقول بيتهارت: «كانت فضيحة كبيرة جدا وفي غضون يومين أو ثلاثة سقطت كل الحواجز وبدأت وسائل الإعلام تتحدث عن كل شيء».

واتهم سيينا أيضا بأنه خطط مع ضباط محافظين آخرين من بينهم الجنرال فلاديمير يانكو (الذي انتحر في 14 مارس 1968) لتنظيم انقلاب عسكري لإبقاء نوفوتني في الحكم.

وأدى فراره إلى سقوط الرئيس الذي استقال في 22 مارس 1968.

ويروي بيتهارت «اكتشف الناس فجأة التضامن، ويمكن القول إنهم كانوا مستعدين حتى للتضحية بشيء. وقد سادت حماسة رائعة».

وطرحت كتب كانت محظورة مثل «يوم في حياة ايفان دينيسوفيتش» لسولجينيتسين وقدمت مسرحيات لهافل ويونيسكو. وعرضت أفلام كانت ممنوعة وبثت موسيقى عصرية وقامت نقاشات علنية بهامش حرية واسع.

ونشرت صور لنساء عاريات في مجلات وانتشرت عروض تعر حملت اسما شاعريا هو «الجمال من دون ستار».

إلا أن غزو دبابات حلف وارسو سيضع حدا لهذا المنحى سريعا.

ففي 21 أغسطس اجتاحت قوات سوفييتية وبلغارية وألمانية شرقية ومجرية وبولندية، تشيكوسلوفاكيا لإحلال الشيوعية الصارمة مجددا وإرغام القادة الجدد على التراجع.

وغادرت سيكلوفا الحزب الشيوعي في العام 1969 ثم الجامعة لتصبح كنّاسة. وأمضت سنة في السجن العام 1981 بعد أربع سنوات على إصدار المعارضة وثيقة مناهضة للشيوعية باسم «ميثاق 77». وقد وقعت هذه الوثيقة سيكلوفا وبيتهارت.

وأعاد بيتهارت بطاقة الانتساب إلى الحزب الشيوعي العام 1969 «احتجاجا على دوبتشيك والطريقة التي فاوض بها إثر الاحتلال».

وعمل طالب الحقوق الذي تابع لفترة قصيرة دروسا في جماعة أكسفورد، في التنقيب عن المياه الجوفية وبات يعيش في منزل نقال.

أما الآن وعندما تتحدث سيكلوفا وبيتهارت عن العام 1968 فهما يعتبران أن ربيع براغ كان ناجحا لأنه وجه ضربة قوية إلى الاتحاد السوفييتي وهيبته في العالم.

وتؤكد سيكلوفا «الاشتراكية بوجه إنساني بقيت في الأذهان كبديل، كاحتمال. ومن غير الضروري أن يكون لدينا اشتراكية على الطراز السوفياتي مع كل الضغوط» المرافقة لها.

أما بيتهارت فيرى أن الشيوعية كانت مجرد غطاء «لفكرة الإمبراطورية الروسية» لكن بشكل مختلف.