1210432
1210432
الاقتصادية

موازنة 2018 أخذت في الاعتبار أولوية تحسين مؤشرات الأداء المالي والعمل على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لخطة التنمية

01 يناير 2018
01 يناير 2018

رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة لـ«عمان»:-

كتب ـ حمود المحرزي -

أكد المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة أن الموازنة العامة للسنة المالية 2018م ، في ظل التحديات الكبيرة التي يمر بها الاقتصاد الوطني، أخذت في الاعتبار أولوية تحسين المؤشرات الرئيسة للأداء المالي، والعمل على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي من أجلها وضعت الموازنة وبما يتسق مع خطة التنمية الخمسية التاسعة في عامها الثالث.

وقال في حديث خاص لـ «عمان» : ان اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة ركزت على مشروع الموازنة في إطار الاقتصاد الكلي لمعرفة التأثيرات الإنمائية لارتفاع أو انخفاض الأرقام المقترحة من خلال التدقيق في مؤشرات الأداء المالية، والتأكد من مدى ترابط بنود الموازنة مع نتائجها المتوقعة وفقا للأهداف المرصودة بمشروع الموازنة والمتسقة مع أهداف خطة التنمية الخمسية التاسعة في عامها الثالث والبرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي “تنفيذ”.

يأتي ذلك انطلاقا من مبدأ أن الموازنات العامة عبارة عن خطط الدول الاقتصادية للأعوام التالية، ومدخل أساس لإصلاح الخلل المالي والاقتصادي بعد الوقوف على طبيعة الأداء ومستوى سلامة العمل، ومعرفة مدى انسجام برامجها مع أهداف الدولة وتطلعات المجتمع، كما أن تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة تمتد لتغطي كافة مكونات المجتمع بشكل أو بآخر.

وأوضح الحارثي أن أهم ما يميز مشروع الموازنة للعام 2018م محاولة إظهار التحسن في مؤشرات الاقتدار المالي مقارنة بالأداء الفعلي لميزانية عام 2017م، فقد تراجعت المصروفات العامة بحوالي 1.5%، في مقابل زيادة الإيرادات العامة بحوالي 3.3%، ومعدل النمو الاقتصادي المستهدف حوالي 4.7%. مشيرا الى ان مشروع موازنة 2018م اتخذ منحى يتسق إلى حد ما مع الأداء الفعلي لميزانية عام 2017م، وحجم المصروفات وتوقعات الإيرادات العامة للعام 2018م عند مقارنة تلك الأرقام مع الأداء الفعلي لميزانية 2017م. كما أخذ في الاعتبار القيود المتمثلة في ارتفاع حجم العجز التراكمي الكلي، وزيادة نسبة الدين العام بصورة كبيرة، والصعوبات المحتملة في توفر مصادر التمويل وارتفاع تكلفتها في ظل تراجع التصنيف الائتماني وتزايد المديونية الخارجية.

وقال: ان اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة ناقشت كيفية تحقيق متطلبات الاستجابة لتحسين أداء المؤشرات المالية، والحدود المطلوبة لضبط الإنفاق الحكومي وكيفية الالتزام بها، ومحفزات زيادة الإيرادات غير النفطية والحجم المطلوب لمساهمة القطاع الخاص، وضوابط الالتزام بالسيطرة على العجز واحتوائه في المعدل الآمن، مصادر وحجم وتكلفة التمويل والالتزام بها، وتأثير ذلك كله على أداء الاقتصاد الكلي.

تنسيق وتكامل

ولفت رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة الى أن الموازنة تواجه بعض التحديات تتمثل في إقامة توازنات بين التوسع في الإنفاق العام من جهة والحفاظ على الاستقرار المالي من جهة أخرى، وبين ضرورة تحقيق النمو الاقتصادي من ناحية والمحافظة على المستويات المستدامة ماليًا من ناحية أخرى، وبين متطلبات الموازنة كمحفز للاقتصاد الكلي ومساند للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق أهداف التشغيل، والنمو، والرعاية الاجتماعية على نحو مباشر. مؤكدا أن هذه التحديات ذات الأبعاد المختلفة تتطلب تنسيقا وتكاملا أفضل بين الجهات المختصة بشكل كبير، فيما يتعلق بشكل أساسي بوضوح السياسات ومؤشرات الأداء، وتحديد المسؤوليات.

تقديرات الموازنة

وفصّل الحارثي الحديث في تقديرات الموازنة مشيرا الى أن الإيرادات العامة ما زالت تعتمد بشكل كبير على الإيرادات النفطية وإيرادات الغاز بنسبة 72%، مع زيادة طفيفة في حصة الإيرادات غير النفطية من 28% في عام 2017م إلى 29% في عام 2018م، وتم تقدير إجمالي الإيرادات المتوقعة من مبيعات الغاز لعام 2018م بحوالي 1910 ملايين ريال عماني مقارنة بمبلغ 1660مليون ريال عُماني في عام 2017م، بزيادة بلغت نسبتها 15%. ويقدر إجمالي الإيرادات الجارية لعام 2018م بنحو 2560 مليون ريال عماني مقارنة بنحو 2315 مليون ريال لعام 2017م أي بمعدل زيادة بلغ 11%. وبلغت الإيرادات الضريبية نحو 1413 مليون ريال عماني لتشكل حوالي 55% من إجمالي الإيرادات الجارية وفقا لتقديرات ميزانية عام 2018م وهي أقل بما نسبته 1% عن تقديرات ميزانية عام 2017م.

أما فيما يخص الإيرادات غير الضريبية فيتوقع أن يرتفع إجمالي هذه الإيرادات من 1067 مليون ريال في عام 2017م إلى 1097 مليون ريال في عام 2018م ما نسبته 3% .

ويقدر مشروع ميزانية عام 2018م المصروفات العامة بنحو 12500 مليون ريال عماني مقارنة بالأداء الفعلي لموازنة 2017م البالغة 12700 مليون ريال عُماني، بانخفاض قدره 1.6%، وتشكل حوالي 43% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2018م، وأقل بنحو 200 مليون ريال من تقديرات عام 2017م، مشيرا هنا الى ان الإنفاق العام مازال مرتفعًا لاسيما المصروفات الجارية، في حين أن الإيرادات العامة قد ارتفعت بنسبة 3.3%. كما أن تقديرات الإنفاق العام لميزانية عام 2018م تشير إلى ارتفاع قدره 800 مليون ريال عن الإنفاق المعتمد لعام 2017م أي بنسبة 7% إلا أنه يقل عن الإنفاق الفعلي المتوقع بنسبة 2% فقط.

واعتبر محمد الحارثي ان نسبة العجز مرتفعة وفقا لمؤشرات مشروع الموازنة، مؤكدا ضرورة احتواء العجز الفعلي وعدم تجاوز العجز المقدر.

واشار الى انه بحسب بيانات المالية العامة لعام 2017م بنهاية أغسطس - بلغ حجم مدفوعات الفوائد - خدمة الدين- على القروض 142 مليون ريال بينما كانت بنهاية 2016م، 138 مليون ريال، وعلى ذلك يمكن الاستنتاج أن حجم المدفوعات على القروض ما زالت عند المستويات المريحة نسبيا، ولكن يجب العمل على خطة موضوعية حول آجال استحقاق السندات.

الإنفاق الاجتماعي

وفيما يتعلق بالإنفاق الاجتماعي فقد أوضح أن مشروع الموازنة لعام 2018م حافظ على مخصصات قطاعي التعليم والصحة فقد بلغت مخصصات قطاع التعليم (جاري وإنمائي) نحو 2018 مليون ريال، وهذا يمثل حوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 21% من جملة الإيرادات العامة وحوالي 16% من جملة تقديرات الإنفاق للعام 2018م. كما تم اعتماد المخصصات المالية لقطاع الصحة (جاري وإنمائي) في ميزانية عام 2017م بمبلغ 930 مليون ريال عماني بينما تشير تقديرات مشروع موازنة 2018م إلى اعتماد 1140.6 مليون ريال عماني بزيادة 23% عن عام 2017م، حيث زادت حصة قطاع الصحة من حوالي 3.4% إلى حوالي 4% من الناتج المحلي في العامين 2017م و2018م على التوالي.

وتم إقرار بند في الموازنة العامة السنوية للدولة يقدر بمبلغ 100 مليون ريال عماني لدعم الفئات المستحقة من المواطنين نتيجة تحرير أسعار الوقود والتخفيف من آثارها، ويأتي ذلك في إطار الحرص المستمر الذي يوليه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ، حفظه الله ورعاه، للجوانب المعيشية للمواطنين.

مجابهة التحديات

وقال انه في ظل أوضاع المالية العامة والتحديات المختلفة التي تمر بها، فإن تشكيل بند النفقات العامة بشكل أساسي يتطلب اعتماد حلول ومقترحات تلبي متطلبات معالجة التحديات المختلفة التي تواجهها الموازنة العامة، فعلى سبيل المثال هنالك ضرورة لوضع المعدل المناسب لخفض مستوى الإنفاق العام، وإحداث نوع من التوازن مع الإيرادات وفي هذا الجانب قدمت اللجنة عدداً من المرئيات، وضرورة تحديد المستوى الآمن من العجز والدين العام لضمان الاستدامة المالية وتم اقتراح عدد من التوصيات يمكن الأخذ بها لتحقيق هذا الهدف على المدى الطويل، مع تحديد الآليات اللازم اتباعها لترتيب الأولويات في ظل التزايد المحتمل لحجم المديونية، وما سيشكل من ضغط مستقبلي على الإنفاق العام لسداد الأقساط وخدمة الدين العام، ومزاحمة الإنفاق العام. كما قدمت اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة عددا من التوصيات التي من المؤمل أن تساعد بشكل أو بآخر على ترتيب الأولويات للمشاريع الإنمائية المستهدفة بخطة التنمية الخمسية التاسعة وبرنامج التنويع الاقتصادي “تنفيذ”.

وأشار رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة الى ان أهداف مشروع الموازنة لعام 2018م تضمنت التركيز على القطاعات الواعدة، وكانت مرئيات اللجنة الاقتصادية حولها واضحة حيث أكدت على أهمية قياس الأثر المحتمل لتلك المبادرات التي من المفترض أن تكون قد قطعت شوطًا كبيرًا، والمشاريع التي تم تحديدها ومستهدفاتها، والتكاليف والأهداف التي وضعت للقطاعات الواعدة، خاصة القطاعات التي تم تحديدها في المرحلة الأولى من “تنفيذ” وهي (السياحة، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية).

واضاف ان مرئيات اللجنة الاقتصادية ركزت على ضرورة مراجعة منهجية إعادة ترتيب الأسس والأولويات المتبعة في تقدير الاعتمادات المخصصة لمختلف القطاعات مع رسم أهداف طموحة قابلة للتنفيذ تعمل على معالجة الوضع المالي الراهن واستكمال الرؤية المستقبلية لتنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على الموارد النفطية، باعتبار أن ضبط الإنفاق العام وتعظيم فعاليته يتطلبان استخدام العديد من الوسائل والمنهجيات العلمية التي يرافقها وضع التشريعات المحوكمة لها.