1210692
1210692
الاقتصادية

الموازنة تعكـس نجـاح أهـداف الخطة التاسعة خاصة رفع مساهمة القطاع الخاص في تنفيذ البرامج الاستثمارية

01 يناير 2018
01 يناير 2018

نمو إيجابي للاقتصاد وارتفاع حجم الاستثمارات وزيادة أسعار النفط .. أهم متغيرات 2018 -

تحليل - أمل رجب -

يتم إعلان موازنة السلطنة للعام المالي الجاري وسط متغيرات إيجابية تؤثر على المناخ الاقتصادي بشكل عام وعلى الموازنة العامة للدولة بشكل خاص، وفي صدارة هذه المتغيرات عودة الاقتصاد العماني للنمو الإيجابي حيث من المتوقع أن لا يقل النمو عن 3% في العام الجاري بدعم من انتعاش أسعار النفط وجهود التنويع الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال، ومن جانب آخر تستمر الموازنة في الالتزام بالجانب الاجتماعي للتنمية، حيث يتم تخصيص 100 مليون ريال لدعم الفئات المتأثرة بسبب رفع دعم المحروقات وشهد إجمالي حجم الدعم ارتفاعا بقيمة 300 مليون ريال مقارنة مع العام الماضي، كما تخصص الموازنة حصة كبيرة لدعم القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، مع التأكيد على مواصلة تنفيذ قرار مجلس الوزراء بتوظيف 25 ألف مواطن بدءا من ديسمبر الماضي.

وفي الجانب المالي من الموازنة ساعد الصعود في متوسط سعر النفط في زيادة الإيرادات العامة وتقليص حجم العجز المالي المتوقع، وخلال عام 2017 سجلت أسعار النفط توازنا ملموسا حيث كسرت الأسعار حاجز 60 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ فترة طويلة وصعدت مؤخرا إلى ما يقرب من 66 دولارا، وقد بلغ متوسط السعر السنوي لخام النفط العماني نحو 51 دولارا للبرميل مقارنة مع متوسط 40.14 دولار للبرميل في عام 2016، وكان تأثير هذا الارتفاع في أسعار النفط واضحا على الموازنة حيث قامت وزارة المالية باعتماد 50 دولارا كمتوسط سعر متوقع للنفط هذا العام, وتم زيادة حجم الإنفاق العام خلال العام الجاري مقارنة مع العام الماضي وهو ما يمكن من تلبية الإنفاق الجاري والتنموي، وحددت المالية إنفاقا عاما بقيمة 12.5 مليار ريال وهو ما يمكن من وضع سقف للإنفاق العام يكون أقرب للواقع الفعلي حتى لا يتم تجاوز الحد السقف المتوقع للإنفاق في الموازنة، ويتيح في الوقت نفسه السيطرة على العجز المالي عند الحدود المستهدفة نظرا لان هذا العجز يمثل الفارق بين حجم الإنفاق العام وحجم الإيرادات الإجمالية للسلطنة.

وفيما يتعلق بتطورات الاقتصاد المحلي يحمل إعلان الموازنة العامة تأكيدا على التطورات الإيجابية في هيكل الاقتصاد والتي تعزز النمو الاقتصادي وفي صدارتها رصد مخصصات لتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وزيادة مساهمتها في توفير فرص العمل وتعزيز النمو، والزيادة الملموسة والمستمرة في مساهمة القطاع الخاص في تنفيذ البرامج الاستثمارية وهو ما يعكس نجاح البرنامج الاستثماري للخطة الخمسية التاسعة والتي يعد من أهم أهدافها تحسين بيئة الأعمال والاستثمار وزيادة فعالية الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتمثل موازنة العام الجاري ثالث أعوام الخطة، ووفق ما تم إعلانه في الموازنة للعام الجاري فإن الاستثمارات التي تم ضخها من قبل القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع استثمارية زادت من 52% في عام 2014 إلى 60 بالمائة في عام 2017، وتستهدف الخطة الخمسية التاسعة تنفيذ مبادرات طموحة للتنويع الاقتصادي لخفض الاعتماد على قطاع النفط, وفي حال تنفيذها ستكون قادرة على توليد إنفاق رأسمالي بقيمة 16.3 مليار ريال ومن المؤمل ان تكون نسبة 86 بالمائة من هذا الإنفاق من القطاع الخاص و14 % من القطاع العام.

وبينما تتواصل السياسات الحكومية الرامية إلى زيادة الإيرادات غير النفطية ورفد العائدات العامة بمزيد من المصادر تستفيد موازنة العام الجاري من مصادر إضافية نفطية وغير نفطية، وفي الإيرادات غير النفطية هناك التعديلات التي بدأت العام الماضي لرفع ضرائب الشركات وبعض الرسوم على الخدمات الحكومية، إضافة إلى زيادة فعالية تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية, ومازال في الأفق مزيد من القوانين المزمع تنفيذها لزيادة العائدات العامة غير النفطية ومنها أنواع جديدة من الضرائب منها ضريبة القيمة المضافة المتوقع تطبيقها خلال العام المقبل، وضريبة السلع الانتقائية التي من المحتمل بدء تطبيقها العام الجاري.

وإضافة إلى الجهود الجارية في القطاعات غير النفطية، مازال قطاع النفط والغاز مساهم رئيسي في الإيرادات العامة وما زال يرفد الخزانة العامة بمزيد من الإيرادات، وخلال الربع الأخير من العام الماضي بدأ الإنتاج من حقل خزان للغاز ودخلت عائداته الخزانة العامة لتمثل رافدا جديدا للعائدات العامة للسلطنة وتستفيد موازنة العام الجاري والموازنات المقبلة من هذه العائدات حيث يصل الإنتاج اليومي لحقل خزان في مرحلته الأولى إلى 1 مليار قدم مكعب من الغاز في اليوم، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا بعد تشغيل المرحلة الثانية للمشروع.

ان موازنة 2018 يتم إعلانها بينما تتجه أسواق النفط إلى توازن افتقدته طوال السنوات الثلاث الماضية، وأدى إلى تراجع العائدات العامة وزيادة العجز المالي، وتتوقع موازنة 2018 عجزا ماليا يقدر بنحو 3 مليارات ريال، يتم تمويله عبر وسائل اقتراض محلية وخارجية إضافة إلى 500 مليون ريال من الاحتياطيات العامة للدولة، وهنا يجب الإشارة إلى الدور المهم الذي لعبته هذه الاحتياطيات في دعم الموازنة خلال الفترة الماضية والاهم انه تم في الوقت نفسه الحفاظ على مستوى جيد من الاحتياطي الأجنبي للسلطنة، حيث وصل إجمالي الموجودات لدى البنك المركزي 7 مليارات و9 ملايين ريال حتى نهاية أكتوبر 2017، وتتضمن أصولا أجنبية وسبائك بقيمة 6 مليارات و109 ملايين ريال وفق احدث إحصائيات البنك المركزي العماني. كما تحقق استثمارات صندوق الاحتياطي العام للدولة معدلات جيدة فضلا عن مساهمته في تمويل وتنفيذ المشروعات الاقتصادية الواعدة.

وخلال الفترة الأخيرة تبنت الاستثمارات الحكومية وبعض المشروعات الاستراتيجية منطلقات جديدة للتمويل، وقدمت عديد من الشركات الحكومية تجارب ناجحة للاستفادة من إمكانيات أسواق التمويل الدولية وهو ما حدث بنجاح في مشروعات مهمة مثل لوى للبلاستيك وبعض المشروعات في قطاع الطاقة، كما نجحت واحدة من أكبر الشركات في السلطنة وهي عمانتل في تنفيذ صفقة ناجحة للاستحواذ على حصة أغلبية في شركة زين للاتصالات بهدف زيادة القيمة الاستثمارية الحالية والمستقبلية وتوسعة أعمالها والاستفادة مما لديها من سيولة، وتعد الصفقة تحولا استراتيجيا شديد الأهمية في توجهات الاستثمار لدى الشركات المحلية، كما أنها قيمة اقتصادية مهمة للسلطنة باعتبار ملكية الحكومة لحصة في عمانتل.

وفي إطار السياسات نفسها التي نجحت بشكل ملموس في تنفيذ مشروعات استراتيجية عبر جذب الاستثمارات من القطاع الخاص المحلي والأجنبي نجح قطاعا البتروكيماويات والسياحة في الاستحواذ على جانب كبير من الاستثمارات وبينما يتواصل تنفيذ مجموعة من أكبر المشروعات في منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة وفي المنطقة الحرة في صحار، تشهد بيئة الأعمال تسارعا في وتيرة الإعلان عن مشروعات كبيرة ونوعية في مختلف القطاعات السياحية ومن المنتظر أن يحصل النمو السياحي في السلطنة على زخم جديد للنمو مع الافتتاح المرتقب لمطار مسقط الدولي الجديد، والذي سيضاعف عدد الوافدين للسلطنة، وترصد الإحصائيات الرسمية التطورات الإيجابية الملموسة في بيئة الأعمال وزيادة الجاذبية الاستثمارية للسلطنة من خلال ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية خلال عام 2017.