أفكار وآراء

كيم يريــد الانضـمـام إلى نـــادي تــرامب

29 ديسمبر 2017
29 ديسمبر 2017

ديفيد إجنيشس - واشنطن بوست -

ترجمة: قاسم مكي -

تقترب المواجهة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية من انعطافة حادة أخرى. فكوريا الشمالية تشير إلى أنها ربما على استعداد للتفاوض مع واشنطن قريبا فيما هي تتجه، في الأثناء، للتحول إلى قوة نووية ناجزة. يتحقق حل مثل هذه الانسدادات في الغالب من خلال السماح لكل طرف الادعاء بأنه يدخل المفاوضات وفق شروطه الخاصة به. وفي هذه الحالة ستؤكد كوريا الشمالية على مكانتها كدولة مسلحة نوويا فيما ستصر الولايات المتحدة على أن الحوار يهدف في آخر المطاف إلى جعل شبه الجزيرة الكورية خالية من السلاح النووي. قد يبدو هذا انقساما لا يمكن تجاوزه. لكن هذه هي مهمة الدبلوماسية ( مهمة تجسير الفجوة بين الموقفين الكوري الشمالي والأمريكي- المترجم). ومع اقتراب عام 2017 من نهايته لايزال البلدان، كما يبدو، يتموضعان في مسار تصادمي. فلغة كيم جونج أون رئيس كوريا الشمالية، المولعة بالقتال تماثل لغة ترامب ، كما يوجد أيضا إعجاب متبادل ومتسم بالغرابة بينهما، وصفه أحد الدبلوماسيين الأجانب بأنه « محبة وكراهية». لقد تزايدت التخمينات حول المحادثات، للمفارقة، بعد أحدث اختبار صاروخي أجرته كوريا الشمالية يوم 29 نوفمبر الماضي والذي بدا أنه يؤكد قدرة بيونج يانج على ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها. وفي بيان، أعلن كيم ما يلي: « بكل فخر حققنا أخيرا الهدف التاريخي العظيم باستكمال القوة النووية للدولة». وبالنسبة لبعض المحللين، كان كيم يعلن الانتصار وَيُعِدُّ لانعطافة (في موقف كوريا الشمالية). فالمبعوث الروسي فيتالي باشين كان قد صرح لوكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء في 1 ديسمبر الجاري بعد زيارة إلى بيونج يانج أن كبار المسؤولين هناك أبلغوه بأن «الشمال مستعد للجلوس إلى طاولة المفاوضات». وأشارت وكالة تاس الروسية إلى تأكيد كوريا الشمالية استعدادها « للمحادثات مع واشنطن بشرط الاعتراف بها كدولة نووية». لقد تم نقل إصرار كوريا الشمالية على التمسك بمكانتها كدولة مسلحة نوويا إلى سونغ تاو المبعوث الصيني الكبير الذي زار بيونج يانج يوم 17 نوفمبر الماضي . وقيل إن الكوريين الشماليين ذكَّروا سونغ بأن الدستور الكوري الشمالي يصنف كوريا الشمالية منذ عام 2012 بأنها دولة نووية. ويبدو أن بيونج يانج تريد المفاوضات مع الولايات المتحدة لكن وفق شروطها. ويخمن المحللون أن كوريا الشمالية، من أجل تبرير احتفاظها بمخزونها الحالي الذي يشمل العشرات من الأسلحة النووية، قد تَعِد بعدم اقتسام تقنيتها النووية مع آخرين وعدم مهاجمة الولايات المتحدة. وستكون واشنطن حذرة تجاه مثل هذه التطمينات بالنظر إلى تاريخ بيونج يانج في عدم الوفاء بالوعود وإلى نشاطها النووي. من الواضح أن كوريا الشمالية تريد أن تكون مثل الهند وباكستان اللتين صارتا بحكم «الأمر الواقع» من بين أعضاء النادي النووي بعد أن صنعتا أسلحتهما النووية سِرَّا. وهي لا تريد أن تكون مثل ليبيا والعراق. وهما بلدان خلع زعيماهما ثم قتلا بعد أن تخليا عن برامجهما النووية. لقد رفضت إدارة ترامب علنا آخر المفاتحات (الكورية الشمالية حول المفاوضات). فالناطق بوزارة الخارجية الأمريكية قال يوم 3 ديسمبر: « نحن لا نرى أية مؤشرات بالتزام كوريا الشمالية أو اهتمامها بمحادثات تتسم بالصدقية بشأن نزع السلاح النووي». وفي يوم 4 ديسمبر رفضت وزارة الخارجية مرة أخرى، كما كانت تفعل على مدى شهور، النداءات الصينية والروسية لتجميد متبادل ( تجميد مقابل تجميد) للاختبارات الكورية الشمالية والتدريبات العسكرية الأمريكية. إذ « ليس يكفي (بالنسبة لكوريا الشمالية) تجميد برنامجها». لقد كان هنالك زائر مثير للاهتمام لبيونج يانج هذا الشهر (ديسمبر) هو جيفري فيلتمان، وكيل الأمين العام للشؤون السياسية بالأمم المتحدة والمساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكية. إنه أرفع مبعوث أممي يزور كوريا الشمالية خلال ستة أعوام. ماذا وراء الرجل؟ لا يقول لنا الدبلوماسيون شيئا عن مهمته. لكن تظل استراتيجية الولايات المتحدة للضغط على كوريا الشمالية متمركزة حول الصين وعلى الأمل بأن الصينيين سيشددون من وطأة العقوبات إلى المدى الذي يجبرون فيه بيونج يانج على التراجع. يرتاب محللون عديدون في أن ذلك سينجح. فالكوريون الشماليون لا يحبون التدخل الصيني. كما أنهم سبق لهم تخزين احتياجاتهم من موارد الطاقة لفترة عام أو أكثر كي يتمكنوا من مقاومة مثل هذا النوع من تكتيكات الضغط. لا تريد الصين أن تكون كوريا الشمالية دولة نووية. لكنها لا تريد أيضا أن توجه الولايات المتحدة ضربة عند حدودها. وهي تسعى إلى حل دبلوماسي لما لا يمكن حله. لقد كان (بلوغ) ذلك (الحل) رغبة أمريكية طوال ثلاثة عقود أيضا ولكن دون نجاح حتى الآن. يخبرنا التاريخ أن حلا غير تقليدي قد وجد لتجنب حرب نووية قبل 55 عاما. ومن المثير أن واشنطن وبكين تراجعان الدروس المستفادة من ذلك الحل. فحسب مسؤول كبير في البنتاجون، أجرى تجمُّع عسكري صيني أمريكي على مستوى عالٍ في واشنطن « دراسة حالة» مشتركة لأزمة الصواريخ الكورية.

هل عَبَرَت كوريا الشمالية العتبةَ النووية؟ توحي التصريحات الأخيرة لبيونج يانج بأنها فعلت ذلك. لكن بعض المحللين لديهم شكوك. وتقول مصادر إن كوريا الشمالية لم تثبت قدرتها على السيطرة على عودة الصاروخ الباليستي العابر للقارات إلى الغلاف الجوي (دخوله إليه مرة أخرى) وأنها لم تجهز صاروخا برأس حربي فعلي. هل ستحاول إدارة ترامب الحيلولة دون بلوغ كوريا الشمالية هذا الهدف النهائي بوسائل عسكرية إذا دعت الضرورة؟ أم هل ستبحث عن صيغة دبلوماسية يمكنها بمرور الوقت جعل كل الأطراف في حالٍ أفضل من طُوفان الحرب؟ هذه أحجية .