salem
salem
أعمدة

نوافـذ: القـدس

25 ديسمبر 2017
25 ديسمبر 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

لم يصدم المواطن العربي بردة فعل الدول العربية، كما هو في حال القدس خلال الأيام الماضية،الذي اعتقد و«قد يكون مبالغا في حلمه» أن المواقف العربية هذه المرة من الإدارة الأمريكية، قد تحدد لون العلاقة معها إما أبيض أو أسود، أما أن تكون تلك المساحة الرمادية فإنها كانت فوق المستوى الذي كان ينتظره والتي أتت له بالصدمة.

فواشنطن التي لا تملك، منحت لمن لا يستحق عاصمة للاحتلال، الذي كان يحلم لسنوات أن تكون هذه المدينة المقدسة عاصمة موحدة له، وهي تعادل انتزاع فلسطين كلها من أهلها بفعل الوعد المشؤوم قبل 100 عام لبلفور، ليقابله بعد نفس الفترة قرار ترامب المذموم.

وبذلك انتهت الخطوة الأولى من المؤامرة التي حيكت لهذه الأمة قبل 200 عام لانتزاع كل فلسطين.

ثم الخطوة الثانية ما جاورها من بعض الدول التي تجسدها الرغبة الإسرائيلية بتحديد حلم دولتهم من النهر إلى النهر والمقصود به من نهر الفرات شرقا الذي يمر في العراق إلى النيل غربا الذي يتدفق في مصر.

الغريب أننا كعرب ما زلنا نؤمن أن الحل في يد القوى الكبرى، وانه لا حيلة لنا فيه، وأقنعنا انفسنا أننا عاجزون أن نكون جزءا من الحل وقدمنا طيلة الـ100عام الماضية العديد من التسهيلات وقبلنا بـ 22٪‏ من مساحة فلسطين التي تقضم منها إسرائيل أراضيها يوميا بزراعة المستوطنات، وما زال لدينا حلم أن نقيم الدولة الفلسطينية، وجزأت إسرائيل العديد من المدن وقطعت أوصال الوطن الواحد وأنشأت الحواجز والمعابر وما زال لدينا حلم بالدولة الفلسطينية، وقتل وهجر وعذب أبناء فلسطين والقي بهم في السجون وما زال الأمل لدينا قائما.

واختلفنا على معاهدة كامب ديفيد فلا طلنا بلح الشام ولا عنب اليمن ثم أوسلو التي حملت معها خلافات التفسير وسلمنا ما تبقى من الأرض على أمل أن نتصالح مع الاحتلال ذات يوم ولم يحصل بعد أن كان يتمنى أن يصافح أيدينا.

الأيام المقبلة ستنتقل أماني المواطن العربي والإسلامي في القدس وكل فلسطين بعد سقوط الرهان على الحكومات العربية التي ارتكن إليها أكثر من 70 عاما إلى الجماهير العربية. والفلسطينية بالذات والمقدسية لتواجه مصيرها بصدورها العارية،لأن العربي وصل الى قناعة، أن ما أخذ بالقوة لا يرد بالسياسة، قد يكون مع أمة أخرى خلاف هذا الاحتلال الذي دمر الحجر والبشر، وانه لم يعد يستلزم المواطن العربي الانتظار، فهبة الفلسطينيين والمتظاهرين في الشرق والغرب كفيلة أن تصنع فارقا على الأرض، فيكفي أن الاحتلال لن يهنأ بهكذا قرار ولن يرتاح كما اعتقد أن الأمر سيمر مرور الكرام على المنطقة العربية.

لا يزال لدى الإنسان العربي حلم أن يقيم آخر دولة عربية التي عاشت لسنوات وولدت قبل اغلب الأنظمة العربية على الواقع وكان لها استقلالها وعملتها وعلمها وصحفها ومطارها ومؤسساتها في الأربعين سنة الأولى من القرن الماضي، الذي شهد مؤامرة اغتصابها وقيام كيان أرهق 400 مليون عربي وأكثر من مليار مسلم من مطلع الشمس إلى مغربها، كان الإنسان العربي والمسلم يأمل أن يكون مؤتمر تركيا الفرصة الأخيرة،الصرخة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن، أن يتم خلاله توريط المتسببين في ضياع القدس والخيارات كانت كثيرة فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، لكن ما حدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا بتصويت ثلثي دول العالم ضد قرار ترامب، أعاد بعضا من الأمل في أحرار العالم.