hamda
hamda
أعمدة

الحياة تتبدد في التفاصيل

24 ديسمبر 2017
24 ديسمبر 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

تغلب البساطة على حياتي بدءا من كتاباتي، مرورا بهندامي وانتهاء ببيتي الذي يخلو من البهرجة، مؤمنة أنا بمقولة هينري دافيد تورو: حياتنا تتبدد في التفاصيل، بسط، بسط.

عادة ما أتفرغ نهاية العام لإزالة الفوضى من حياتي وإعادة ترتيبها، قبل التخطيط للعام الجديد والذي أفضل أن أبدأه بورقة بيضاء ما استطعت لذلك سبيلا.

لدي قناعة بأن عالمي الخارجي هو انعكاس لما في داخلي، وتؤثر البيئة الخارجية على نفسيتي بشكل كبير ولأن بيتي هو المكان الذي ألجأ إليه بعد يوم عمل مرهق، أحب أن أعود لأجده نظيفا ومرتبا، لا يستهلك مني وقتا كبيرا في تنظيفه، لذا كلما قلت المقتنيات كلما قل الوقت والجهد الذي يتطلبه تنظيفه وترتيبه، أحافظ على بيتي منظما من خلال قانون صارم قائم على ثلاث قواعد مهمة: إذا فتحته أغلقه، وإذا أخذته أعده مكانه، وإذا كسرته قم بتصليحه، بهذه القوانين أضمن أنني سأعود لأجد كل شيء في مكانه.

الزحمة ترهق عقلي وروحي لأن عقلي من خلال حواسه الخمس يستقبل كم هائل من المعلومات من بيئته الخارجية، ويضطر إلى تحليلها وفرزها وتخزينها وهو ما يسبب لي إجهاد جسدي وفكري أنا في غنى عنه، وهو ما يجعلني أبذل قصارى جهدي أن تكون حياتي خالية من البهرجة والتفاصيل قدر المستطاع.

ولا يختلف القلب عن العقل كثيرا، فالقلب المحمل بكم هائل من المشاعر السلبية، هو قلب مجهد و مرهق.

لذا أجد البساطة مريحة جدا، وتفسح لي المجال للتركيز على الأمور المهمة في حياتي، والتي تبعث فيها البهجة، حتى لو خالفت العرف السائد، و العرف اليوم هو في الإكثار من المقتنيات والألقاب والمتابعين على شبكات التواصل الاجتماعي، والعالم الذي نعيشه جعل من هذا أمرا سهلا ومتاحا فقد أصبحت الأشياء متوفرة وفي متناول الجميع بسبب تفاوت أسعارها، مما نشر ثقافة الاستهلاك لدى أبناء هذا العصر كما لم يحدث من قبل، لكن الحياة جميلة في بساطتها كما يقول توماس ماتيسين.