المنوعات

«زقاق القناديل».. حارة الأندلسيين بالقاهرة

24 ديسمبر 2017
24 ديسمبر 2017

طنجة ـ الأناضول: يواصل الباحث المغربي المتخصص في تاريخ بلاده والأندلس، رشيد العفاقي، رحلته الطويلة في اقتفاء أثر أندلسيي الشتات الذين تم طردهم من شبه الجزيرة الإيبيرية، عقب سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر الميلادي.

وفي كتابه «زقاق القناديل.. حارة الأندلسيين بالقاهرة»، الذي صدر مؤخرا في 130 صفحة عن مطبعة «طوب بريس» بالعاصمة المغربية الرباط، يرصد المؤرخ «العفاقي»، جوانب من علاقة الأندلسيين بالمشرق العربي، وهي العلاقة التي ما يزال «زقاق القناديل» بالعاصمة المصرية، شاهدا عليها حتى يومنا هذا.

ويوضح العفاقي، في حديث للأناضول، أن هذا الكتاب يمثل «جزءا من مشروع كبير يرصد وجود وحضور الأندلسيين في عدد من البلدان العربية والإسلامية».

ويضيف: «الأندلسيون الذين ألجأتهم محنة الطرد إلى البلدان العربية الإسلامية، قد كونوا مجموعات متميزة في المجتمعات التي حلوا بها، وهو موضوع دفعني إلى تأليف هذا الكتاب في إطار مشوار طويل للتنقيب عن أخبار أندلسيي الشتات».

وينطلق الكتاب، من إبراز المكانة التي كانت تحتلها مصر في أفئدة الأندلسيين، حيث كانت محطة رئيسية خلال رحلتهم نحو بلاد الحرمين، وهي العلاقة التي دفعت أغلبية المهاجرين من أهل الأندلس الذين رحلوا إلى المشرق قد اختاروا النزول بمصر ويتّخذوها دار إقامة.

غير أن جذور العلاقة بين الأندلسيين مع مصر، وفقا لما يستعرضه هذا الكتاب، تعود إلى ما قبل سقوط الأندلس بقرون عديدة، وتحديدا إلى تاريخ دخول الإسلام لبلاد الكنانة، وذلك من خلال أسرة قرشية فهرية كان لها دور في فتح مصر، ثم مَرّت السنون والعقود ليتسلم فرد من سُلالتها، وهو يوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري ، حُكْمَ بلاد الأندلس.

فَجَدُّ يوسف المذكور هو عقبة بن نافع الفهري الذي شارك في فتح مصر، وتَوَلّى بعد ذلك فتح المغرب ونَشْر رسالة النور في المغرب الكبير، وكان أوّل الخِطَطِ التي اخْتَطّها عُقبة بن نافع في مصر زُقَاقٌ عُرف فيما بعد باسم: «زُقاق القناديل».

ويشير مؤلف الكتاب، ضمن حديثه للأناضول، أن «المثير للانتباه عند مطالعة كتب التاريخ أنّ الأندلسيين الذين نزلوا بلاد مصر (يعني العاصمة: الفُسطاط ثُمّ القاهرة) كانوا يفضلون الإقامة في هذا الزُّقاق».

ويرجح العفاقي، أن يكون اختيار أهل الأندلس للعيش في «زقاق القناديل»، راجع إلى تلك العلاقة التي جمعتهم بالعائلة القرشية الفهرية التي كان لها نصيب في اختطاط زقاق القناديل، والتي حَكَمَ أحد أفرادها بلاد الأندلس في وقت من التاريخ.

فضلا عن كون موقع هذا الزقاق كان قائما وسط «الفسطاط»، ومُجاورا للمسجد الرئيسي بالبلد، وهو جامع عمرو بن العاص الذي أسندت بعض وظائفه إلى الأندلسيين.

ويشتمل الكتاب على عدة فصول، يتقدّمها فصل يتطرق إلى ما كان للمصريين من سهم في فتح الأندلس ثم إقامة صرح العلوم والآداب بها؛ كما يتضمن أيضا فصولا تسلط الضوء على اختطاط «زقاق القناديل».

ويشتمل أيضاً، أهم المعالم والخطط التي قامت في هذا الحي، تليها فصول بنبذة عن تاريخ الحضور الأندلسي بهذا الزقاق، مرفقة بتراجم عدد من علماء الأندلس الذين حطّوا الرِّحَال بهذا الزقاق العريق.

والمؤرخ رشيد العفاقي، هو باحث مغربي من مواليد سنة 1970 بمدينة طنجة، أقصى شمالي البلاد، اجتاز دراسته الابتدائية والثانوية بها، وتخصص في مجال التاريخ خلال دراسته بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة مرتيل (شمال).

والعفاقي، عضو بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث التابع للرابطة المحمدية للعلماء (حكومية)، وله العديد من المؤلفات في مجال تاريخ المغرب والأندلس، حيث يشكل كتاب «زقاق القناديل.. حارة الأندلسيين بالقاهرة»، المؤلف رقم تسعة في قائمة أعماله.