1202303
1202303
المنوعات

«الرحى» زمن يطحن الإنسان ويبدل مشاعر الحب النبيل إلى الحقد المرير !

23 ديسمبر 2017
23 ديسمبر 2017

خامس عروض مهرجان المسرح بمعية «الصحوة» المسرحية -

د.شبير العجمي: رسالتي من خلال العمل أن الكبت يولد الانفجار -

صحار - عامر بن عبدالله الأنصاري -

قدمت فرقة «الصحوة» المسرحية، خامس عروض مهرجان المسرح العماني السابع، بعمل عُنوِنَ بالرحى، للمؤلف العراقي عباس الحربي، والمخرج المبدع - الذي غاب عن ساحة المسرح 10 سنوات وعادة بقنبلة مسرحية - الدكتور شبير العجمي.

أبطال العمل الفنانة المبدعة - التي ألهبت حماس الجمهور- سميرة الوهيبية بدور العمة «هجران» والفنان الصاعدة بلقيس البلوشية بدور «عناية» ابنة أخ هجران، والفنانة أمينة جميل بدور والدة عناية، والفنان وليد الغداني بدور والد عناية.

تدور أحداث أول مشهد بحوار بين عناية، الفتاة اللطيفة التي تحب الخير والحياة والتفاؤل، وهجران وتربطهما علاقة حب وود ووفاء.

كانت للعمة هجران حبيب تنتظر أن يأتي بخطبتها، ولكنها مع مرور الزمن وموت والدها انكسرت، أولا لإصابتها بالجدري الى أدى إلى تساقط شعرها، وإلى بشاعة وجهها، وثانيا للحياة الذليلة التي عاشتها في بيت أخيها حيث غدت كالخادمة تلبي كل ما طلب وتطبخ وتخبز وتغسل الملابس وتكنس البيت، وتطحن بالرحى حبوب القمح وتطحنها الحياة القاسية.

تسمع عناية بأن الحبيب سيأتي لزيارتهم، وتقوم تُبشر العمة بأن الحبيب جاء ليخطبها، وتذكرها كيف كان يتغزل بها ذلك الحبيب، وتغني معها الأغاني التي كان يغنيها، وبعلبة سجائره التي احتفظت به العمة.

تسمع أم عناية الحوار، تقطعهم، تؤكد بأن حبيب العمة السابق جاء ليخطب عناية بدلا من العمة، ولكن عناية ترفض الفكرة وتقول أنها ستمثل عليه دور المجنونة حتى يصرف نظره عنها ويرجع للعمة.

تثور العمة، وتخرج بصورتها الأخرى المليئة بالحق والغضب والغيرة، وتسمم عناية بمشروب يجعلها تفقد القدرة عن التعبير، ينتفخ بطنها، فتتهمها العمة هجران أمام أهلها بأنها ضحية علاقة جنسية غير شرعية، مستدلة بعلبة السجائر الرجالية.

تدور الاحداث برتم متسارع لينتهي العمل بموت هجران وعناية في الوقت ذاته!

الجلسة النقدية

قدمت الدكتورة الكويتية نرمين الحوطي عقب العمل المسرحي تحليلا نقديا عن العمل، وذلك في الجلسة التعقيبية، التي جمعت الدكتورة نرمين ومخرج العمل الدكتور شبير العجمي وأدار الجلسة محمد الكندي.

بداية قالت الدكتورة نرمين: «أنوه عن شيء أنه من الممكن أن تمتلك شهادات ولكن من الصعب من يمتلك الشهادة ويوظفها في عمله، وهذا ما رأيته اليوم، فقد وظف مخرج العمل ما تلقاه من علم في المشاهدة الجميلة، وأولها احترامه للنص والمؤلف بأنه لم يخدش كلمات المؤلف أو أي مشهد ولكن بالرغم من هذا وضع رؤيته الإخراجية، فكل الشكر للمخرج».

وتابعت: «استخدام الموروث الشعبي مع الخرافات والحكايات الشعبية ودمجها وتوظيفها بصورة واقعية، هذا رقم واحد، ثانيا والأهم النقد الأدبي النسوي، تلك المدرسة الحديثة التي قامت على النقد الأدبي الذي أساسه نظريات تشمل كل المشاعر والسياسة وكل ما يخص عالم المرأة، واليوم أجلس وأشاهد من يعالج قضايا ومشاعر حسية بقلم رجل وبتكنيك رجل، أما الأدوات فهن نساء».

وأضافت الدكتورة نرمين: «عندي باقة ورد، أهدي منها وردة لمهندس الديكور، مدخل الباب كان على شكل المندوس، ولكن الداخل كفن أبيض، للوهلة الأولى اتضح أن هناك عرسا، ولكن هناك شاشة بيضاء، هل هي طرحة أم كفن».

وأضافت: «قام كل من المؤلف والمخرج باستخدام الدلالات، علم الدلالات كان جميلا جدا في العمل، بداية من أسماء الشخصيات (عناية) و (هجران) و(أم الفوزة)، فـ (عناية) عانت وسوف تعاني الأكثر، و(هجران) هُجرت من قبل وسوف تهجر أهلها بسبب الحب والغيرة».

وتابعت: «أهدي وردة كذلك للمؤلف، استخدامه للجمل الشعرية مثل المد والجزر، بين الشعر الحزين والمفرح».

وواصلت الدكتورة نرمين قائلة: «لست أبالغ، ولا لأجل أن المخرج دكتور، أول مشهد إلى دمج ما بين البنت والعمة، القوتين المتصاعدتين مع تطور الأحداث، بدأوا من نقطة واحدة، وهي الحب، ولكن أصبحت تلك القوتين متضادتان مع بعضهما في النهاية، ولكن أيضا جمعهما الموت، في البداية مع بعض والنهاية مع بعض، رغم الصراع الذي حدث ما بينهما».

واسترسلت بقولها: «آخر اربع صفحات من النص المكتوب للمسرحية كان مملا، من خلال كثرة السرد، ولكن على خشبة المسرح كان الحوار حركيا وكسر الملل الموجود في النص المكتوب، وهذه كذلك تُحسب للدكتور شبير، وكذلك في البداية كانت العمة من تقوم بالعمل على الرحى وفي النهاية تقوم أم البنت بالعمل على الرحى، يطحنها الزمن وعجلة الزمن، وهذا كذلك من علم الدلالات بالنسبة لي، وأهدي وردة لمهندس الإضاءة لأنه وظف الإضاءة مع تطور الحدث، بدأنا بالضوء البنفسجي الحزن، ثم الأخضر بداية الحدث والحب والإيقاعات ما بينهم».

وأهدت الدكتورة نرمين كذلك وردة لعزيزة البلوشية التي قامت بعمل المكياج، وأبدت ملاحظاتها على مدير الإنتاج منوهة إلى استخدام أدوات أفضل وأجود للمسرحيين، في إشارة منها إلى مكياج المستعمل لدى شخصية هجران التي بدت كمرأة دون شعر، حيث اتضح لون الشعر مع بداية تعرق الممثلة.

كما أشادت بمصممة الأزياء واختيار الألوان، وأبدت ملاحظتها على الموسيقى إذ كانت تتمنى لو كانت عربية، انطلاقا من الموروث العربي ودلالات العربية.

مشاركات الحضور

تحدث الكاتب هلال البادي في بداية المداخلات بقوله: «اتوقع أن الجمهور خرج اليوم وهو راضٍ عن العمل، العمل جميل برفقة المخرج شبير العجمي الذي افتقده المسرح فترة طويلة وعاد اليوم». وأشاد البادي بجمال العمل وقوة الممثلين وعلى رأسهم الفنانة سميرة الوهيبية، مؤكدا بأن البشاعة التي خرجت بها ـ بصورة امرأة دون شعر ولا جمال مليئة بحبوب الجدري- كان جمالا بالنسبة له.

واشار إلى هناك مشكلة باللغة العربية واتقانها لدى الممثلين. كما أشار إلى أن علبة السجائر كونت سؤالا حول الزمن الذي وقعت فيه الحكاية، وقال لو تم التخلي عن علبة السجائر لما وقعنا بذلك التساؤل. وبدوره قال الكاتب عبدالرزاق الربيعي: «أحيي المخرج لاختياره نصا مكتوبا بلغة شعرية به من الصراع الداخلي أكثر من الصراع الخارجي وهذا أمر صعب».

وأشار الربيعي إلى أن مكياج الجدري لم يكن واضحا لدى الجمهور ولكن من خلال دور هجران واتقان الفنانة للشخصية وصل إلينا معاناتها مع الجدري والامراض النفسية.

كما أشار بالنص، الذي وضع فيه الكاتب البطولة المطلقة للنساء، في حين يطلع الكثير من المخرجين نصوصا تخلوا من العناصر النسائية، حتى المخرجات كذلك، وذلك بسبب صعوبة العمل مع الممثلات وإجراء البروفات لعدة أسباب.

وحول علبة السجائر عقد الربيعي على ملاحظة هلال البادي، قائلا بأن النص لكاتب عراقي والقضية عراقية الهوية فالعلبة مهمة جدا لأن العمة تستدل من خلال تلك العلبة بوجود الرجل الغريب.

وحول كشف رأس هجران قال الربيعي هجران عندما كشفت عن رأسها وأزاحت الحجاب، فإنها كذلك كشفت عن الحقد والغيرة والانتقام الذي بداخلها، تقتل عناية انتقاما من أمها.

وتساءل الربيعي لماذا تم حذف فقرة في النص تقول فيها عناية «أبي لا تؤذي عمتي، انها انسان طيب، نحن من زرع لها الأنياب». ومن المداخلات ما قاله الدكتور عماد الشنفري، بأن دور هجران ودور عناية تم تأديتهما بشكل جيد، ولكن دور الأب والأم بحاجة إلى تمارين أكثر حتى يتكامل العرض، وتمنى لو تم توزيع الممثلين في المسرح. أما الدكتور سعيد السيابي فقد تساءل عن الرسالة، وأشار بالنص من الناحية الأدبية والشعرية.

رد المخرج

وعقب مخرج العمل الدكتور شبير العجمي، بقوله أن كبت الإنسان يولد الانفجار، وأنه ابتعد عن المسرح 10 سنوات ورجع الآن بهذا العمل، ولا يدري هل عمل الانفجار أم لا. كما أشار إلى أن رسالته «كبت الإنسان يولد الانفجار».

كما أكد بأن العمل أرهق الممثلين، ففيه الكثير من المشاعر، ولكي يصل الممثلون إلى تلك المشاعر ويعيشوها كثفت معهم البروفات، كما كان يخطط لوقت أطول من البروفات، إلا أن وقت الإعلان جاء متأخرا، مؤكدا بأن الجمهور ليس له علاقة بكل ذلك. واختتم حديثه مقدما شكره لفريق العمل وكل المساندين متمنيا أن تكون الرسالة قد وصلت.