أفكار وآراء

ضرورة الاهتمام بالسياحة الداخلية

23 ديسمبر 2017
23 ديسمبر 2017

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

[email protected] -

بالرغم من الجهود المضنية للجهات المعنية في جذب المزيد من السياحة الخارجية إلى البلاد، إلا أن السياحة الداخلية أصبحت اليوم تفوق ثلاثة أضعاف الإنتاج السياحي مقارنة بالسياحة الخارجية وفق البيانات الرسمية. فقد بينّت الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بأن إجمالي الإنتاج السياحي في السلطنة بلغ بنهاية العام الماضي 2016 نحو 1.2 مليار ريال عماني (3.12 مليار دولار أمريكي) منها 882.5 مليون ريال عماني جاء من السياحة المحلية وبنسبة 73.5%، فيما احتلت السياحة الخارجية المرتبة الثانية وبواقع 319 مليون ريال عماني، وبنسبة 26.5%. ورغم أن تكلفة السياحة الداخلية مكلفة في أسعارها من حيث الإقامة في الفنادق والشقق الفندقية وأسعار التذاكر وغيرها من أسعار الإقامة للسياح مقارنة بالدول المماثلة لنا التي تعمل هي الأخرى على جذب المزيد من السياح اليها، إلا أن السائح العماني والمقيم له دور كبير في تعزيز التوجهات السياحية الداخلية، وخاصة في فترات الإجازات الرسمية والأسبوعية، حيث أصبح من المعتاد أن ترى الكثير من العوائل والمجموعات تقوم بزيارات سياحية إلى مختلف المحافظات والولايات العمانية بعدما كانت تتخذ من الدول الأخرى توجهاً لها في هذا الشأن.

ووفقا لهذه الأرقام، فإن السياحة المحلية في السلطنة أصبحت المصدر الأساسي للإنتاج السياحي، حيث تشمل هذه الأرقام أيضا قيمة تذاكر السفر من مؤسسات الطيران المحلي ووكالات ومكاتب السفر والسياحة. وتبيّن هذه الأرقام أن حصة الطيران العماني ووكالات السفر من السياحة الداخلية تجاوزت 728.7 مليون ريال عماني أي بنسبة تزيد عن 60% في العام الماضي، بينما بلغت القيمة المضافة المباشرة 701.4 مليون ريال خلال نفس الفترة وبنسبة أقل قليلا من عام 2015. ويعزى هذا الارتفاع إلى نشاط النقل الجوي الذي شهد ارتفاعاً ملحوظاً في القيمة المضافة بنسبة 110% خلال السنوات الماضية اعتبارا من عام 2011، كما أن القيمة المضافة المباشرة لقطاع الخدمات الثقافية تضاعفت هي الأخرى، الأمر الذي يتطلب إبداء مزيد من الاهتمام بأنشطة النقل الجوي والخدمات الثقافية، خاصة وأن السلطنة تعتبر حقلاً للمقومات السياحية والثقافية وما تشتمل عليها من المقومات الأخرى التي تفتقدها الكثير من دول المنطقة.

وإذا تتبعنا السياحة الخارجية في هذا الشأن نرى أن الزوار القادمين من دول مجلس التعاون يحتلون قائمة الزوار الوافدين وبنسبة 49.6%، الأمر الذي يتطلب المزيد من الترويج وإعداد البرامج لجذب المزيد من السياح من الدول الخليجية سواء من أبناء دول المجلس أو المقيمين لها، فيما يأتي الزوار القادمون من الدول الآسيوية في المرتبة الثانية وبنسبة 20.7%، يليهم الزوار القادمون من أوروبا بنسبة 18.5%، ثم الزوار من الدول العربية بنسبة 5.9% ومن الدول الأخرى بنسبة 5.4% غالبيتهم من الأمريكتين وأوقيانوسيا. أما عدد الليالي التي قضاها السياح في البلاد وفقا للاحصاءات فقد بلغ في العام الماضي 16.5 مليون ليلة وبمعدل 7 ليال لكل سائح. ومن حيث السكن توضح الإحصاءات أن نسبة نزلاء الفنادق والشقق الفندقية من السياح الوافدين لأكثر من ليلة بلغ 46.6%، فيما هناك مجموعات من السياح مكثت مع أقاربهم وأصدقائهم بلغت نسبتهم 36.4%، بينما مكث 4% منهم في شقق مفروشة. ويبدو من الأرقام أن نسبة الزوار من الذكور تأتي في المقدمة، حيث بلغ إجمالي العدد 3.2 مليون سائح، منهم حوالي 2 مليون سائح من الذكور وبنسبة تزيد عن 62% من الزوار عام 2016، في حين بلغ عدد زوار الإناث 1.2 مليون سائح وبنسبة تزيد عن 37%. أما من حيث الإنفاق على خدمات وسائل الإيواء والسكن للسياحة الوافدة، فقد بلغت نسبتها 37.3% من إجمالي الإنفاق، فيما بلغت نسبة خدمات النقل الجوي 25.9%، ثم الإنفاق على خدمات تقديم الطعام والشراب بنسبة 14.9%، ثم التسوق بنسبة 11.1%.

ومن هذا المنطلق تقوم الجهات المعنية عن السياحة بوضع المزيد من البرامج لجذب مجموعات سياحية جديدة إلى السلطنة، فيما تعزز الشركات العاملة في مجال الطيران والسفر والسياحة في تعزيز هذه التوجهات من خلال تنظيم لقاءات مع وكلاء السفر والسياحة. وهذا ما تقوم به شركات الطيران من أجل تعزيز الحصة السوقية للقادمين سواء عبر الطيران العُماني أو السلام غيرها من الشركات الأخرى. ومؤخرا نظم الطيران العماني مثل هذا اللقاء من ممثلي السفر والسياحة في الدول الأجنبية، حيث تم التعريف لهم بجميع المبادرات المتميزة ضمن خطة الشركة في 2018، مع الإفصاح لهم عن آخر المستجدات والتوجهات المستقبلية للشركة، وكشف النقاب عن المنتجات والخدمات المزمع تدشينها في المستقبل إلى جانب الوجهات الجديدة خلال الفترة المقبلة. وهذا ما ستقوم به شركات الطيران الأخرى في المستقبل القريب كشركة السلام. وكما هو معروف فان الدور الذي يلعبه وكلاء السفر والسياحة يعد في غاية الأهمية، وهو أمر مكمل لما تقوم به شركات السياحة المحلية من حيث وضع البرامج التي يتطلع إليها السائح القادم من الخارج، ويعمل على ملء حجم المعروض من السعة المقعدية لشركات الطيران المحلية، الأمر الذي يتطلب الاستمرار في دفع عروض هذه الشركات والقيام بمزيد من الترويج والتسويق لجذب أكبر عدد من القادمين للسياحة والترفيه.

ومما لا شك فيه فإن العمل على الترويج الالكتروني في الوقت الحاضر من خلال الوسائل الالكترونية المتاحة وبلغات مختلفة أصبح في غاية الأهمية. ومن هنا تم تدشين الموقع الترويجي السياحي الجديد لوزارة السياحة مؤخرا تزامنا مع الفعاليات التي تمت في المؤتمر العالمي الثاني للسياحة والثقافة الذي عقد في السلطنة مؤخرا. وجاء هذا الموقع تحت عنوان experienceoman.om، ويختص بالسياحة العمانية وكل ما يتعلق بها من حيث الحصول على الخدمات والمعلومات. ويأتي في إطار جهود وزارة السياحة الرامية لدعم وتطوير القطاع السياحي في كافة المجالات وخصوصا في مجال استخدام المنصات الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعد الموقع الجديد نافذة مهمة يطل منها العالم للتعرف على المستجدات في كافة الأصعدة، ويتميز بكونه مترجما بست لغات ويحتوي على مقترحات للبرامج السياحية وقوائم الشركات السياحية والفنادق ومختلف الخدمات، وتقديم معلومات ثرية عن سياحة الحوافز والمؤتمرات. ولا شك أن مثل الخدمات تتيح مزيدا من المعلومات للباحثين والراغبين لزيارة السلطنة سواء من أجل السياحة أو التعرف والوقوف على مقومات البلاد وإمكاناتها التجارية والخدمية والسياحية. وهذا الموقع المتخصص هدفه في المقام الأول الترويج للسلطنة كوجهة سياحية فريدة بما تملكه من مقومات حضارية وتاريخية وطبيعية متميزة، بجانب تمكين السائح الحصول على جميع المعلومات الخاصة بالسياحة في السلطنة والاطلاع على المُستجدات بشكل مستمر، الأمر الذي يساهم بدوره في إثراء حركة السياحة إلى السلطنة والترويج لها بين السياح، والتعريف بالسلطنة وإبراز معالمها، إلى جانب كونها هوية تسويقية للسلطنة في العالم الرقمي والمصدر للرد على استفسارات والأسئلة وتقديم المبادرات والاقتراحات، خاصة وأن المنصات الالكترونية أصبحت اليوم الوسيلة الأمثل للوصول إلى الأسواق المستهدفة للترويج للدول وما تمتلكها من مقومات حضارية وثقافية كالسلطنة التي تتميز بالعديد منها في المنطقة، بجانب من تتمتع بها من جمال طبيعي ومن عادات وتقاليد وقيم أصيلة وثقافة متأصلة منذ القدم.